وسطاء يهندسون التفاهمات بين النظام والمعارضة على تغذية المناطق بالكهرباء والماء

آخرها فتح خط الغاز إلى محطة كهرباء في القلمون.. و«داعش» غير مستثنى

أفراد الدفاع المدني ينظفون منطقة في حمورية بريف دمشق من آثار الدمار الذي نتج عن القصف الذي طالها في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
أفراد الدفاع المدني ينظفون منطقة في حمورية بريف دمشق من آثار الدمار الذي نتج عن القصف الذي طالها في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

وسطاء يهندسون التفاهمات بين النظام والمعارضة على تغذية المناطق بالكهرباء والماء

أفراد الدفاع المدني ينظفون منطقة في حمورية بريف دمشق من آثار الدمار الذي نتج عن القصف الذي طالها في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
أفراد الدفاع المدني ينظفون منطقة في حمورية بريف دمشق من آثار الدمار الذي نتج عن القصف الذي طالها في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)

توصلت قوات النظام وقوات المعارضة السورية إلى اتفاق يقضي بسماح المعارضة بمرور الغاز عبر مناطق سيطرتها في ريف دمشق الشرقي إلى محطة كهرباء الناصرية التابعة للنظام في دمشق، مقابل إعادة النظام الكهرباء إلى مدن وبلدات القلمون الشرقي والإفراج عن معتقلين منها، كما ذكر ناشطون سوريون.
ويعد هذا الاتفاق جزءًا من اتفاقات كثيرة يعقدها النظام مع المعارضة، عبر وسطاء ووجهاء، تشمل تشغيل محطات المياه ومحطات الكهرباء، وتمرير خطوط الغاز والنفط عبر مناطق سيطرة المعارضة، نظرًا إلى «المنفعة المشتركة والمصالح الحيوية لكلا الطرفين»، كما يقول مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاتفاقات «تشمل النظام وتنظيم داعش أيضًا».
ويقول عبد الرحمن إن قضية التغذية الكهربائية وتغذية المدن بمياه الشفة «تشهد تنسيقًا بين قوات النظام والفصائل العسكرية المعارضة منذ بدايات الأزمة السورية»، مشددًا على أن هذا التنسيق «غالبًا ما يتم عبر وجهاء ووسطاء وفاعليات اجتماعية في المناطق، كون الأمر يرتبط بمصالح الطرفين وحاجاتهما إلى التغذية الكهربائية والمياه».
ويقول ناشطون سوريون إن موظفين يتقاضون رواتبهم من النظام «يصلحون الأضرار التي تلحق بمحطات الكهرباء أو خطوط التغذية بالغاز في مناطق يسيطر عليها معارضون في حال لم يتوفر فريق صيانة من قبل المعارضة لإصلاحها»، مشيرين إلى أن ذلك «يتم وفق تفاهمات وشروط مع الفصائل المسلحة، ولا يستطيع النظام رفضها، لأن المعارضة تستطيع أن تضغط عليه من مناطق سيطرتها، بقطع المياه أو الكهرباء أو الغاز». واضطر النظام في الصيف الماضي إلى الاستجابة لطلبات المعارضة في ريف دمشق الغربي، بعد قطع مياه الشرب عن محافظة دمشق في نبع فيجي القريب من الزبداني، لقاء إعادة ضخ المياه إلى العاصمة.
ويشير عبد الرحمن إلى أن التفاهمات «تشمل تنظيم داعش والنظام أيضًا»، موضحًا أن التنظيم «يسيطر على خطوط الغاز في شرق سوريا التي تغذي محطات الكهرباء في حمص والساحل السوري، وهو ما يضطر النظام إلى إمداد مناطق سيطرة التنظيم بالكهرباء، مقابل ضخ الغاز إلى محطات توليد في مناطقه».
وتسيطر المعارضة السورية على جزء كبير من محطات توليد الكهرباء في شمال سوريا، وعلى خطوط إمداد الغاز إلى محطات أخرى موجودة في الساحل وريف دمشق والعاصمة السورية الخاضعة لسيطرة النظام.
وفي ظل حاجة النظام الملحة إلى الكهرباء التي انقطعت ساعات طويلة الأسبوع الماضي عن العاصمة السورية، أفاد «مكتب أخبار سوريا» أمس بأن لجنة شكلت من مدينتي جيرود والرحيبة وقرية الناصرية الخاضعة لسيطرة المعارضة في القلمون الشرقي بريف دمشق، تفاوضت مع النظام لتمرير خط الغاز مقابل الإفراج عن معتقلات المنطقة خلال يومين، والإفراج عن باقي المعتقلين وفق جدول زمني متفق عليه، وتنفيذ جميع مطالب الأهالي «المشروعة»، الطبية والخدمية والإغاثية، وإعادة مراكز الامتحانات الأساسية والثانوية إلى داخل هذه المناطق.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن مصدر قوله إن الاتفاق تم بين قيادة الفرقة الثالثة التابعة لقوات النظام ووجهاء المنطقة الذين نسقوا بدورهم مع فصائل المعارضة، مؤكدا أن صمام الغاز فتح الأحد إلى محطة الناصرية المتوقفة عن العمل منذ أكثر من سنة، ووصل الغاز إليها، مشيرا إلى أن المتخصصين توقعوا عودة الكهرباء اليوم، بعد انقطاعها منذ ثلاثة أيام بشكل تام عن الرحيبة وجيرود والناصرية.
ويمر خط الغاز بجوار مدن وبلدات القلمون الشرقي، وتعرض لأعطال نتيجة الاشتباكات أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الفائتة، وكان تنظيم «داعش» مسؤولاً عن تعطيله في إحدى المرات، فيما يشكل ورقة ضغط على النظام لتحقيق مطالب فصائل المعارضة وأهالي المنطقة، والتي تقوم بدورها بالضغط عليهم عبر قطع الكهرباء والحصار لإجبارهم على السماح بإصلاحه، ومرور الغاز فيه إلى المحطات الكهربائية الحكومية.
وتعاني سوريا من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بعد خروج محطات توليد الكهرباء عن الخدمة، بينها محطة زيزون في سهل الغاب بريف حماه الغربي.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.