الحكومة اللبنانية تعود إلى المطامر لحل أزمة النفايات

على وقع مظاهرات شعبية هددت بالتصعيد

الحكومة اللبنانية تعود إلى المطامر لحل أزمة النفايات
TT

الحكومة اللبنانية تعود إلى المطامر لحل أزمة النفايات

الحكومة اللبنانية تعود إلى المطامر لحل أزمة النفايات

قررت الحكومة اللبنانية يوم أمس السبت وعلى وقع مظاهرات شعبية حاشدة حل أزمة النفايات المتراكمة في الشوارع والمناطق منذ 8 أشهر من خلال اعتماد خيار المطامر بعد سقوط خيار الترحيل، مقدمة مبالغ مالية كبيرة للبلديات التي وافقت على تقديم أراض لهذه الغاية.
ومن المقرر أن تبدأ عملية إزالة أرتال النفايات المتراكمة والتي نقلت لبنان إلى العالمية في الأيام الماضية مع تصدر صورها شاشات التلفزة والصحف الأميركية، خلال الساعات القليلة المقبلة.
وأكّد ناشطو المجتمع المدني رفضهم للحل الذي اعتمدته الحكومة وللعودة إلى «مطامر الموت». وبعد مسيرة شاركت فيها مجموعات «طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب» و«حلوا عنا» و«حزب الكتائب»، بعنوان «الإنذار الأخير» انطلقت من ساحة ساسين إلى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، قالوا: إن «الإنذار انتهى» وإنّهم سوف يشلون الاثنين الحركة في البلد، مطالبين الأهالي بعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس لأنهم سيغلقون كل الطرقات من أجل صحتهم ومستقبلهم.

وأضافوا: «لن نغادر الساحة وندعو رئيس الحكومة تمام سلام لأن يطلع اللبنانيين على الخطة بالتفاصيل مع المراسيم التطبيقية اللازمة.... ولن نقبل بأقل من خطة بيئية وشفافة من دون سرقة وصفقات». واعتبروا أن «السياسيين يريدون إعادة الأمور إلى سوكلين للاستمرار في السرقة»، مستهجنين كيف أن الأحزاب التي كانت ضد سوكلين عادت ووافقت عليها اليوم.
وقال أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» إنهم يتجهون لنصب الخيم في ساحة رياض الصلح احتجاجا على القرار الحكومي.
وأعلن وزير الإعلام رمزي جريج بعد جلسة ماراثونية للحكومة استمرت نحو 7 ساعات أن مجلس الوزراء، وافق على «خطة مرحلية» لحل مشكلة النفايات مدتها 4 سنوات، تقضي بإنشاء مركزي معالجة في منطقتي برج حمود، الجديدة - البوشرية ونهر الغدير، وبإعادة فتح مطمر الناعمة مؤقتا، وصرف حوافز مالية للبلديات الواقعة في نطاق المطمر بقيمة 50 مليون دولار.
وقد اعترض وزراء الكتائب على خطة النفايات مع تأكيدهم على ضرورة رفعها من الشوارع وقد وصفهم رئيس الحكومة تمام سلام خلال الجلسة الحكومية بوزراء المعارضة.
وسبق أن فشلت مبادرات عدة للحكومة لحل الأزمة سواء عبر إقامة مطامر جديدة أو ترحيل النفايات إلى خارج البلاد أو الاعتماد على المحارق. فتلك الحلول لاقت اعتراض المجتمع المدني والجمعيات البيئية خشية الأضرار البيئية الناتجة منها.
وكانت حملة «طلعت ريحتكم» المدنية، إحدى المجموعات التي نظمت احتجاجات ضد أزمة النفايات خلال الصيف، نشرت قبل أيام شريط فيديو فاضحا يظهر جبالا من النفايات مكومة على الطرق وعند الشواطئ وبين الأشجار في بيروت ومحيطها. ودعت اللبنانيين إلى المشاركة في مظاهرة السبت بعنوان «الإنذار الأخير».
ولبى أكثر من ثلاثة آلاف شخص الدعوة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية» وتظاهروا في وسط بيروت. وحمل المتظاهرون شعارات تطالب بـ«إسقاط الحكومة»، وهتفوا «الشعب يريد إسقاط النظام» و«ثورة ثورة» و«يسقط يسقط حكم الأزعر». وارتدى البعض قمصانا كتب عليها «حكومة الزبالة».
ويتهم ناشطون الطبقة السياسية في لبنان بأنها تتعمد تأخير التوصل إلى حل للأزمة كونها تبحث عما يتيح لها تقاسم العائدات المالية لأي خطة لجمع النفايات ومعالجتها.
وعمدت الحكومة منذ بدء الأزمة إلى جمع النفايات المنتشرة في شوارع بيروت وضواحيها ورميها في مكبات عشوائية تحولت مع مرور الوقت إلى جبال تزنر العاصمة والضواحي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».