فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

إعلاميون: ما يحدث بها «سيرك» بهدف تنفيذ أجندات خاصة لملاكها أفرزت كآبة للمشاهد

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال
TT
20

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

أكد خبراء إعلام أن «القنوات الفضائية الخاصة وصلت لحالة من التخبط وانحرفت لركن الخلافات الشخصية والتحيز لصالح مُلاكها رجال الأعمال في تصفية الحسابات بعيدًا عن أي مُحتوى مُفيد للوطن»، لافتين إلى أنه «نتيجة استخفافها بالموضوعات وعدم عرض الآراء التي تناقشها بحيادية حدث للمصريين ردة».
في حين طالب مذيعون في التلفزيون الرسمي بضرورة عودة «ماسبيرو» لدوره الريادي التربوي والتنموي، وتشكل الهيئة الوطنية الجديدة للإعلام بأشخاص يشهد لهم بالكفاءة وليس بالأشخاص الموجودين على الساحة الآن، مؤكدين أن «القنوات الخاصة تحولت لـ(سيرك) نظرا لغياب (السيستم) أي النظام وحولت المُشاهد لشخص مُكتئب طول الوقت لتنفيذ أجندات خاصة لملاكها».
«أعطني إعلاما بلا ضمير، أعطِك شعبا بلا وعي».. مقولة جوزيف جوبلز الشهيرة التي يتردد صداها كلما تحدث الخبراء عن الإعلام الخاص بعد دخول رجال الأعمال بشراسة في مجال إطلاق القنوات الفضائية بعضها لا يحمل ترخيص مزاولة المهنة، لتتحول هذه القنوات لوجه آخر لبزنس رجال الأعمال.
وكانت دراسة صدرت أخيرا في مصر أكدت أن مواقع الاتصال الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» تحظى بقدر كبير من الرواج والمتابعة خاصة من أوساط الشباب، بل ويعتمد عليها كمصدر إخباري بديل، نتيجة فقدان المصداقية في الإعلام الرسمي والخاص الذي تبثه الفضائيات على السواء.. وهو الأمر الذي نتج عنه نشر الشائعات والأخبار غير الموثقة.
من جانبه، قال الخبير الإعلامي الدكتور مروان يونس: «للأسف الفضائيات الخاصة بدأت تُقدم جرعة إعلامية ليس لها علاقة بالتنوير والثقافة والتسلية، لكن لتصفية الخلافات الخاصة والسعي لتحقيق مصالح شخصية»، لافتًا إلى أن «الفضائيات الخاصة كل فترة تنحرف لركن الخلافات الشخصية، وبدأ من يعتقدون أنهم إعلاميون يصفون حسابات شخصية بعيدا عن أي محتوى مفيد للوطن أو المجتمع، لدرجة حولت المواطن لشخص بائس».
وأضاف يونس لـ«الشرق الأوسط» أن «المشاهد الآن بدأ يبتعد عن برامج (التوك شو) ويلجأ لبرامج التسلية والترفيه، ففي العالم كله، إما أن تكون هذه البرامج مشعلاً للنور تُفيد المجتمع أو سلاحًا سيئًا فتاكًا يصب في غير صالح الوطن»، لافتًا إلى أنه «مع كثرتها وكثرة الاستخفاف بالموضوعات التي تناقشها حدث للمصريين ردة»، مضيفا: «لا أدري أساسًا ما الذي يمنح الآن مقدمي برامج (التوك شو) الحق في أن ينظر إلى الكاميرا لتوجيه الانتقادات إلى الأشخاص الذين يختلف معهم، أو حتى الدول أو الأنظمة أو أي شيء، وهو يعتقد أنه يخدم مجتمعه».
في السياق ذاته، يقول خبراء إعلام إن «الفترة الماضية كانت الأسوأ في تاريخ الإعلام الخاص من حيث انتهاك معايير الشرف الإعلامي، والاعتماد على الإثارة عبر الخلطة الجهنمية التي تخترق السياسة والدين والجنس، ونشر الإباحية، والتشكيك في الثوابت الدينية، والاعتماد على الشائعات وليس الأخبار الموثقة، وتصدي غير المؤهلين للعمل الإعلامي».
