مظاهرات حاشدة في بيرو ضد ترشح فوجيموري للرئاسة

بعد استبعاد اثنين من أبرز منافسيها من السباق

مظاهرات حاشدة في بيرو ضد ترشح فوجيموري للرئاسة
TT

مظاهرات حاشدة في بيرو ضد ترشح فوجيموري للرئاسة

مظاهرات حاشدة في بيرو ضد ترشح فوجيموري للرئاسة

تظاهر الآلاف من مواطني بيرو في وسط العاصمة ليما أول من أمس لمطالبة اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية بمنع كيكو فوجيموري، متصدرة السباق إلى الرئاسة، من خوض الانتخابات المقررة الشهر المقبل، وذلك بعد أن استبعدت اللجنة اثنين من منافسيها الأقوياء.
وقال المحتجون إن السياسية التي تنتمي إلى تيار يمين الوسط، والتي تتصدر نتائج استطلاعات الرأي، يجب أن تستبعد بسبب صور ولقطات فيديو تظهر فيها مع مرشح آخر وهما يقدمان هدايا وجوائز خلال تجمعات انتخابية، وهو ما قد يمثل انتهاكا لقانون جديد يجرم شراء الأصوات، وقد بدأت السلطات الانتخابية تحقق في صحة هذه الاتهامات.
ورفضت فوجيموري، البالغة من العمر 40 عاما، وهي ابنة الرئيس السابق ألبرتو فوجيموري المحبوس حاليا، هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها «مجرد هراء». كما لم يرد المتحدث باسمها على الفور على طلبات بالتعليق على هذا الموضوع الحساس.
واستبعدت اللجنة الانتخابية أحد منافسي فوجيموري يوم الأربعاء الماضي بسبب تقديمه أموالا لناخبين فقراء خلال جولاته الانتخابية، كما استبعدت جوليو جوزمان، الذي يعد أقوى منافسيها من السباق، وذلك بسبب عدم التزام حزبه بالإجراءات الانتخابية، وهو الإجراء الذي وصفه بأنه «تزوير» يهدد شرعية الرئيس المقبل.
من جهتها، نفت اللجنة الانتخابية ارتكاب أخطاء، أو وجود تحيز سياسي. فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية بهذا الخصوص إنها تتابع عن كثب العملية الانتخابية في بيرو، وإن سفيرها تحدث مع جوزمان.
وردد المتظاهرون هتافات متنوعة منددة بمتصدرة السباق إلى الرئاسة، من بينها «أوقفوا كيكو» عند مقر اللجنة الانتخابية، التي أصدرت بيانا تحث فيه وسائل الإعلام على «المساهمة في إشاعة أجواء سلمية». فيما قال خورخي رودريغيز، وهو أحد المنظمين بمجموعة تسمى «لا لفوجيموري مرة أخرى»، إن «المواطنين ينتفضون لتقول كفى لهذه المخالفات، ولطموح فوجيموري للعودة إلى السلطة».
وكانت فوجيموري قد خسرت معركتها الأولى نحو الرئاسة بفارق ضئيل في انتخابات عام 2011، لكنها تتصدر منذ فترة نتائج استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات المقررة هذا العام. وقد ورثت فوجيموري قدرا كبيرا من التأييد عن أبيها، الذي ينسب له كثيرون الفضل في إنهاء تمرد دموي وإصلاح الاقتصاد خلال فترة التسعينات من القرن الماضي. لكن كثيرا من مواطني بيرو يكرهون ابنته لصلتها بحكومته القمعية.
ويقضي ألبرتو فوجيموري، الذي جعل كيكو سيدة البلاد الأولى حين كان عمرها 19 عاما بعدما طلق والدتها، عقوبة السجن لمدة 25 عاما بتهمة انتهاك حقوق الإنسان والفساد.
وقدر شاهد عدد المحتجين، وأغلبهم من الشباب والمراهقين، بما يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف شخص، واتسمت المظاهرة في أغلبها بالسلمية، وجاءت في أعقاب مظاهرات مماثلة في مدينة كوسكو بمنطقة جبال الإنديز، تسببت في إلغاء تجمع انتخابي لها يوم الخميس الماضي.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في 10 أبريل (نيسان) المقبل، لكن قد تجرى جولة إعادة في 5 يونيو (حزيران) المقبل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.