تصميم صوت كومبيوتري.. يروق للناس

نظم التفاعل الصوتي تدخل في السيارات واللعب والمستلزمات المنزلية

باحث في مختبر «واطسون» في شركة «آي بي إم»
باحث في مختبر «واطسون» في شركة «آي بي إم»
TT

تصميم صوت كومبيوتري.. يروق للناس

باحث في مختبر «واطسون» في شركة «آي بي إم»
باحث في مختبر «واطسون» في شركة «آي بي إم»

إذ كان من الممكن لأجهزة الكومبيوتر أن تتكلم، فلأي مدى سيكون الصوت قريبا من صوت البشر؟
حاول ستة من اللغويين والمهندسين والمسوقين بشركة «آي بي إم» عام 2009 الإجابة عن هذا السؤال عندما شرعوا في مهمة تحويل النص المكتوب إلى صوت، وكان ذلك خصيصا لنظام «واطسون» للذكاء الصناعي.
* تفاعل صوتي
وبعد ذلك بثمانية عشر شهرا، أنتجت الشركة صوتا متقنا، قد لا يتطابق كليا مع الصوت البشري، لكنه ليس مثل صوت الشخصية الخيالية «هال 9000» الذي سمعناه في فيلم «سبيس أوديسي 2001» (ملحمة الأوديسا الفضائية)، بيد أن الصوت عبّرَ عن الشخصية الصناعية لنظام «واطسون».
تمثل التحدي لإنتاج «شخصية» عبر الكومبيوتر في أنه الآن وفي ظل انتشار أجهزة الكومبيوتر المحمولة، وبعدما أصبحت أيادي الناس وعيونهم مشغولة دوما، فإن عددا من مصممي البرامج أصبحوا يتصارعون لإنتاج كومبيوتر يعتمد على التفاعل الصوتي.
بمقدور الماكينات أن تسمع وتفهم وتتحدث، فالأمر ليس مقتصرا على أجهزة الكومبيوتر أو الهواتف الذكية، حيث أضيف الصوت إلى كثير من الأجهزة التي نستخدمها يوميا مثل السيارات واللعب والمستلزمات المنزلية التي تعتمد على المعلومات مثل أدوات المطبخ، والروبوت المنزلي «جبو»، وتطبيق أمازون الصوتي «أليكسا» الذي يحاكي صوت مستخدمه.
ظهر علم تصميم جديد يهدف إلى تطوير برامج للمحادثة بالكومبيوتر بمقدورها فهم اللغات والأحاديث البشرية، وتستطيع الاستجابة للأوامر الصوتية للإنسان. غير أن إنتاج تلك الأنظمة، بواسطة باحثين في مجال يعرف بتصميم تفاعل الكومبيوتر البشري، لا يزال يعد مجرد فن أو علم غير مطبق.
ولا يزال من غير الممكن إنتاج صوت كومبيوتري لا يمكن تمييزه عن الصوت البشري، باستثناء ذلك الصوت المستخدم في العبارات المختصرة مثل النشرة الجوية أو تعليمات قيادة السيارة.
وقد اعترف أغلب مصممي البرامج أنهم ما زالوا يواجهون مشكلة تخطي ما يعرف بـ«وادي العجائب»، حيث تبدو الأصوات منفرة ومزعجة، رغم أنها تشبه إلى حد بعيد الأصوات البشرية. وتعود عبارة «وادي العجائب» إلى صانع أجهزة الروبوت الياباني «ماشيرو موري» التي استحدثها عام 1970، حيث لاحظ المبتكر الياباني اقتراب الرسوم من محاكاة النماذج الآدمية إلى حد بعيد، إلا أن هناك نقطة معينة تتشوه عندها تلك الصور ثم تتحسن، بحيث لا يمكن تمييزها عن المقاطع المصورة للبشر الحقيقيين.
* سمات بشرية
والشيء نفسه ينطبق على المقاطع الصوتية. وقال بريان لانغر، كبير خبراء الصوت بأحد معاهد التكنولوجيا في ولاية سان فرنسيسكو التي أنتجت برامج صوتية رقمية لمنتجات مثل دمية «باربي»، إن «كلمة مزعج هي الأنسب»، مضيفا: «عندما تجيد الماكينات إنتاج بعض هذه الأصوات، يعتقد الناس أنها سوف تنجح في إنتاج جميع الأصوات بالجودة نفسها».
وبغض النظر عن النطق الصحيح، يكمن التحدي الأكبر في إضافة السمات البشرية بشكل صحيح مثل علم الصرف والانفعال إلى الحديث. يؤكد اللغويون أهمية إضافة «علم العروض» للحديث بوضع «شدة» في المكان الصحيح واستخدام النغمة والعاطفة في الكلام المنطوق.
اليوم ورغم التقدم الذي تحقق فلا يزال من غير الممكن إضافة المشاعر الثرية بشكل كامل إلى الأحاديث البشرية من خلال الذكاء الصناعي. فبعد استخدام خوارزميات تعليم الكومبيوتر وبعد اللجوء إلى قاعدة ضخمة من بيانات المشاعر الإنسانية التي توظف في الحديث، أصبحت أول نتائج الأبحاث التجريبية جاهزة لخبراء الأحاديث الصوتية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».