الفضاء الصحراوي وتحولاته

«إمارة البئر» للمغربي محمد سالم الشرقاوي

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT

الفضاء الصحراوي وتحولاته

غلاف الرواية
غلاف الرواية

صدرت حديثا عن دار «أبي رقراق» للطباعة والنشر بالرباط رواية للكاتب والإعلامي المغربي محمد سالم الشرقاوي، بعنوان «إمارة البئر»، تبني متخيلها في قلب مجتمع الصحراء وأنماط عيشه وتحولاته. وتتضمن الرواية 302 صفحة، وهي جزء من ثنائية بعنوان «السيرة والإخلاص»، ينسج من خلالها الشرقاوي عالما سرديا يجمع بين متعة الحكاية وإنتاج المعرفة بالمكان والناس، بالأحوال والتحولات. لا تقدم الرواية قصة مركزية واحدة بتعرجاتها وانعطافاتها، وإنما تراهن على بناء شخوص يتفاعلون مع تفاصيل معيشهم في الفضاء الصحراوي، وتصنع تمايزات في السلوكات والمواقف من أجل فهم أدق لمنظومة العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع القبلي الصحراوي. أما الزمن فإن الكاتب، ومن دون تقريرية مباشرة، يشير إلى أن الأمر يتعلق برحلة في ما وراء ذلك السكون الذي يميز مناطق الجنوب المغربي، قبل أن تلوح تباشير ذلك الحدث الذي سيكون له ما بعده: المسيرة الخضراء.
الشخصية المركزية في الرواية هي «منصور السيود». وقد اختار الكاتب صناعة بطل تتجاور فيه صفتان: العسكرية باعتباره قائدا للحامية العسكرية في منطقة بئر السبع، بالجنوب الشرقي، وثانيا باعتباره ينتمي إلى أسرة ذات وجاهة، ويتميز بوضع اعتباري وازن في المحيط القبلي.
هذا الامتداد المزدوج لمنصور يتيح للكاتب التحرك في اتجاه رصد البعدين الإنساني والاجتماعي من جهة، وتناول السياسات العمومية ذات الطابع الدفاعي الأمني والتنموي، من جهة أخرى. «أم الخير» زوجة القبطان منصور، «المغيفري» الراعي، الفقيه، «مسعود» السائق، «امبيريكة»، مساعدة رب البيت، «الشراد»، المشرف على عملية استغلال مياه البئر التي تصبح رهانا حيويا في الدفع بالأحداث، عقب تعرضها للتلوث.. شخصيات تنتظم في علاقات سردية لترسم في ذهن القارئ نموذجا مصغرا لمجتمع الصحراء. «إمارة البئر» رحلة متخيلة تكشف خلفية أنثربولوجية واضحة، حيث تتشكل لدى القارئ بانوراما غنية عن بنية العلاقات الاجتماعية وقيم المجتمع الصحراوي وحضور البعد الصوفي والإيماني (الأولياء) بقوة، من خلال تيمة الماء الذي يحظى بأهمية مركزية في معيش الصحراويين. وأكثر من ذلك، تلامس الرواية بداية زمن التحولات الكبرى التي تطرأ على الفضاء الصحراوي، كجغرافية ودينامية بشرية ومنظومة اقتصادية معيشية، في خضم دخول طلائع التنمية الاقتصادية والمؤسسات والبنيات الإنتاجية والخدمية الحديثة، تدشينا لمرحلة ما بعد المسيرة الخضراء.
هو نص أدبي يؤسس لتراكم أدبي نوعي يتخذ المناطق الجنوبية الصحراوية فضاء له، ذلك أن الاشتغال على المجال الصحراوي أدبيا، خصوصا روائيا، ما زال محدودا بالمقارنة مع التطور الذي تعرفه مختلف مجالات البحث في تاريخ وجغرافية ومجتمع الصحراء.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.