كاميرون يقترح تأجيل خطاب الملكة لتعزيز حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي

الشركات الأوروبية في بريطانيا منقسمة حيال معركة الاستفتاء

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ف.ب)
TT

كاميرون يقترح تأجيل خطاب الملكة لتعزيز حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون (أ.ف.ب)

لمح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، أنه قد يؤجل خطاب الملكة إليزابيث الثانية، وأنه يسعى لتخفيض تمويل أحزاب المعارضة لتعزيز حملته للحفاظ على عضوية بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي.
وكشفت صحيفة «تايمز» البريطانية أنه تم إبلاغ الوزراء بأن إطلاق البرنامج التشريعي، الذي ستكشفه الملكة إليزابيث في خطابها الرسمي، والذي يُعرف باسم خطاب الملكة، الخاص بخطط العام المقبل المقرر في مايو (أيار)، لن يتم حتى انتهاء الاستفتاء في 23 يونيو (حزيران) المقبل.
ورفض مكتب مقر الملكة إليزابيث التعليق على هذه المسألة، وقالت المتحدثة لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس لدينا تعليق على هذه التطورات».
ويكشف خطاب الملكة البرنامج التشريعي لحكومة حزب المحافظين برئاسة ديفيد كاميرون للعام المقبل، وهذا التقليد يعود إلى عام 1536 ويستمر نحو عشر دقائق.
من جانب آخر، أمرت رئاسة الوزراء أيضًا بإجراء مراجعة عن تخفيضات كبيرة لتمويل دافعي الضرائب لحزب العمال وأحزاب المعارضة الأخرى، التي يحتاج رئيس الوزراء إلى دعمها للفوز في الاستفتاء المقبل. ويعكس القرار خوف وقلق الحكومة من أن تفقد الأصوات الحاسمة، وخصوصًا مع انقسام حزب المحافظين بشأن مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي.
وقال المتحدث باسم حزب المحافظين، جيمي جودوين، إن «نواب حزب المحافظين يحاولون اتخاذ موقف محايد عندما يتعلق الأمر بالاستفتاء المقبل في يونيو، لتجنب الانقسامات داخل الحزب»، رافضًا التعليق على تأجيل خطاب الملكة إليزابيث. بدوره، هدد حزب العمال المعارض بهجوم على الحكومة في مجلس العموم حول خفض تمويل أحزاب المعارضة، بهدف دفع رئاسة الوزراء لإعادة التفكير في هذه الخطة، بحسب صحيفة «تايمز». وقد يساعد تأخير الخطاب كاميرون على تنظيم أمور رئاسته للحكومة بعد نتيجة الاستفتاء، طبقًا لوزراء يزعمون أن كاميرون يأمل في استغلال انتصاره في استفتاء الاتحاد الأوروبي لاستعادة سيطرته على حزب المحافظين والدفع بقوانين جديدة.
في سياق متصل، أعلن قطاع صناعة السيارات في بريطانيا أمس، عن تأييده لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إلا أن أنصار الخروج من الاتحاد حذروا من تكاليف الإجراءات الروتينية الأوروبية في وقت تقلق معركة الاستفتاء قطاع الأعمال البريطاني.
وقبل أقل من أربعة أشهر على إجراء الاستفتاء، أعلنت جمعية منتجي وتجار السيارات أن نحو 75 في المائة من أعضائها يعتقدون أن البقاء في أوروبا أفضل للشركات. إلا أن مجموعة «ليف آي يو» (اتركوا الاتحاد الأوروبي) المؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي نشرت رسالة مفتوحة موقعة من رؤساء أكثر من 200 شركة صغيرة، تدعو البريطانيين إلى التصويت على الخروج من الاتحاد، وتنتقد قوانين الاتحاد المفرطة.
وأظهر استطلاع أجراه معهد «كومريس» المستقل للاستطلاعات لحساب نقابة منتجي وتجار السيارات أن الغالبية العظمى من شركات إنتاج السيارات قالت إن «الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون له انعكاسات سلبية عليها». وشمل الاستطلاع 204 من أعضاء النقابة البالغ عددهم الإجمالي 475 عضوًا، من بينهم شركات صغيرة وأخرى عملاقة مثل «تويوتا» اليابانية و«بي إم دبليو» الألمانية.



مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
TT

مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)

منح وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نصراً دبلوماسياً غير معهود في الشرق الأوسط، بعدما عمل عليه لأسابيع مع واشنطن، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، حسني عبيدي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها عودة غير متوقعة للدبلوماسية الفرنسية. أعاد لبنان إحياء دور فرنسا في الشرق الأوسط».

وأيدت أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، هذا الرأي، عادّةً أنه «بالنسبة لفرنسا، يعد هذا نجاحاً».

