تهديد عربي لحجب القنوات المسيئة للدول أو الرموز السياسة

قالوا إن العقود تتضمن عدم الإساءة للكيانات أو الأشخاص وإن الهدف الأساسي إثراء المعرفة وتبادل الثقافات

جانب من معرض كابسات المتخصص في البث التلفزيوني والمحتوى المرئي الذي عقد في مدينة دبي مؤخراً («الشرق الأوسط»)
جانب من معرض كابسات المتخصص في البث التلفزيوني والمحتوى المرئي الذي عقد في مدينة دبي مؤخراً («الشرق الأوسط»)
TT

تهديد عربي لحجب القنوات المسيئة للدول أو الرموز السياسة

جانب من معرض كابسات المتخصص في البث التلفزيوني والمحتوى المرئي الذي عقد في مدينة دبي مؤخراً («الشرق الأوسط»)
جانب من معرض كابسات المتخصص في البث التلفزيوني والمحتوى المرئي الذي عقد في مدينة دبي مؤخراً («الشرق الأوسط»)

قال مسؤولون في شركات بث فضائي عربية إن قوانين شركاتهم تمنع المساس والإساءة إلى حكام أو رموز سياسة أو إلى دول، مشيرين إلى أنهم لا يتدخلون في المحتوى ولا يحجبون أي قنوات إلا بعد مخالفة تلك القنوات للشروط والقوانين التي تتضمنها العقود والتي تحتوي على بنود عدم الإساءة أو المساس بالأشخاص أو الكيانات الاعتبارية.
وأكدوا أن منطقة الشرق الأوسط تشهد نموًا في الطلب على بث القنوات الفضائية، وهو ما يجعل شركاتها في تسارع لتوفير الاحتياجات لهذا الطلب المتنامي، إلا أنهم شددوا على أن ذلك لا يعني أنهم يسمحون لمخالفة عقودهم بتوجيه رسائل كراهية أو تحريض أو إرهاب غير مباشر، وحتى إن كانت تلك القنوات تتبع للقطاع الخاص، حيث إن الهدف الأساسي بخلاف الشق التجاري يتضمن زيادة المحتوى العربي أو الموجهة للمنطقة لإثراء المعرفة بشكل عام.
وقال المهندس نبيل الشنطي نائب الرئيس التنفيذي للتسويق والمبيعات في المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عربسات) إن المؤسسة لديها تعامل مع الدول بحكم أنها تحت مظلة جامعة الدول العربية، ولكن عمل المؤسسة يشمل التعامل مع شركات القطاع الخاص، سواء شركات إعلامية أو شركات اتصالات، موضحًا أنها تعمل مع تلك الشركات وفق شروط للعقود بألا تسيء للدول أو الأشخاص أو الرموز السياسة أو الدينية، وأن يكون هناك نبذ للتطرف والعنف.
وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» خلال معرض متخصص في مدينة دبي الإماراتية أنه «إذا أخلت إحدى القنوات بهذه الشروط ستكون هي المتسببة وتكون هي من أخلت بالعقد، حيث توجد بعض القنوات أخلت بالعقد واضطررنا لإيقاف الخدمة عنها، دون أي ضغط».
وزاد: «نحن لا نراقب المحتوى ولكن متى ما تأتي لنا ملاحظة من السوق أو الشكاوى التي تصل لنا، يتم متابعة تلك القنوات وتتم مطابقة الشكاوى وفقًا للعقود المبرمة مع تلك القنوات، وهو ما يأتي ضمن رسالتنا الإعلامية وهي المحافظة على توحيد المنطقة العربية وتبادل الثقافات بين الشعوب العربية، وليس الصراعات السياسة أو الطائفية التي تهدد المنطقة هذه الأيام».
وكان الدكتور عادل الطريفي وزير الإعلام السعودي أكد قبل أيام أن سبل مكافحة القنوات التي تبث التفرقة والطائفية، سيكون حجبها، مع ملاحقة من يحاول تسويق خطابات التفرقة، مؤكدًا وجود اتصال مع الوسائل المحلية والخارجية للتشاور حيال سبل التصدي للجرائم التي تنفذها الميليشيات الإرهابية.
