احتجاز رئيس البرازيل السابق لاستجوابه في تحقيق فساد

النائب العام أكد تلقي لولا دا سيلفا هبات من عدة شركات

احتجاز رئيس البرازيل السابق لاستجوابه في تحقيق فساد
TT

احتجاز رئيس البرازيل السابق لاستجوابه في تحقيق فساد

احتجاز رئيس البرازيل السابق لاستجوابه في تحقيق فساد

احتجزت الشرطة الاتحادية البرازيلية لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس السابق، أمس، لاستجوابه في تحقيق يتعلق برشى وغسل أموال، قالت إنها مولت حملات ونفقات لحزب العمال الحاكم، مؤكدة أنها تملك أدلة تثبت أن لولا دا سيلفا استفاد بشكل غير قانوني من عمولات في شركة النفط الحكومية (بتروبراس) في صورة مدفوعات ومنزل فاخر.
ويأتي اعتقال لولا دا سيلفا في إطار تحقيق كبير شمل نوابا ورجال أعمال ذوي نفوذ، ولطخ إرث أقوى سياسي في البرازيل، وكذا الأساليب التي استخدمها حزبه لترسيخ سلطته منذ صعوده إلى الحكم قبل 13 عاما.
وتجعل الأدلة ضد لولا التحقيقات قريبة من الرئيسة الحالية ديلما روسيف، التي تكافح لتفادي إجراءات لعزلها ولانتشال البلاد من أسوأ تباطؤ اقتصادي خلال عقود، حيث قفز الريال البرازيلي أكثر من 3 في المائة في التعاملات الصباحية أمس، مع مراهنة المستثمرين على أن الاضطراب السياسي قد يسفر عن تشكيل ائتلاف حاكم أكثر دعما لسياسات السوق.
وقال بيان للشرطة إن «الرئيس السابق لولا كان بجانب رئاسته للحزب المسؤول بشكل أساسي عن اتخاذ قرارات تعيين المديرين في شركة (بتروبراس) وأحد المستفيدين الرئيسيين من هذه الجرائم»، مضيفا أنه «يوجد دليل يثبت أن الجرائم أدت إلى ثرائه، ومولت حملات انتخابية وخزانة حزبه السياسي».
ولم يتسن على الفور الوصول إلى المتحدث باسم الرئيس السابق لطلب التعليق. لكن مؤسسة لولا قالت، في بيان مساء أول من أمس، إن الرئيس السابق لم يرتكب أي ممارسات غير قانونية قبل رئاسته وخلالها وبعدها. ووصفت المؤسسة التي نفت مرارا ارتكاب الرئيس السابق أي مخالفات احتجازه بأنه «تعسفي وغير قانوني وغير مبرر»، كما نفت روسيف ارتكاب أي مخالفات.
وانضم قادة حزب العمال للدفاع عن الرئيس السابق، إذ قال وزير العمل ميجيل روسيتو إن اعتقاله «هجوم واضح على ما يمثله لولا.. فهذا ليس عدلا، هذا عنف».
وفي الشارع خارج منزل لولا بولاية ساو باولو، أظهرت لقطات تلفزيونية أنصار الرئيس السابق يتجمهرون بقمصان حمراء، ويرددون أناشيد ويتبادلون السباب مع معارضيهم، مما يدل على العواطف العميقة التي تحيط بالرئيس السابق، الذي كانت صورته باعتباره مؤسسا لحزب العمال محورية في احتجاجات الشوارع الضخمة المنادية بعزل روسيف، والمناهضة لعزلها أيضا خلال العام المنصرم، ونظمت أيضا النقابات العمالية القوية مسيرات باسمه.
وفي حين قال المدعون الذين أمروا أمس بشن المداهمات إنهم يملكون أدلة تثبت تلقي الرئيس السابق أموالا من كسب غير مشروع، مرتبط بشركة «بتروبراس» الحكومية، شملت منزلا شاطئيا فاخرا وآخر ريفيا، صرح النائب العام البرازيلي كارلوس فرناندو دوس سانتوس ليما، في مؤتمر صحافي أمس، إن الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا «تلقى الكثير من الهبات» من شركات بناء كبرى، متهمة بالفساد في إطار فصيحة «بتروبراس» النفطية، وقال إن «شركات كبيرة للأشغال العامة دفعت» نحو ثلاثين مليون ريال (ثمانية ملايين دولار) كهبات وأتعاب على محاضرات إلى لولا الذي اقتادته الشرطة أمس لاستجوابه، مضيفا أن «الهبات كثيرة ويصعب تحديد كميتها. ومن الأسهل تحديد حجم الأشغال التي جرت في الشقة المكونة من ثلاثة طوابق والمنزل الريفي».
وأضاف النائب العام موضحا: «نحن نقوم بتحليل الأدلة التي تؤكد أن الرئيس وعائلته استفادوا من امتيازات»، مشيرا إلى أنه لا يفكر في توقيف رئيس الدولة السابق في الوقت الراهن.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.