الناخبون الأميركيون يصوتون اليوم.. وترامب يثير هلع النخب الجمهورية

يحظى بتأييد 41 % من ناخبي حزبه

الناخبون الأميركيون يصوتون اليوم.. وترامب يثير هلع النخب الجمهورية
TT

الناخبون الأميركيون يصوتون اليوم.. وترامب يثير هلع النخب الجمهورية

الناخبون الأميركيون يصوتون اليوم.. وترامب يثير هلع النخب الجمهورية

تختار خمس ولايات أميركية اليوم (السبت)، مرشحيها الجمهوريين والديمقراطيين للانتخابات الرئاسية، وسط انقسامات شديدة يثيرها المرشح الجمهوري دونالد ترامب داخل صفوف حزبه، وفيما يسعى الديمقراطي بيرني ساندرز إلى تقليص الفارق الذي يفصله عن هيلاري كلينتون.
وتجري اليوم انتخابات تمهيدية للجمهوريين في أربع ولايات هي لويزيانا وكنتاكي وكنساس وماين، وانتخابات تمهيدية للديمقراطيين في ثلاث ولايات هي لويزيانا وكنساس ونبراسكا.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت الحملة التي شنها المرشح السابق الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2012 ميت رومني الخميس، على ترامب، ستكفي لكبح تقدم الملياردير الذي يتصدر حتى الآن السباق بين الجمهوريين.
وأبرز الولايات التي تنظم انتخابات تمهيدية اليوم من حيث عدد المندوبين هي لويزيانا، الولاية الجنوبية حيث تشير استطلاعات الرأي إلى فوز ترامب كلينتون، بعدما كانا الفائزين الأكبرين في «الثلاثاء الكبير» في الأول من مارس (آذار)، بانتصار كل منهما في سبع ولايات.
غير أنّ نخب الحزب الجمهوري ومؤيديه لا تزال تحت وقع الصدمة إثر تدني مستوى خطاب رجل الأعمال الثري في المناظرة 11 بين المرشحين الجمهوريين التي جرت الخميس.
ورغم فوزه حتى الآن في الانتخابات التمهيدية، فإنّ نبرة ترامب اللاذعة والبذيئة، تبعث الشكوك في أهليته لنيل الترشيح الجمهوري، بما في ذلك بين أقرب مؤيديه وباتت تنتشر فكرة قيام أقطاب الحزب بحملة مساع مكثفة لإفشال حملته.
وتنصب الأنظار الآن إلى يوم انتخابي حاسم في 15 مارس حين ستختار خمس ولايات كبرى مندوبيها.
وما زاد من ذعر المحافظين، إلغاء الملياردير مشاركته السبت في «مؤتمر العمل السياسي المحافظ»، الملتقى السنوي للمحافظين الأميركيين قرب واشنطن.
وبرر فريق حملته الجمعة هذا القرار بأنّه سيعقد مهرجانًا انتخابيًا اليوم، في ويتشيتا بولاية كنساس (وسط) قبل المجالس الناخبة في المساء نفسه، وبعدها يتوجه إلى فلوريدا التي تصوت في 15 مارس.
وأعرب منظمو المؤتمر عن «خيبة أملهم الكبيرة»، معتبرين أنّ «خياره يوجه رسالة واضحة إلى المحافظين».
وناشدت جيني بيث مارتن وهي من مؤسسي حركة حزب الشاي المحافظة المتشددة التي أوصلت الكثير من المحافظين وبينهم تيد كروز إلى الكونغرس في 2010 و2012، جميع المشاركين في المؤتمر أن يدعموا حملة كروز، المرشح لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية.
وقالت مارتن إنّ ترامب له «خطاب جذاب» بتأكيده عزمه على ترميم عظمة أميركا؛ لكنه «يحب نفسه في بداية المطاف وفي نهايته وما بينهما».
وإن كان ترامب ينتقد من جملة ما ينتقد عليه لتقلب مواقفه التي تغيرت حول الكثير من المواضيع، فهو عزز هذه المآخذ، إذ تراجع أمس، عن دعوته إلى تعذيب الإرهابيين وقتل عائلاتهم، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال.
وازداد الهلع لدى الجمهوريين بعد مناظرة الخميس التي وصل فيها ترامب إلى مستويات غير مسبوقة من البذاءة.
وكتب المحافظ ماثيو كونتينيتي على موقع «واشنطن فري بيكون» أنّ «هذا المشهد بعث في الاشمئزاز. كنت أشاهد على شاشتي عقودًا من عمل المؤسسات المحافظة والناشطين والمندوبين تذهب إدراج الرياح».
ويخشى بعض مسؤولي الحزب في حال فوز ترامب بالترشيح الجمهوري أن يساهم في وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض.
ورغم تصاعد حدة المواجهات الكلامية بينهم، أكّد كل من خصوم ترامب الثلاثة، أنّه سيسانده في حال فوزه بترشيح الحزب.
ويأمل ترامب اليوم في الحصول على أصوات الذين كانوا حتى الآن يؤيدون بن كارسون، بعدما أعلن جراح الأعصاب المتقاعد أمس، انسحابه.
وقال تيد كروز إنّ «الرهان أهم» من أن يسمح بترشيح ترامب، محذرًا من أنّ هيلاري كلينتون ستلحق به هزيمة مدوية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وقال كروز الذي فاز حتى الآن بأربع ولايات «إنّ تعيين دونالد سيكون كارثة».
أمّا ماركو روبيو المرشح الذي يعتبره الكثيرون بديلا منطقيا لترامب، فلم ينتصر حتى الآن سوى في ولاية واحدة، في حين لم يحصل حاكم أوهايو جون كاسيك على أي ولاية.
وأمس أثناء إلقاء ترامب كلمة أمان حشد انتخابي في نيو أورليانز قاطعه محتجون أكثر من مرة، فيما هتف عدد منهم بعبارات مناهضة لجماعة كلو كلوكس كلان ودافع البعض الآخر عن السود. فسارعت الشرطة وأخرجت المحتجين بالقوة من حظيرة طائرات في مطار ليكفرونت حيث كان ترامب يلقي كلمته.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة رويترز للأنباء ومؤسسة ابسوس، أنّ ترامب يحظى بتأييد 41 في المائة من الناخبين الجمهوريين مقابل 19 في المائة لتيد كروز و16 في المائة لماركو روبيو.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.