بايدن في إسرائيل لبحث العلاقات المتوترة بين إدارة أوباما ونتنياهو

يعقد مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس والرئيس الفلسطيني في الضفة الغربية

بايدن في إسرائيل لبحث العلاقات المتوترة بين إدارة أوباما ونتنياهو
TT

بايدن في إسرائيل لبحث العلاقات المتوترة بين إدارة أوباما ونتنياهو

بايدن في إسرائيل لبحث العلاقات المتوترة بين إدارة أوباما ونتنياهو

وصل نائب الرئيس الاميركي جو بايدن إلى تل أبيب يوم أمس الثلاثاء، في بداية زيارة لاسرائيل والاراضي الفلسطينية تستمر يومين.
وعقب وصوله بوقت قصير التقي بايدن مع الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس.
وقال بايدن لبيريس "الرئيس (باراك أوباما) يبعث تحياته ونحن ملتزمون بشكل كامل وصريح بأمن إسرائيل. نأمل أن نحرز بعض التقدم".
ويعقد بايدن محادثات اليوم، مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة.
وقال مسؤول في الكونغرس إنّ بايدن سيبحث مع المسؤولين الاسرائيليين مذكرة تفاهم جديدة قيد التفاوض بشأن مساعدات دفاعية أميركية لإسرائيل.
يلتقي نائب الرئيس الاميركي جو بايدن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، ثم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خلفية تواصل أعمال العنف التي راح ضحيتها أميركي الثلاثاء.
وشهدت القدس والضفة الغربية صباح اليوم (الاربعاء)، هجمات جديدة قتل فيها المنفذون الفلسطينيون الثلاثة وأصاب أحدهم شخصًا بجروح.
وفتح فلسطينيان في العشرين من العمر النار من سيارتهما على حافلة في حي لليهود المتدينين في شمال القدس. فتوقف سائق سيارة مسلح ورد على اطلاق النار. وقالت الشرطة إنّ قوات الامن اصابتهما وقتلتهما.
ورأت مراسلة لوكالة الصحافة الفرنسية، جثة تعود لأحد المهاجمين على الارجح قرب سيارة اخترق الرصاص زجاجها الامامي بالقرب من المدينة القديمة في القدس الشرقية التي احتلتها وضمتها اسرائيل في 1967.
وفي الضفة الغربية، قتل فلسطيني اليوم، برصاص الجيش الاسرائيلي عند حاجز، بعد أن حاول طعن جنود، حسبما أعلن الجيش الاسرائيلي.
ويتساءل المعلقون الاسرائيليون بشأن تزامن هذا التصعيد في اعمال العنف مع زيارة بايدن. إذ من غير المتوقع أـن يكون الصراع العربي الاسرائيلي الموضوع الاول على جدول أعمال مباحثات المسؤول الاميركي في إسرائيل، بل العلاقات المتوترة بين ادارة الرئيس باراك اوباما ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وتشهد الاراضي الفلسطينية المحتلة واسرائيل منذ بداية اكتوبر (تشرين الاول)، موجة من المواجهات وأعمال العنف والعمليات التي أسفرت عن مقتل 188 فلسطينيا بينهم عربي اسرائيلي و28 اسرائيليا واميركيان اثنان واريتري وسوداني، وفق حصيلة اعدتها الصحافة الفرنسية.
وقالت الادارة الاميركية إنّ بايدن "لن يعرض أي مبادرة جديدة اساسية" بشأن النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.
من جانبه، أفاد احمد المجدلاني عضو القيادة الفلسطينية أنّ بايدن لن يتحدث سوى بالملف السوري "وهو لا يلتقينا إلّا حفاظًا على الشكل".
ومن المتوقع أن تركز محادثات بايدن على الوضع في سوريا وتنامي النفوذ الايراني في المنطقة والتهديدات المتطرفة.. الخ. كما ستتطرق أيضا إلى مسألة المساعدات العسكرية الاميركية لاسرائيل.
وسبق وصول بايدن إلى إسرائيل إعلان نتنياهو نيته عدم التوجه إلى واشنطن ورفضه لقاء الرئيس أوباما.
وكان البيت الابيض قد أعلن الاثنين أنّ نتنياهو طلب موعدًا من الرئيس الاميركي. وعندما صدرت الموافقة عليه وتحدد موعد اللقاء كان الجواب الاسرائيلي بأنّ رئيس الوزراء ألغى الزيارة، في قرار "فاجأ" واشنطن.
وكان يفترض أن تتزامن زيارة نتنياهو لواشنطن مع المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الاميركية-الاسرائيلية (ايباك)، أكبر لوبي مؤيد لاسرائيل في الولايات المتحدة، وهي مناسبة شارك فيها نتنياهو مرارا خلال السنوات الماضية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الاميركي نيد برايس إنّ الحكومة الاسرائيلية طلبت من البيت الأبيض تحديد لقاء لنتنياهو مع اوباما "يوم 17 او 18 مارس (آذار)" فاختارت الرئاسة الاميركية يوم 18 وابلغت الحكومة الاسرائيلية بذلك قبل أسبوعين. وأضاف "كنا نتطلع لاستضافة هذا الاجتماع الثنائي حين فوجئنا بنبأ وردنا أولا عبر الاعلام، بأن رئيس الوزراء عوضًا عن أن يقبل دعوتنا، قرر إلغاء زيارته".
وبررت اسرائيل أمس، قرار نتنياهو رغبته في ألّا يبدو وكأنه يتدخل في الانتخابات التمهيدية الاميركية.
وقال مسؤولون في مكتب نتنياهو في بيان إنّ "رئيس الوزراء يقدر رغبة اوباما بلقائه الجمعة (18 مارس) في واشنطن". واضافوا أنّ "رئيس الوزراء قرر ألّا يتوجه إلى واشنطن حاليا في أوج حملة الانتخابات التمهيدية الاميركية".
وربطت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت احرونوت" أمس، الحادث بالمحادثات الجارية بشأن تجديد اتفاق المساعدة العسكرية الاميركية لاسرائيل.
ويقول الخبير جوناثان راينهولد لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ الحكومة الاسرائيلية قلقة من خروج الولايات المتحدة عن موقفها التقليدي الداعم لاسرائيل، وقيامها بدعم قرار في مجلس الأمن أو اصدار إعلان رئاسي أميركي يحدد معايير حل النزاع.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.