اشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين بعد سلسلة هزائم في تعز

«الشرعية» تفك الحصار عن «وادي الضباب»

اشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين بعد سلسلة هزائم في تعز
TT

اشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين بعد سلسلة هزائم في تعز

اشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين بعد سلسلة هزائم في تعز

انهارت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، أمس، مع تسارع وتيرة الأحداث والتطورات الميدانية في غضون الساعات الأربع والعشرين الماضية في محافظة تعز اليمنية، في الوقت الذي استمرت فيه التهدئة على الحدود اليمنية - السعودية، في إطار اتفاق التهدئة، في حين سادت حالة من الهدوء في جبهات القتال بالمحافظات الأخرى.
وتمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من تحرير عدد كبير من المناطق والمواقع المهمة والاستراتيجية التي كانت تحت سيطرة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، في غرب تعز، فيما لاذ المتمردون بالفرار إلى مناطق ومحافظات مجاورة وخلفوا وراءهم كميات كبرى من الأسلحة والمعدات العسكرية، إضافة إلى المئات من القتلى والجرحى والأسرى.
وأعلنت قوات الجيش السيطرة الكاملة على الجهة الغربية للمدينة، بعد تساقط المواقع واحدا تلو الآخر، إثر انهيار كبير في صفوف تحالف ميليشيات الحوثي - صالح، التي تحاصر مدينة تعز منذ أكثر من ثمانية أشهر، وخلف حصارها مأساة إنسانية في هذه المحافظة، فقد كانت المدينة توشك على الدخول في مرحلة المجاعة، وقد توفي كثير من المواطنين، وتحديدا النساء والأطفال وذوي الأمراض المزمنة، جراء نقص الأدوية والمعدات الطبية وأسطوانات الغاز، طوال الأشهر الماضية، في هذه المحافظة التي تعد الأكبر في اليمن من حيث عدد السكان.
وقد جاءت هذه التطورات الميدانية والتقدم الكبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في إطار عملياتهما لتحرير تعز، بعد أسابيع قليلة من استقبال المقاومة والجيش لدفعات من القوات اليمنية التي جرى تدريبها في قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية في محافظة لحج الجنوبية المجاورة.
وقد استقبل سكان المناطق والأحياء المحررة قوات الشرعية بالأهازيج والتكبيرات وبالورود والفل، وذلك احتفاء بزوال كابوس الميليشيات عن حياتهم، كما قال أحد المواطنين في بئر باشا، لـ«الشرق الأوسط»، ضمن شهادات أدلى بها مواطنون، حول المعارك، التي أكدوا أنها كانت شرسة وعنيفة، وأن مقاتلي الشرعية خاضوها بشجاعة، وقد كانت أولى الخطوات التي أقدم عليها المواطنون من سكان تعز، عقب تحرير تلك المناطق هي القيام فورا بإحراق شعارات ميليشيات الحوثيين، التي تمجد زعيم الحركة، عبد الملك الحوثي ومؤسسها شقيقه الكبير حسين بدر الدين الحوثي، وشعار «الصرخة»، الذي يدعو بالموت لأميركا ولإسرائيل، وهو الشعار الذي احتلت تحت رايته الميليشيات المحافظات اليمنية.
وعلى خلفية الانهيارات في صفوفهم، شهدت منطقة مفرق الذكرة، باتجاه منطقة الحوبان ومطار تعز، شرق مدينة تعز، اشتباكات بين الميليشيات الحوثية وقوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع صالح، وذلك بعد اتهامات المتبادلة بين الطرفين بالتسبب في الخسائر الفادحة التي لحقت بهما في مختلف الجبهات في تعز، واعتبر مراقبون لـ«الشرق الأوسط» هزائم ميليشيات الحوثي وصالح في تعز «نتاج طبيعي لجهود بذلت على مدى أشهر لتحرير المحافظة، وأيضا، جراء تفاقم الخلافات بين الطرفين»، حيث أكد المراقبون أن «تعز لا تهم كثيرا الحوثيين بقدر ما تهم المخلوع صالح وما تعرضت له، طوال الأشهر الماضية، كان نتيجة الحقد الكبير الذي يكنه صالح ضد أبناء تعز»، حسب تعبيرهم.
وفي وقت متأخر، من ليل أمس، أعلنت قوات الشرعية إنهاء الحصار عن مدينة تعز من الجهة الغربية (وادي الضباب)، فيما فرت الميليشيات إلى منطقة الرمادة على طريق محافظة الحديدة، وجاء إعلان فك الحصار من تلك الجهة، بعد أن استمرت عمليات الالتحام بين جبهتي المدينة والضباب، بقيادة قائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز، الشيخ حمود المخلافي، وبقية قادة المقاومة في المناطق وقادة الألوية العسكرية في قوات الجيش الوطني المرابطة في المنطقة، لعدة ساعات. وهدفت عمليات الالتحام تلك إلى إنهاء العمليات العسكرية التي تؤدي إلى فك الحصار عن المدينة بشكل كامل، ووفقا لنشطاء محليين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الإنجاز العسكري يتوج بفك الحصار. وقال الناشط السياسي والإعلامي فؤاد المسلمي إن تعز ما زالت تعاني كثيرا جراء الحصار الذي تعرضت له منذ أشهر على يد الميليشيات الحوثية، وإن المستشفيات ما زالت تعج بالجرحى والمصابين والمرضى، بعد أن دمر بعض المستشفيات وحوصرت المدينة ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، وفرض سلطة الأمر الواقع عبر المنافذ، وقد شاهد العالم كيف لجأ السكان إلى الحمير لنقل المواد الأساسية إلى قراهم، عبر طرق جبلية وعرة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.