مناظرة تلفزيونية حامية بين كلينتون وساندرز عقب فوزه في ميتشيغان

واجهت وزيرة الخارجية السابقة انتقادات جديدة حول قضية الرسائل الإلكترونية

مناظرة تلفزيونية حامية بين كلينتون وساندرز عقب فوزه في ميتشيغان
TT

مناظرة تلفزيونية حامية بين كلينتون وساندرز عقب فوزه في ميتشيغان

مناظرة تلفزيونية حامية بين كلينتون وساندرز عقب فوزه في ميتشيغان

تواجه المرشحان الديمقراطيان في الانتخابات الرئاسية الأميركية هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز خلال مناظرة أول من أمس، بعد الفوز المفاجئ لساندرز في ولاية ميتشيغان.
وركّزت المناظرة التي تأتي قبل ستة أيام على موعد انتخابات تمهيدية حاسمة في فلوريدا على موضوع الهجرة خصوصا، وكان على المرشحين الإجابة عن أسئلة محددة، من بينها إذا ما كانا سيقومان بترحيل أطفال لا يحملون وثائق رسمية من الولايات المتحدة. وأكد المرشحان أنهما يؤيدان إصلاحا شاملا لنظام الهجرة لتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية الأميركية خصوصا، وأن هناك 11 مليون شخص يقيمون بشكل غير شرعي في البلاد.
في المقابل، فإن كل المرشحين الجمهوريين لا يريدون تسهيل حصول هؤلاء على الجنسية، حتى إن المرشح الأوفر حظا دونالد ترامب أعلن أنه سيقوم بترحيل الملايين. لكن فلوريدا تضم جالية كبيرة من الناطقين بالإسبانية والمنحدرين من أصول لاتينية، وسعى كل من ساندرز وكلينتون إلى ضمان تأييد هذه المجموعة. وكلاهما سارع إلى القول إنه لن يطرد أطفال المهاجرين غير الشرعيين أو البالغين الذين لا يحملون أوراقا ثبوتية، ولم يرتكبوا أي جنح أو جرائم.
ويشكل موقف ساندرز وكلينتون تغييرا عن نهج الإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما، التي تعرضت للانتقاد بسبب سياسات الترحيل الصارمة التي تطبقها. وقالت كلينتون: «لن أقوم بترحيل أطفال، بل سأعطي الأولوية لترحيل المجرمين والإرهابيين وكل ما يهدد أمننا». وأضافت أنها تريد أيضا «وقف المداهمات وترحيل الأشخاص المقيمين هنا والذين يقومون بأعمالهم».
أما ساندرز فأوضح اختلافه مع أوباما، وقال إن الرئيس الأميركي «مخطئ حول موضوع الهجرة، وأنا مختلف معه في هذا الموضوع». وانتقدت كلينتون ساندرز لأنه صوت ضد مشروع إصلاح قانون الهجرة في عام 2007، إلا أنه رد بأن كلينتون اتخذت مواقف معادية للمهاجرين في العقد الأول من الألفية الحالية، مثل منع إعطاء رخصة قيادة للمهاجرين غير الشرعيين.
واختلف المرشحان أيضا حول العراق وحول علاقة كلينتون مع وول ستريت وسياسة التأمين الصحي ودعم الولايات للجامعات. ولم يتردد المرشحان في زيادة حدة انتقاداتهما لبعضهما البعض، خصوصا أن فوز ساندرز قبل 24 ساعة في ميتشيغان أعطى حملته زخما، بينما كان الفوز متوقعا لكلينتون. إلا أن وزيرة الخارجية السابقة بات لديها أكثر من نصف المندوبين الـ2383 الضروريين لكسب ترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، كما أنها فازت على ساندرز في ميسيسيبي (جنوب). بيد أن انتصار سيناتور فيرمونت في ميتشيغان أثار تساؤلات حول قدرة كلينتون على الفوز في ولايات صناعية مهمة في الانتخابات العامة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وفازت كلينتون في 13 اقتراعا من أصل 22. ولا يزال فريقها يتمتع بثقة قوية رغم الهزيمة في ميشيغان. كما أن فوزها الكاسح في ميسيسبي معناه أنها تسير بشكل ثابت نحو حصد العدد الأكبر من المندوبين. إلا أن ساندرز أظهر قدرة قوية على الصمود وكشفت حدة المناظرة أن كلينتون تأخذ حملته على محمل الجد، فقد أقرت أنه «ماراثون» حقيقي.
وخلال المناظرة، واجهت كلينتون أسئلة حول استخدامها حسابها الإلكتروني الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية، ومع أنها أقرت بأن ذلك كان «خطأ»، فإنها أكدت أنها «ليست قلقة». وعند سؤالها حول ما إذا كانت ستنسحب من السباق الرئاسي في حال توجيه الاتهام إليها في المسألة، أبدت استغرابا كبيرا ورفضت الإجابة عن السؤال، معتبرة أن الأمر غير وارد.
وعلى صعيد السباق الجمهوري، تعززت حملة ترامب بعد انتصاره الثلاثاء في ثلاث ولايات هي ميتشيغان وميسيسيبي وهاواي. وفاز ترامب حتى الآن في 15 اقتراعا من أصل 24. وهو يتطلع إلى الانتخابات التمهيدية المقبلة في فلوريدا وأوهايو وايليونوي التي يمكن أن تمنحه الفرصة لكسب ترشيح حزبه، لأن النتائج تحتسب على قاعدة «الفائز يحرز الكل» (أي كامل عدد المندوبين)، وليس بحسب نسبة الأصوات الفعلية.
والخاسر الأكبر الثلاثاء كان سيناتور فلوريدا، ماركو روبيو، الذي أقر لشبكة «إم إس إن بي سي» أنه «ليس فخورا جدا» باستخدامه تعابير بذيئة، وبأنه سخر من مظهر ترامب في الأسابيع الأخيرة. ويتعين على كل من روبيو وحاكم أوهايو جون كاسيستش أن يفوزا كل في ولايته في 15 مارس (آذار). وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم ترامب الذي أكد لـ«سي إن إن» أنه «إذا فزت في الولايتين، أعتقد أن الأمر سينتهي» بالنسبة إلى المرشحين الآخرين. وأثار أسلوب وخطاب ترامب غضب بعض الناخبين، خصوصا من الجمهوريين النافذين. إلا أنه يشدد على أن بوسعه رص صفوف الحزب.
وانتقدت كلينتون خطاب ترامب ووصفته بأنه «مخالف للمبادئ الأميركية»، مؤكدة أنها «لن تنزل إلى مثل هذا المستوى».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.