وعن الحل لضبط منظومة الإعلام الخاص، قال الخبير الإعلامي يونس: «لابد من سرعة تدشين الهيئة الوطنية للإعلام، ولا بد أن تكون هيئة حقيقية لضبط الأداء الإعلامي للفضائيات الخاصة، وليس توجيهها». وحول سيطرت رجال الأعمال على توجهات قنواتهم الفضائية الخاصة، قال يونس إن «الإعلام الحر بنسبة مائة في المائة غير موجود الآن بمصر.. والكل متحيز، وحتى حرفية التحيز غير موجودة من الأساس». ويرى مراقبون أن «اتجاه رجل أعمال لإطلاق فضائية تبث مواد إعلامية وإعلانية لا يعدو كونها وسيلة مساعدة لخدمة أنشطتهم الخاصة، فضلاً عن كسب ثقة السلطة الحاكمة».
وتابع مروان يونس بقوله: «بلا شك هناك جهل بأبجديات الإعلام والكثير من أساسيات المهنة يتم اختراقها، فمقدم البرامج صار يراهن على نجوميته، ويعتقد أن الطريق لتحقيقها هو استخدام الصوت العالي والذي يصل لحد (الصراخ).. وهكذا صار أغلبهم يستضيف نفسه لصالح نفسه، بدلا من تقديم حوار متزن يجريه مع ضيفه».
في السياق ذاته، قالت الإعلامية فاتن عبد المعبود، المذيعة في التلفزيون المصري «ماسبيرو»، إن «ما يقدم على الفضائيات الخاصة الآن مجرد تصفية حسابات لأهداف خاصة تتعلق سواء بإعلامي أو رجل أعمال، والمشاهد للأسف هو الضحية، فضلاً عن أن بعضها يهاجم التلفزيون الرسمي ويتهمه بأن برامجه دمها ثقيل سواء في فكرتها أو من يقوم بتقديمها، رغم أن التلفزيون لديه وعي وأخلاق، على الرغم من قدراته المادية المحدودة».
مضيفة: «لا بد من عودة وضع التلفزيون الرسمي لمكانته الطبيعية بأي شكل من الأشكال ودعم الإعلام، وأن تشكل الهيئة الوطنية الجديدة للإعلام طبقًا للدستور بأشخاص يشهد لهم بالكفاءة وليس الأشخاص الموجودين على الساحة ومنهم ملاك قنوات خاصة». ونص الدستور المصري على تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام.. ويفترض أن تقوم بضبط خلل المشهد الإعلامي، ويقوم على رأسها خبراء وقضاة وخبراء الإعلام والصحافة وأعضاء بالنقابات المهنية. وأكدت عبد المعبود أن غرفة صناعة الإعلام المرئي مثلا تضم ملاك القنوات الخاصة، ويقومون بتنظيم عملهم هم وفقًا لرؤيتهم، لافتة إلى أنه للأسف الإعلام الخاص الآن أصبح مهنة من ليس له مهنة، فالمحامي أصبح مذيعًا والصحافي ورجل الدين والفنان والراقصة أيضًا، موضحة أن الإعلام الآن يضم كل التخصصات؛ فهو القاضي والمحقق في الوقت ذاته، فلا بد من تحديد الأدوار أولاً، وأن يكون للدولة المصرية دور في ذلك، والرئيس عبد الفتاح السيسي لا بد أن يتدخل في هذا الأمر، مؤكدة أن ما يحدث في القنوات الخاصة «سيرك» وهدف ملاكها من رجال الأعمال مصلحتهم وتحويل أي حدث لأهدافهم الشخصية.. وهذا ليس عيبًا، لأن الدولة هي من منحتهم هذا الحق، وعليها أن تنظمه وفق ضوابط مُحددة.. وهو أمر موجود بالفعل في كل الدول».
يُشار إلى أن سلبيات الإعلام المصري دعت الرئيس السيسي إلى أن يتحدث في معظم خطاباته للمصريين عن وجود أزمة في الإعلام وأنه غير راضٍ عنه.. وفي أحد الخطابات شكا الإعلام للمصريين.
ويرى مراقبون أن الذين يقدمون الخلطات العبثية في القنوات الخاصة غير مؤهلين لغة أو ثقافة أو حضورًا أو امتلاك للأدوات المهنية، فلا يمكن افتراض حسن النيات فيما يقدمون المواد الإعلامية، فهم يدمرون المجتمع بلا هوادة ويرفضون الرقابة تحت دعاوى «حرية التعبير».
فيما قالت الإعلامية فاتن عبد المعبود لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث يوميًا على شاشات الفضائيات في برامج (التوك شو) لا يحدث في أي دولة بالعالم».



هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟
TT
20

هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

مع احتدام المنافسة بين منصات الفيديو القصير مثل «إنستغرام ريلز» و«سنابشات سبوت لايت» و«تيك توك»، يواصل «يوتيوب شورتس» ترسيخ مكانته لاعباً أساسياً في هذا القطاع الديناميكي. ولهذا اتجه «يوتيوب» مطلع أبريل (نيسان) الحالي إلى تعزيز تجربة «شورتس» بأدوات تحرير من شأنها إنتاج محتوى جذاب في وقت أقل.

يُذكر أن «يوتيوب» كان قد أعلن في وقت مبكّر من الشهر الحالي عن تحديث، يشمل مجموعة من أدوات التحرير المُحسّنة، ويتيح للمُستخدمين تجربة أكثر سلاسة في إنتاج الفيديوهات القصيرة من خلال مزايا مثل إعادة ترتيب المقاطع وتعديلها بدقة، وإضافة الموسيقى والنصوص المتزامنة مع الإيقاع، مما يجعل تجربة التحرير أكثر تفاعلية وانسيابية.

أيضاً عزّزت المنصة خدماتها الجديدة بتقنية مزامنة الموسيقى أو المؤثّرات الصوتية مع حركة الفيديو بدقة، إلى جانب القدرة على استخدام أصوات بطريقة مشابهة لميزة «استخدم هذا الصوت» في «تيك توك». وللعلم، كانت منصة «شورتس» قد أطلقت رسمياً عام 2021، وسرعان ما تحوّلت إلى أحد أبرز أدوات «يوتيوب» لجذب جمهور الشباب وصُناع المحتوى الجدد، وسط تحوّل عالمي متسارع نحو المحتوى البصري القصير والتفاعلي.

في لقاء مع «الشرق الأوسط»، اعتبر حاتم الشولي، المشرف على تحرير الإعلام الرقمي في قناة «الشرق للأخبار»، الميزة الجديدة التي أطلقها «يوتيوب» لتعزيز «شورتس» فرصة للمؤسسات الإعلامية تمكّنها من الوصول إلى جمهور أوسع. وأكد أن «يوتيوب يهدف بهذا التحديث إلى جذب صُناع المحتوى من جميع الفئات لمنافسة المنصات الأخرى على الهدف الأقوى، ألا وهو الوصول للجمهور. وبمقدور المؤسسات الإعلامية تحديداً الاستفادة من ذلك عبر استخدام هذه الميزة لتقديم المعلومة السريعة والخفيفة، لا سيما، في عالم الأخبار السريع والمتجدّد لحظة بلحظة».

الشولي قال إن المؤسسات الإعلامية استفادت من خدمة «شورتس» بالفعل منذ ظهورها قبل أربع سنوات، مضيفاً: «قمنا في الشرق للأخبار، منذ البداية، بتفعيل محتوى الشورت عبر (يوتيوب) من خلال نشر الفيديوهات المُعدة بأسلوب مناسب لمنصات التواصل الاجتماعي، التي تتوفر فيها ميزات الفكرة الجذابة والقصة المحبوكة تحريرياً بطريقة سلسلة، بالإضافة إلى عوامل الجذب البصري وإضافة النصوص والموسيقى».

