فنزويلا: المعارضة تنظم مظاهرات في العاصمة لتنحية الرئيس مادورو

بعد سعيها إلى تنظيم استفتاء لعزله وإجراء تعديل دستوري لتقليص ولايته

فنزويلا: المعارضة تنظم مظاهرات في العاصمة لتنحية الرئيس مادورو
TT

فنزويلا: المعارضة تنظم مظاهرات في العاصمة لتنحية الرئيس مادورو

فنزويلا: المعارضة تنظم مظاهرات في العاصمة لتنحية الرئيس مادورو

بدأت المعارضة الفنزويلية مدعومة بغالبيتها البرلمانية أمس «تحركها للضغط الشعبي»، بهدف عزل الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، داعية الناس إلى التظاهر بكثافة.
ودعا ائتلاف «الطاولة المستديرة للوحدة الديمقراطية» الواسع، الذي يجمع اليسار المعتدل واليمين المتشدد، والذي يريد استخدام كل الوسائل المتوفرة لديه، مناصريه في كاراكاس وداخل 15 ولاية من الولايات الـ23 في هذا البلد الأميركي الجنوبي إلى التظاهر أمس، حيث شدد النائب المعارض فريدي غيفارا على «أن وجود الشعب في الشارع ضروري بطريقة سلمية»، آملا في تجنب ما حصل أثناء المظاهرات المناهضة للحكومة في 2014. حيث انتهت بسقوط 43 قتيلا، بحسب الحصيلة الرسمية في هذا البلد.
وبالرهان على الشارع يبحث الفريق الخصم للرئيس مادورو عن دعم له وزن للإجراءين، اللذين أطلقهما هذا الأسبوع سعيا لتقليص ولاية رئيس الدولة، حتى وإن كان الاحتمال ضئيلا في التوصل إلى نتيجة.
وفي هذا البلد النفطي، الذي يعاني من تدهور أسعار الخام، وحيث يعاني الشعب يوميا من تضخم متسارع ونقص خطير، تعمل المعارضة في اتجاهين لدفع نيكولاس مادورو على الرحيل بأسرع وقت: تنظيم استفتاء لعزله، وإجراء تعديل دستوري لتقليص مدة ولايته.
لكن هاتين الخطوتين تتطلبان الضوء الأخضر من مؤسسات تعرف بأنها مقربة من الحكومة، أي محكمة العدل العليا والمجلس الوطني الانتخابي، لذلك تم اللجوء إلى المظاهرات لممارسة ضغط شعبي.
ولذلك اعتبر فريدي غيفارا «أن أفضل خروج لمادورو هو أن يسمح بحل سياسي، وأسرع طريقة لذلك هي الاستقالة».
إلا أن هذا الخيار يرفضه المعني بشكل قاطع، إذ صرح رئيس الدولة هذا الأسبوع «لن تتخلصوا من مادورو»، مستعيدا الأسلوب الطنان الذي تميز به سلفه ومرشده الرئيس المتوفى هوغو شافيز «مادورو هو الشعب وهو الثورة، ألا تدركون ذلك؟». وأضاف مادورو بلهجة متحدية «أدعو شعب فنزويلا للخروج إلى الشوارع السبت (أمس) في مسيرة كبرى مناهضة للإمبريالية، وللقول لا لمرسوم أوباما.. وللقول للعالم إن فنزويلا وطن سيمون بوليفار لا تستسلم».
لكن رغم موقف التحدي، الذي يعتمده الرئيس الاشتراكي وعرقلة التصديق على إصلاحاتها من قبل مؤسسات معروفة بأنها مقربة من الحكومة، تراهن المعارضة على الاستياء الشعبي لمواجهة نيكولاس مادورو، وهذا الاستياء هو الذي سمح لها بتحقيق فوز تاريخي في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في الانتخابات التشريعية لتستحوذ بذلك على غالبية واسعة في البرلمان.
واعتبر المحلل لويس فيسنتي ليون في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن الاستياء من السياسة الشافيزية بات الشعور المهيمن لدى الفنزويليين، موضحا «أن ما لا يستطيعون فعله لا الحكومة ولا محكمة العدل العليا، ولا المجلس الوطني الانتخابي، هو تغيير واقع»، مضيفا: «إن غالبية الشعب تريد تغييرات، وغالبية الشعب ليس شافيزيا وفي حال إجراء عملية انتخابية ستكسب المعارضة».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.