ولفتت إلى الخيبة التي أثارها في سبتمبر (أيلول) إفشال مبادرة مماثلة في اللحظة الأخيرة من قِبَل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وأوضحت أن ماكرون الذي انخرط بشكل كبير إلى جانب الولايات المتحدة أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة «عدَّ الأمر بمثابة صفعة».

منذ ذلك الحين، يبذل الفرنسيون جهوداً مكثفة في المفاوضات، بالتنسيق مع الأميركيين، وإن كان الإسرائيليون «رغبوا في إبعادهم عنها»، بحسب مصدر فرنسي قريب من الملف.

وشكر نتنياهو الذي اتسمت علاقاته مع الرئيس الفرنسي بالتوتر في الآونة الأخيرة، مساء الثلاثاء، الرئيس الأميركي جو بايدن «على دوره» في الهدنة.

في المقابل، شكر الرئيس الأميركي بايدن، المنتهية ولايته، نظيره الفرنسي على «مشاركته» في المفاوضات بين إسرائيل ولبنان.

«بحاجة إلينا»

وأشارت مصادر عدة تحدثت إليها «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن الأميركيين واللبنانيين تمسّكوا بأن تؤدي فرنسا دوراً في المباحثات وآلية مراقبة تنفيذ الاتفاق، نظراً إلى الاتصالات القائمة بينها وبين «حزب الله» وداعمته إيران.

وأكد دبلوماسي فرنسي أن «الأميركيين بحاجة إلينا من أجل (حزب الله)»، موضحاً: «لقد حاولوا أن يؤدوا (بمفردهم) لكن الأمر لم ينجح، لذا قدم الفرنسيون قيمتهم المضافة التقليدية».

وأشار إلى أن باريس التي تراجع تأثيرها خلال السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط، تستعيد بذلك «مكانتها التقليدية» بين مختلف الأطراف في المنطقة، مؤكداً أنه «من هذا المنظور، يعد ذلك انتصاراً».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء: «إن هذا الاتفاق ثمرة عمل شاق جرى على مدى أشهر عدة. إنه نجاح للدبلوماسية الفرنسية ويمكننا أن نعتز به».

وأوضح عبيدي أن المفاوضين اللبنانيين أصرّوا «على المشاركة الفرنسية لأنهم لا يثقون في الأميركيين الذين أظهروا انحيازهم الكامل للموقف الإسرائيلي».

ويأتي وقف إطلاق النار في توقيت ملائم بالنسبة لماكرون الذي يواجه وضعاً صعباً في فرنسا منذ قراره حل البرلمان في يونيو (حزيران)، والطامح إلى استعادة مكانته على الساحة الدولية.

ونادراً ما أثمرت حتى الآن الجهود الدبلوماسية للرئيس الفرنسي، من ليبيا، إلى أوكرانيا، حيث وجهت إليه انتقادات شديدة لمواصلة الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد بدئه الغزو في فبراير (شباط) 2022، مروراً بلبنان الذي كان خاضعاً للانتداب الفرنسي، وحيث يحاول منذ أعوام الضغط على قادة البلاد لحلّ الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعانيها بيروت.

«مهمة دقيقة»

ويمكن لوقف إطلاق النار قبل أيام من زيارة دولة يقوم بها إلى السعودية، بين الثاني والرابع من ديسمبر (كانون الأول)، أن يشكّل ورقة رابحة للرئيس الفرنسي.

فهو يوفّر لماكرون «محاولة إقناع السعوديين» بالمساهمة في إرساء استقرار في لبنان، لا سيما مالياً، وإن كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «ليس لديه (بالضرورة) هذا الهدف»، بحسب لوفالوا.

وبغض النظر عن بدء سريان وقف إطلاق النار، يشكل ثباته ميدانياً على المدى البعيد تحدياً لباريس وواشنطن، رغم «حرص» الطرفين على حسن تنفيذه.

وأكد نتنياهو، الثلاثاء، أن إسرائيل، وبالتفاهم مع الولايات المتحدة، «ستحتفظ بالحرية التامّة للتحرك العسكري» ضد «حزب الله» في حال انتهك الاتفاق. وشدد على أنه إذا «حاول إعادة التسلّح، فسنهاجم».

وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حالياً الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حالياً إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

وسأل لوفالوا: «كيف ستسير الأمور بشكل ملموس إذا حدثت مشكلة؟»، مشيرة إلى أن الجيش اللبناني لن تكون لديه «وسائل كثيرة» تتيح له الفصل بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.

أمام كل هذه التحديات، «تواجه فرنسا مهمة دقيقة تتمثل في الإبقاء على استقلاليتها ونفوذها مع الحفاظ على ثقة جميع الأطراف المعنية»، بحسب عبيدي.