312 خرقًا موثقًا للهدنة السورية منذ دخولها حيز التطبيق

الضغط الدولي لوقف القصف الجوي عزز صمودها.. ومعارك اللاذقية تهددها

سوريتان تجلسان أمام البحر في العاصمة اليونانية أثينا، أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريتان تجلسان أمام البحر في العاصمة اليونانية أثينا، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT
20

312 خرقًا موثقًا للهدنة السورية منذ دخولها حيز التطبيق

سوريتان تجلسان أمام البحر في العاصمة اليونانية أثينا، أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريتان تجلسان أمام البحر في العاصمة اليونانية أثينا، أول من أمس (أ.ف.ب)

دخل اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا يومه العاشر، رغم 312 خرقًا تعرض لها في 8 محافظات سورية على الأقل، وسط وجود إرادة دولية ضغطت لإيقاف القصف الجوي بهدف الحفاظ على الهدنة وصمودها، في وقت يهدد تقدم قوات النظام في جبل التركمان بريف اللاذقية بضرب الاتفاق، بالنظر إلى سياسة «القضم البطيء» التي يتبعاه بغرض الوصول إلى مدينة جسر الشغور الاستراتيجية.
ودخل اتفاق أميركي روسي مدعوم من الأمم المتحدة لوقف الأعمال القتالية في سوريا حيز التنفيذ في مناطق سورية عدة في 27 فبراير (شباط) الماضي، ويطبقه النظام وبعض الفصائل المسلحة. وأدى وقف إطلاق النار إلى انخفاض كبير في المعارك ما سمح بإدخال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها السكان بشدة. وتمثل نجاح الاتفاق نسبيًا، في خروج الآلاف من السوريين يوم الجمعة الماضي، حيث أقاموا مظاهرات في 104 نقطة تظاهر في عدة مناطق سورية، مطالبين بإسقاط النظام، مستفيدين من الهدنة التي تم التوصل إليها.
ولم يهتز الاتفاق بعد أكثر من 100 ضربة جوية استهدفت مواقع سيطرة المعارضة السورية المعتدلة غير المستثناة من الاتفاق، وأدت إلى مقتل ما يزيد على 135 شخصًا، ذلك أن جميع الأطراف الدولية المعنية بالأزمة السورية، «ضغطت لتنفيذ الاتفاق».
ويقول المعارض السوري عبد الرحمن الحاج إن الهدنة بدأت فعليًا «حين توقف القصف الجوي»، موضحًا أن الضغوط الدولية على النظام «ألزمته بإيقاف القصف الجوي»، مشيرًا إلى أن الضغوط عليه «مرتبطة بحسابات دولية، وليست بالتأكيد نتيجة رغبة من النظام الذي يرى أن له مصالح في تحقيق تقدم أكبر في الميدان السوري».
ويشرح الحاج في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الهدنة «جاءت في وقت كان يحقق فيه النظام تقدمًا مهمًا في جبال التركمان بريف اللاذقية وفي الجبهة الشمالية لمحافظة حلب»، مؤكدًا أن الإنجاز الذي حققه الهدنة «يتمثل في توقيف القصف الجوي، ذلك أن النظام لا تحظى قواته بتكافؤ عسكري مع قوات المعارضة في الميدان، وبالتالي انتهت فرصة التقدم البري له بمجرد توقف الغطاء الجوي».
ويتزامن تقويض قدرة النظام الجوية، مع وجود مصلحة حقيقية لدى المعارضة السياسية باستمرار الهدنة، وهو ما أدى إلى صمودها. يقول الحاج: «تحتاج المعارضة السياسية إلى إثبات أنها حققت أداء مميزًا وحصدت نتائج ملموسة على الصعيد الإنساني، وهو ما تحقق»، مشيرًا إلى أن المعارضة «كانت تشترط للمفاوضات وقف القصف الجوي لإدخال المساعدات الإنسانية، وهو ما جعل الهدنة ممكنة، فحققت إنجازا تسعى مع الفصائل العسكرية لأن يستمر».
ولجهة الفصائل العسكرية، فإن الهدنة «منحتها فرصة لتنظيم صفوفها بعد استنزاف عسكري تعرضت له خلال الشهرين اللذين سبقا الهدنة»، مشيرًا إلى أن فصائل أخرى مثل «جبهة النصرة» تعترض على الهدنة، إلا أنها «قررت الالتزام بها خوفا من تحميلها مسؤولية فشلها، لأن الهدنة تحظى بإجماع شعبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة».
وكان المنسق العام للمعارضة السورية في الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، أكد السبت الماضي «أننا وافقنا على هذه الاتفاقية من أجل تنفيذ القضايا الإنسانية من إيصال المساعدات ورفع الحصار والإفراج عن المعتقلين، لكن للأسف الشديد أي من هذه القضايا لم يتحقق على أرض الواقع إلا الشيء البسيط جدا جدا خلال كل الفترة الماضية».
وبينما دخلت قوافل المساعدات إلى أربع مناطق محاصرة، بالحد الأدنى، رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي تعلن يوميًا عن عدد الخروقات، أن هناك 786 خرقًا للهدنة منذ دخولها حيز التنفيذ وحتى اليوم التاسع منها، رغم أنها ذكرت أن «الخروقات الموثقة» تتخطى الـ312 خرقًا وأسفرت عن مقتل 64 شخصًا». ووثقت الشبكة في اليوم التاسع للهدنة، 23 خرقًا، تتنوع بين العمليات العسكرية وعمليات الاعتقال.
لكن «الرابطة السورية لحقوق الإنسان» وثقت مقتل 161 شخصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، حتى اليوم السابع منها. وقال رئيس الرابطة عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء الضحايا «قتلوا في المناطق المشمولة في الهدنة، رغم أن هناك أرقامًا أكبر في المناطق غير المشمولة بالاتفاق والخاضعة لنفوذ داعش أو جبهة النصرة»، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من القتلى وقع في المناطق المشمولة بالهدنة، «وقتلوا بضربات جوية سورية وروسية وهجمات نفذتها قوات النظام والميليشيات التابعة لها في حلب وريف دمشق ودرعا».
غير أن الخروقات الأهم منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، تتمثل في المعارك المتواصلة على جبهة جبال التركمان في اللاذقية، رغم أن المعارك فيها تسير بوتيرة بطيئة وتدريجية، وهو من شأنه أن يهدد اتفاق الهدنة بأكمله. ويقول عبد الرحمن الحاج: «هذه الجبهة تعد تهديدًا لصمود الهدنة، بالنظر إلى أن النظام يواصل معاركه بغرض الوصول إلى جسر الشغور»، وهي أحد معاقل المعارضة بريف إدلب وتشكل بوابة الساحل السوري بالنسبة لها، إضافة لقربها من الحدود التركية. ويضيف الحاج: «النظام يتبع سياسة القضم البطيء فيها للقرى»، مشيرًا إلى أن «وصول النظام إلى جسر الشغور هو هدف استراتيجي بالنسبة للنظام».
والى جانب اللاذقية، تضاءلت المواجهات العسكرية في حلب، واقتصرت على قوات «سوريا الديمقراطية» وقوات «وحدات حماية الشعب الكردي» على جبهة الشيخ مقصود في حلب، في مواجهتها مع فصائل الجيش الحر وغيره من فصائل. ويقول الحاج: «النظام عاجز عن إحداث خروقات للهدنة في حلب، كذلك الطرف الروسي، بينما تقوم وحدات سوريا الديمقراطية بها»، مرجعًا إحجام الروس والنظام «إلى اتفاق دولي، وصرامة الموقف الإقليمي»، شارحًا أن تلك الصلابة بالموقف «تعود إلى أن التقدم في حلب سيمثل تهديدًا حقيقيًا للمعارضة السورية، وتهديدًا لتركيا أيضًا التي ستجد الخطر في نشوء دويلة كردية على حدودها»، وعليه «يلتزم الجميع باتفاق وقف إطلاق النار بين جميع الأطراف».
هذا، وتقع الخروق الأخرى للهدنة في ريف حمص الشمالي، إذ مناطق سيطرة المعارضة، بينما سجلت خروقات إضافية في محافظة حماه، وأخرى في درعا في جنوب البلاد، فضلاً عن ريف دمشق، لكنها خروقات محدودة.