وأردف: «حققت الفيديوهات القصيرة في البداية نتيجة جيدة، لكن مع مرور الوقت ووجود تغطيات صحافية لبعض القضايا الرئيسة كانت الشورتس تُحدث فارقاً بالوصول لجمهور جديد وتحقيق مشاهدات أعلى، مقارنة بالفيديو الأصلي الكامل للقصة الإخبارية».

وعن الاستفادة التي يمكن أن تحقّقها المؤسسات الإعلامية من تحديث «يوتيوب»، ذكر الشولي أن «على المؤسسات أن تتكيف مع التحديثات وتستغلها لصالح هدف التفرد والوصول للجمهور». وفي حين عدّ هذا عبئاً على المؤسسات، فإنه أكد: «تفرض طبيعة الجمهور وخصائص كل منصة أحياناً ضرورة تخصيص نوع معين من المحتوى ليتناسب مع طريقة العرض والاهتمامات الخاصة بكل فئة مستخدمين، وهو ما قد يشكل عبئاً إضافياً على المؤسسات الإعلامية التي تضطر إلى إعادة صياغة الرسالة الإعلامية بما يتلاءم مع أكثر من منصة».

جدير بالإشارة أن «يوتيوب» أتاحت نموذج الأرباح من «شورتس» اعتباراً من فبراير (شباط) 2023، وفي هذا النظام، يحصل منشئو المقاطع القصيرة على 45 في المائة من عائدات الإعلانات، بينما يحصل منشئو الفيديوهات الطويلة على 55 في المائة.

على صعيد متصل، صنّف خالد فودة، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بمصر، ميزة «يوتيوب» الجديدة كاتجاه يحمل مسارين، ففي حين تعزز تجربة المؤسسات لإنتاج مقاطع الفيديو القصيرة، فإنها أيضاً تشعل منافسة مجحفة بين صُناع الأخبار والأشخاص من «صُناع المحتوى» القادرين على استخدام هذه الأدوات بسهولة وإنتاج يعادل ما تنتجه هذه المؤسسات بالإضافة إلى دعم من قبل المنصة.

وعدَّد لـ«الشرق الأوسط» مكاسب تحديث «يوتيوب»، قائلاً إنه «بات بقدرة صحافيي الميدان إعداد تغطية مباشرة وسريعة، وتُمكنّهم هذه الأدوات من إنتاج تقارير قصيرة فورياً باستخدام الهاتف الذكي خلال ثوانٍ معدودة، كما تمكّنهم من إضافة عناوين، ومقاطع صوتية ودمج بعض المؤثرات الثابتة التي تعكس هوية المؤسسة».

فودة تابع أنه من «المُبكر تقييم التجربة»، وأضاف أنه يتوقع «نجاح التجربة في تعزيز الأخبار، لأن المقاطع القصيرة بشكل عام يمكنها الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور بفضل خوارزميات الاقتراح... من المتوقع أن يدعم هذه الأدوات دعماً كاملاً من قبل المنصات نفسها، من خلال ترشيحها للجمهور أكثر من الفيديوهات الطويلة».

في المقابل، رهن خبير التواصل المصري نجاح مؤسسات الأخبار في استغلال الأدوات الجديدة بكيفية التعاطي مع التحديات، لافتاً إلى أنه «قد يكون التحقق من المعلومات أكثر تعقيداً في حالة آلية النشر السريع، مما قد يؤثر على دقة الخبر، وبالتالي ستفقد المنصات المصداقية فيما يتعلق بصحة الأخبار... وهو ما يعني أن على المؤسسات تشجيع الابتكار واستخدام الأدوات الجديدة».