كاميرون يحسم الجدل: لن أستقيل إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ب)
TT

كاميرون يحسم الجدل: لن أستقيل إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ب)

أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس أنه لن يستقيل من منصبه في حال خروج بلاده من التكتل، وأوضح خلال الجلسة البرلمانية الأسبوعية، ردا على سؤال ريتشارد برغون، النائب عن حزب العمال، إن كان ينوي الاستقالة من منصبه، بأنه لن يغادر وظيفته لهذا السبب.
ووصف كاميرون، الذي يدعو إلى بقاء بلاده داخل الاتحاد الأوروبي، الاستفتاء المقبل المزمع في 23 من يونيو (حزيران) بأنه «واحد من أهم القرارات في حياة البريطانيين»، وحذر الشعب من أن الخروج من الاتحاد سيشكل تهديدا للأمن القومي والاقتصادي لبريطانيا، خاصة في ظل تدهور سعر صرف الجنيه الإسترليني. كما أوضح رئيس الوزراء بعد أن قرر عشرات من نواب حزبه، ورئيس بلدية لندن بوريس جونسون، التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن «التخلي عن أوروبا سيشكل تهديدا لأمننا القومي والاقتصادي».
وفي سياق متصل، نفى قصر باكنغهام أمس خبرا نشرته صحيفة «ذي صن» على صفحتها الأولى، يؤكد أن الملكة إليزابيث الثانية تؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ قال متحدث باسم القصر إن «الملكة تبقى على موقفها المحايد في الشأن السياسي، وكما هو الحال منذ 63 عاما، فنحن لا نعلق على المزاعم الخاطئة التي تستند إلى مصادر غير واضحة، والاستفتاء هو من شأن الشعب البريطاني الذي سيقرر» في 23 يونيو (حزيران) مستقبل بلاده.
وكانت «ذي صن» قد كتبت على صفحتها الأولى أمس أن «الملكة تؤيد خروج بريطانيا» من الاتحاد الأوروبي، وتحدثت عن تحقيق «سبق صحافي»، مؤكدة أنها تستند إلى مصدرين، لم توضح هويتهما، حيث نقلت عن المصدر الأول قوله إن الملكة قالت خلال حديث مع عدد من النواب خلال غداء في القصر: «أنا لا أفهم أوروبا»، فيما نقلت عن المصدر الثاني قوله إن الملكة قالت عام 2011 لنائب رئيس الوزراء السابق، نيك كليغ، المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، إن «الاتحاد الأوروبي يسير في الاتجاه الخطأ».
ومباشرة بعد خروج هذه التصريحات للعلن، وصف الليبرالي الديمقراطي نيك كليغ ما نشرته «صن» بأنه «كلام فارغ»، مضيفا أنه لا يذكر هذه المحادثة، معتبرا أن «مثل هذا الأمر لا يمكن أن يُنسى»، فيما شكك الوزير الليبرالي الديمقراطي إدوارد ديفي بدوره بما نشرته الصحيفة، إذ قال لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن «الملكة تعرف تماما أن الخروج من الاتحاد الأوروبي هو أفضل طريقة لتدمير المملكة المتحدة، لأن اسكوتلندا ستختار بعدها الاستقلال».
وتبدي الصحافة البريطانية اهتماما برصد قناعات وميول الملكة، التي تبدي موقفا محايدا. ففي يونيو 2015. قالت عدة صحف، ومن بينها صحيفة «ذي صن»، إن الملكة تؤيد البقاء في الاتحاد الأوروبي بعد خطاب حول «انقسامات أوروبا» ألقته في برلين. وتكرر ذلك قبل استفتاء اسكوتلندا عام 2014، وذلك عندما قالت الملكة لدى خروجها من الكنيسة بالقرب من قصر بلمورال الاسكوتلندي «على الأسكوتلنديين أن يفكروا جيدا»، وقد فسر البعض ذلك بأنه تأييد لمعارضي الاستقلال الذين انتصروا.
من جهة أخرى، أكد مارك كارني، حاكم البنك المركزي البريطاني، أول من أمس، أن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ترسخ «دينامية» الاقتصاد في البلاد، لكنها تتركها أكثر عرضة للصدمات المالية، وأبرز كارني هذا الرأي بوضوح في رسالة وجهها إلى رئيس لجنة الخزينة قبل الإجابة عن أسئلة النواب حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، وذلك قبل الاستفتاء في يونيو (حزيران) المقبل.
وكتب كارني، الذي يحمل الجنسية الكندية أن «عضوية بريطانيا في الاتحاد تعزز دينامية الاقتصاد الذي يمكن أيضا أن يكون أكثر تنافسية»، لكنه شدد في وقت لاحق على أن ملاحظاته لا تعني توصية للبقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه.



باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)

في خطوة مثيرة للجدل خلال فترته الانتقالية، كثَّف الرئيس الأميركي جو بايدن دعم بلاده لأوكرانيا من خلال الموافقة على نشر مقاولين عسكريين ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد والسماح باستخدام صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لشن ضربات داخل روسيا. وتستهدف هذه الإجراءات تعزيز دفاعات أوكرانيا قبل تولي خليفة بايدن الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة، إلا أنها تخاطر بالتعرض لانتقادات دولية، خصوصاً إذا فشلت الصواريخ الغربية. فقد ردت روسيا باختبار صاروخ «أوريشنيك» الذي تفوق سرعته سرعة الصوت؛ ليؤكد بذلك قوته مع تجنب تصعيد أوسع نطاقاً.

«أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية، قالت الدكتورة آنا ماتفيفا، الباحثة الزائرة بمعهد روسيا، التابع لكلية كينغز كوليدج لندن، ومؤلفة كتاب «خلال أوقات المتاعب»، إن الرئيس جو بايدن لم يلتزم الحذر وقرر استغلال الفترة الانتقالية لزيادة مخاطر الحرب في أوكرانيا. فقد سمح بانتشار المقاولين العسكريين الأميركيين داخل أوكرانيا ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد إلى أوكرانيا. ولا تعدّ هذه الخطوة الأخيرة عملاً غير قانوني؛ نظراً لأن الولايات المتحدة لم توقّع مطلقاً على اتفاقية أوتاوا، إلا أنها تظل موضع شك من الناحية الأخلاقية. وبشكل عام، فإن الرغبة في تعظيم دعم أميركا لحليفتها واضحة لكي تتمكن أوكرانيا من الصمود لفترة بعد انتهاء ولاية بايدن في البيت الأبيض. ومن المتوقع أن يتم تقديم المزيد من الدعم.

فلاديمير بوتين يصافح دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)

ومن الناحية العسكرية، من غير المرجح أن تغير صواريخ «أتاكمز» وصواريخ «ستورم شادو» البريطانية الصنع الأوضاع في أوكرانيا، حيث إن الجيش الروسي على دراية بها من المعارك التي خاضها من قبل، ومن المتوقع أن تكون روسيا قد أبعدت أصولها القيّمة من المدى الذي تصل إليه هذه الصواريخ. ولا تمتلك أوكرانيا مخزونات كبيرة من الصواريخ، وتكمن أولويتها في الدفاع عن أراضيها بدلاً من الاحتفاظ بموطئ قدم في منطقة كورسك الروسية إلى أجل غير مسمى.

وترى الدكتورة ماتفيفا، التي عملت لدى الأمم المتحدة وعاشت في آسيا الوسطى بصفتها المستشارة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعني بالسلام والتنمية، أنه إذا حدث خطأ في الملاحة وتسبب في سقوط صاروخ غربي على روضة أطفال روسية، فسيضيف هذا إلى تضرر سمعة الغرب على الصعيد الدولي.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر الواضح هو أن بايدن عازم على ترك إرث معقد في السياسة الخارجية لخليفته قدر الإمكان وعرقلة طموحات ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وظهر الانطباع بأنه يحاول استفزاز روسيا للقيام برد فعل متهور، يجعل مفاوضات السلام مع بوتين صعبة للغاية، حتى بالنسبة لترمب. ولا يستند نهج الرئيس القادم إزاء الصراع إلى هزيمة روسيا، لكنه قد لا يكون قادراً على تحمُّل تصعيد خطير. وهذا ما تردد أن ترمب حذر بوتين من القيام به.

وهكذا، فإن الضربات التي وافقت عليها الولايات المتحدة على منطقتي كورسك وبريانسك الروسيتين يومي 19 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) وضعت موسكو أمام معضلة: إما الرد بقوة والتخلي عن آمال السلام أو ابتلاع كبريائها والانتظار لمدة شهرين حتى تنصيب ترمب. ونظراً لأن بوتين يحقق النجاح لأنه يفعل ما يقول، فإنه لا يمكن أن يترك ضربة تمر دون أن يرد عليها ـ وإلا فإن صورة القوة الروسية ستتضرر وستفقد تهديداتها للغرب مصداقيتها. وكان يتعين على بوتين أن يتحرك، على الأقل بدافع احترام الذات.

خبراء أوكرانيون يعاينون بقايا صاروخ روسي الاثنين في خاركيف (إ.ب.أ)

وقالت ماتفيفا إن موسكو اختارت الرد في ساحة المعركة الحالية بدلاً من مهاجمة مصالح غربية في مختلف أنحاء العالم. وقد حققت روسيا هذا الغرض من خلال إطلاق الصاروخ «أوريشنيك» الباليستي متوسط المدى الذي تفوق سرعته سرعة الصوت ومن دون رأس حربية نووية على أوكرانيا المدمرة بالكامل. فقد أظهر هذا الهجوم قوة روسيا دون أن يتسبب في ضرر جسيم. وأظهرت روسيا أن لديها سلاحاً، كشفت عنه في السابق، وأنها مستعدة لاستخدامه.

وقد كانت عملية إطلاق الصاروخ تجربة مذهلة وناجحة وإن كانت محفوفة بالمخاطر. فقد نجح الصاروخ في اختبار ظروف القتال ووصل إلى هدفه وهو منشأة «يوجماش» الأوكرانية للإنتاج العسكري في دنيبرو دون أن يتم اعتراضه.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر المشجع هو أن نظام التحذير الروسي - الأميركي أثبت نجاحه، فقد أصدر المركز الروسي للحد من الخطر النووي إشارة إخطار مسبق إلى نظيره الأميركي قبل ثلاثين دقيقة من الإطلاق لكي يعرف نظام تتبع الصواريخ الأميركي أن هذا الإطلاق لم يكن نووياً.

وحذَّر بوتين الذي اكتسب جرأة من أنه يمكن أن يكون هناك المزيد من تجارب إطلاق الصواريخ؛ وذلك بناءً على الطريقة التي سيتصرف بها الغرب، في إشارة واضحة إلى دعوات بعض السياسيين الأوروبيين لإرسال قواتهم إلى أوكرانيا.

واختتمت ماتفيفا تحليلها بالقول إن هذه الأحداث أظهرت أن انتقال السلطة في الولايات المتحدة يمثل فترة غير مستقرة للغاية قد تشهد تصعيداً كبيراً. ويبدو أن الضمانة الرئيسة ضد اندلاع حرب كبرى هي وجود العقل في موسكو وليس الحكمة الصادرة من واشنطن. فهل مات فن الدبلوماسية الدفاعية في الغرب؟ لقد زاد الطلب عليه الآن.