تقرير دولي: 5 ملايين يمنية بحاجة إلى خدمات الصحة الإنجابية

اليمنيات يتحملن حصة غير متناسبة من عبء تعطل الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)
اليمنيات يتحملن حصة غير متناسبة من عبء تعطل الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)
TT
20

تقرير دولي: 5 ملايين يمنية بحاجة إلى خدمات الصحة الإنجابية

اليمنيات يتحملن حصة غير متناسبة من عبء تعطل الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)
اليمنيات يتحملن حصة غير متناسبة من عبء تعطل الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

خلفت الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن عواقب مدمرة على نظام الرعاية الصحية؛ ما جعل أكثر من 5 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب بحاجة للخدمات الصحية؛ إذ تموت امرأة واحدة كل ساعتين أثناء الولادة، وفق بيانات حديثة وزعها مركز دراسات دولي.

ويؤكد مركز «كايس» أن البلاد تعاني من نقص التمويل الشديد والإرهاق والضرر، حيث أدى الصراع إلى تعطيل خدمات الرعاية الصحية، مما تسبب في محدودية الوصول إليها، وتتحمل النساء حصة غير متناسبة من هذا العبء في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب التقرير، يحتاج ما لا يقل عن 5.5 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب إلى خدمات الصحة الإنجابية، وحياتهن معرضة للخطر بسبب الحمل والولادة ومضاعفات ما بعد الولادة.