وشدد الطريفي على أن كل إعلام يرتبط بحزب الله يعتبر إعلامًا ممولاً من قبل منظمات إرهابية، وأن دول الخليج ستقف بكل حزب تجاه أي إعلام يتعلق بحزب الله، مؤكدًا عدم وجود تنظيمات تروج لحزب الله الإرهابي إعلاميا في السعودية، ودعا إلى أن تكون المؤسسات العربية الإعلامية واعية بمخاطر حزب الله، وأن تعمل على عدم بث خطابه ثقافيًا وإعلاميًا.
في المقابل قال حمد المناعي المدير التنفيذي للشؤون التجارية في الشركة القطرية للأقمار الصناعية «سهيل سات» إن من ضمن الشروط الأساسية للشركة أن لا تتعرض القنوات بأي شكل من الأشكال للإساءة لدول أو لأشخاص وأي تطرف أو إساءة فإن الشركة لا تسمح به، وقال: «من بداية التعاقد شروطنا واضحة بأن لا أحد يمس خصوصية دول أو أشخاص أو غيرها، وإلا سيتم إيقاف بثه».
وأشار المناعي إلى أن «سهيل سات» تستعد حاليًا لإطلاق القمر الثاني لها والذي سيحمل تقنيات جديدة مع وجود خطة استراتيجية خلال عشر سنوات سيكون لدى الشركة أسطول من الأقمار الصناعية، وسيكون إطلاق القمر الجديد في نهاية العام الحالي، مع بناء المحطة الأرضية، والتي ستكون في قطر بالمنطقة الشمالية من العاصمة الدوحة، وهي التي تأتي لتلبية تنامي الطلب على خدمات البث الفضائي، ومؤكدًا أن سعات القمر الصناعي «سهيل1» اكتملت فيه السعات.
وبالعودة إلى المهندس الشنطي نائب الرئيس التنفيذي للتسويق والمبيعات في المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عربسات) أكد أنه رغم المتغيرات التي تحدث في قطاع البث التلفزيوني مع دخول الإنترنت في المنافسة، فإن البث الفضائي يظل هو العمود الفقري للمحتوى المرئي، وهو العنصر الأساسي للتلفزيون، ولن يكون هناك أي تغيرات خلال الخمس سنوات مقبلة، ولن يكون هناك تفوق لوسيلة على أخرى.
وقال إن القمر الجديد الذي تم إطلاقه في نهاية العام الماضي سيدخل الخدمة خلال أشهر قليلة، وسيتضمن قنوات تلفزيونية، إضافة إلى خدمات الاتصالات المختلفة.
وسبق لشركات عربية للبث الفضائي أن حجبت قنوات فضائية مسيئة لدول، بعد أن أخلت بشروط العقد، ضمن إطار مطالبات شعبية ورسمية بحجبها نظرًا لخطاب الكراهية والإساءة لدول ورموز شخصية مما اعتبر مخالفًا لعقود البث الفضائي مع تلك الشركات.
يذكر أن «عربسات» تقدم خدماتها لدول العالم العربي، حيث تحمل ما يزيد على 500 قناة تلفزيونية و200 محطة إذاعية وشبكات التلفزيون المدفوع، إضافة إلى مجموعة من قنوات عالية الوضوح، وتصل إلى أكثر من 100 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا ووسط آسيا، ويتابعها ما يزيد على 170 مليون مشاهد في 21 دولة عربية بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمؤسسة.
في حين تأسست «سهيل سات» الشركة القطرية للأقمار الصناعية في عام 2010، ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة القطرية الدوحة، وتمتلك وتشغل الأقمار الصناعية لتقديم خدمات البث التلفزيوني وخدمات الاتصالات للقطاع الخاص والحكومي.



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.