وظلت معدلات وفيات الأمهات في اليمن - وفق التقرير - مرتفعة بشكل مثير للقلق؛ إذ بلغت 43.3 لكل 1000 ولادة حية في عام 2021، حيث تموت امرأة أثناء الولادة كل ساعتين، ومعظمها لأسباب يمكن الوقاية منها تماماً.

الحوثيون قيدوا وسائل تنظيم الحمل في مناطق سيطرتهم (الأمم المتحدة)

ويخلص تقرير المركز الدولي إلى أن تزايد احتياجات الرعاية الصحية يعود في المقام الأول إلى الصعوبة في الوصول إلى الخدمات الطبية والأدوية؛ إذ تتزايد الاحتياجات بشكل خاص بين النساء والفتيات في سن الإنجاب اللاتي يواجهن مجموعة كبيرة من الحواجز التي تعوق وصولهن إلى خدمات الصحة الإنجابية في الوقت المناسب.

وبما أن اليمن من أفقر بلدان العالم، فإن الوصول إلى الاحتياجات الأساسية - مثل الأدوية - أصبح بعيد المنال بشكل متزايد بالنسبة للعديد من الناس، مما يزيد من تفاقم المخاطر الصحية للنساء والفتيات المحتاجات إلى خدمات الصحة الإنجابية الأساسية.

حواجز الوصول

ويرى التقرير الدولي أن سبب تنامي عدم وصول النساء إلى الخدمات الصحية يعود إلى الحواجز الثقافية واللوجستية التي تعوق الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، ومدى توفر خدمات الصحة الإنجابية، والتحديات المتعددة الأبعاد التي تواجهها النساء والفتيات في الوصول إلى الخدمات المتاحة، إلى جانب تقاطع الحواجز الثقافية والاقتصادية والبنيوية.

ويتناول المركز مدى توفر ثلاثة مجالات رئيسية لخدمات الصحة الإنجابية والوصول إليها، وهي الاستجابات الصحية للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وخدمات تنظيم الأسرة، والرعاية الصحية للأمهات، مستنداً إلى البيانات الموجودة حول وصول النساء والفتيات إلى خدمات الصحة الإنجابية، ويقارنها بالبيانات الأولية من مقابلات مع مصادر رئيسية على الأرض.

ويستند معدّو التقرير إلى مقابلات مع المستجيبين الإنسانيين والممارسين الصحيين الذين يقدمون وينسقون خدمات الصحة الإنجابية، منهم الخبراء المسؤولون عن تنسيق الخدمات في جميع أنحاء البلاد، ومن بينهم أربعة خبراء يغطون المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وخبير يعمل في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

المخاطر في اليمن تتفاقم نتيجة انعدام خدمات الصحة الإنجابية (الأمم المتحدة)

ويذكر معدّو التقرير أن المعلومات في هذا الجانب أكثر محدودية؛ نتيجة للمحرمات الثقافية والطبيعة الحساسة لهذه المواضيع؛ ما جعل من الصعوبة مناقشتها بشكل مباشر مع النساء والفتيات، والاعتماد بدلاً من ذلك على مقابلات مع مصادر على الأرض للحصول على مثل هذه المعلومات.

ومع ذلك، يقر المركز الدولي «كايس» بمحدودية التقرير أيضاً بسبب الافتقار إلى إحصاءات متاحة للجمهور ومحدّثة حول بعض مؤشرات الصحة الإنجابية الرئيسية في اليمن، حيث قدمت المصادر في بعض الحالات معلومات متضاربة حول تقييد وسائل منع الحمل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، مما يسلط الضوء على أن السياسات المتعلقة بالوصول إلى وسائل منع الحمل متغيرة، وتختلف اعتماداً على السلطة الحاكمة في كل منطقة.

أموال للاستجابة

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت حاجتها لما يقرب من 58 مليون دولار للاستجابة لأزمة الطوارئ الصحية خلال العام الجاري. وقالت إنها بحاجة لهذا المبلغ للوصول إلى 10.5 مليون شخص بالمساعدة الصحية الأساسية.

وذكرت أنها ستركز على تعزيز مراقبة الأمراض والتحقيق في تفشيها والاستجابة لها، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية والتغذية الأساسية، وضمان تنسيق الاستجابة الفعّالة للطوارئ لتلبية الاحتياجات الفورية مع بناء القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية.

وستسعى المنظمة الأممية وفق بيانها، بالتعاون مع الجهات الحكومية وشبكة من الشركاء الإنسانيين، لإيصال الخدمات الصحية إلى أكثر الفئات السكانية ضعفاً والمتضررة من الصراع المستمر والأزمات الاقتصادية والتهديدات البيئية، إضافة إلى دعم «تحقيقات تفشي الأمراض واستجابات الطوارئ الصحية».

وبحسب التقديرات، سيحصل ملايين اليمنيين على الرعاية الصحية المنقذة للحياة ضمن 305 ملايين شخص يعيشون في خضم 42 أزمة صحية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 17 أزمة من مستوى الدرجة الثالثة، والتي تتطلب استجابة عاجلة وكبيرة.