تاريخ الفيفا المظلم.. التحدي الكبير لإنفانتينو

لا بد للرئيس الجديد من الحذر أن يبدو مسؤولاً قديمًا في ثياب جديدة

إنفانتينو الرئيس الجديد للفيفا
إنفانتينو الرئيس الجديد للفيفا
TT

تاريخ الفيفا المظلم.. التحدي الكبير لإنفانتينو

إنفانتينو الرئيس الجديد للفيفا
إنفانتينو الرئيس الجديد للفيفا

قد يكون هو الإرهاق في نهاية حملة طويلة، أو مجرد حالة من عدم التصديق بأنه حقق لتوه انتصارا غير متوقع، لكن بينما كان جياني إنفانتينو يقف أمام «عائلة الفيفا» الجديدة، التي لا تختلف كثيرا في كون الخلل يضرب أوصالها، فإن تعبيرات وجهه التي غمرها شعور بالدهشة ربما كانت أول إشارة إلى إدراكه لما جلبه على نفسه.
كان المحامي الرشيق ذو الـ45 عاما، صاحب الرأس اللامع والقدرة على الإقناع، والذي يتقن الحديث بعدة لغات، قد نجح في بناء شعبيته لدى كثير من الاتحادات التي قررت مصيره في النهاية. وكان هذا من خلال جولانه حول العالم، حيث يوزع الوعود حول زيادة الأموال المخصصة لتطوير اللعبة ومزيد من الاستثمارات في القاعدة الشعبية لكرة القدم حول العالم. وطالما كانت الإصلاحات الموعودة تضمن رقابة مالية مناسبة وتدقيقا مستقلا في كل أعضاء الفيفا الـ209، فسيكون كل شيء على ما يرام - وينبغي أن يكون دور الفيفا هو تعظيم العوائد التجارية وتوزيع تلك الأموال وفق ما تقتضي الحاجة. غير أنه بالنظر إلى تاريخ المنظمة القاتم، فإن تحقيق هذا يظل تحديا كبيرا. كان إنفانتينو والمخططون الاستراتيجيون لحملته يعلمون أنه من الأهمية بمكان استهداف الناخبين في أفريقيا وأميركا الجنوبية والكونكاكاف، بسبب الفكرة المأخوذة عن الاتحاد الأوروبي بأنه متغطرس ومتنمر يسيطر على المال واللاعبين.
قال ديفيد غيل، المدير التنفيذي السابق لمانشستر يونايتد والعضو حاليا في اللجنة التنفيذية في كل من الفيفا واليويفا: «بدأ جياني من لا شيء قبل 4 أو 5 شهور. وما فعله هو الذهاب ومقابلة الناس وتسويق نفسه، وهذا هو ما رجح كفته». وتابع: «الكثير من الأميال والكثير من العمل الشاق. إن هذه الطاقة والحماس يعنيان أنه الاختيار الصحيح لدفع المنظمة إلى الأمام. وكما نعلم جميعا، هناك حاجة لكثير من العمل الآن».
انتقد أحد خصوم إنفانتينو، وهو جيروم تشامبين، جولات الرجل العالمية، قائلا إنه كان يختال بطائرة خاصة، ويلتقط الصورة ثم ينشرها على «تويتر». صحيح أن جولات إنفانتينو العالمية التي تكلفت 500 ألف يورو (دفعت من خارج أموال يويفا) أسفرت عن كم فظيع من الصور مع كثير من الناس، غير أنه بالنسبة إلى البعض لم يكن إنفانتينو يختلف كثيرا عن الكاريزما والقيادة التي أظهرهما رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر عندما انضوى تحت جناح جواو هافيلانغ (السباح البرازيلي السابق، المولود لأبوين بلجيكيين، والذي تسلم رئاسة الفيفا لأربع وعشرين سنة كاملة)، واعتمد في حملته الانتخابية في 1988 على السفر في طائرة خاصة وفرها له نائب رئيس الفيفا السابق القطري محمد بن همام، الذي صار خصمه الموصوم بعد ذلك. سيكون من أوليات مهام إنفانتينو أن يثبت قدرته على أن يتجاوز هذه المقارنات - وأن يثبت أنه ليس بالنسبة إلى ميشال بلاتيني الموقوف، كما كان بلاتر يمثل بالنسبة إلى هافيلانغ.
إن بلاتيني، الذي كان المرشح المفضل لخلافة بلاتر قبل أن تتدخل التحقيقات السويسرية في عملية خيانة أمانة بقيمة 1.3 مليون جنيه إسترليني، ما زال يؤكد على أنه لم يرتكب أي مخالفات. وجه إنفانتينو تحية طيبة للفرنسي عقب فوزه. ربما يكون قد شعر بأنه ليس بوسعه أن يفعل شيئا آخر. لكن مثلما لفت المسؤولون التنفيذيون للاتحاد الأوروبي الأنظار بإشادتهم ببلاتيني وتعبيرهم عن أملهم القوي بأن يعود قريبا خلال الاجتماع الذي يسبق الجمعية العمومية لليويفا، فلا بد للرئيس الجديد للفيفا أن يحذر من أن يبدو ببساطة رئيسا قديما في ثياب جديدة. جدير بالذكر أن لجنة الأخلاق التابعة لفيفا قررت في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إيقاف رئيس الفيفا السابق السويسري بلاتر وبلاتيني الذي سحب ترشيحه للانتخابات الرئاسية، 8 أعوام عن مزاولة أي نشاط كروي بسبب دفعة غير مشروعة من الأول بقيمة مليوني دولار سددها عام 2011 لقاء عمل استشاري قام به الثاني بين 1999 و2002 ومن دون عقد مكتوب.
في قاعة ملعب هالينستاديون بزيوريخ، حيث كان بلاتر صاح في مايو (أيار) في نشوة انتصار: «لنمض يا فيفا»، وسط المندوبين الذين كانوا قد أعادوه إلى منصبه كرئيس قبل أيام على مداهمات الفجر على فندق بور أولاك، وضعت الجمعية العمومية التي انتخبت إنفانتينو نهاية لفترة استثنائية امتدت لـ8 أشهر، وأسقطت أخيرا النخبة التنفيذية المتسلطة في الفيفا. لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا - حيث صوتت في الجولة الأولى للأمير علي، الذي قاد حملة تستحق الاحترام، ثم أقنعت أنصاره بتغيير مواقفهم. وسيكون هناك ارتياح في الولايات المتحدة ولدى المحامين الأميركيين الذين يعملون بشكل وثيق في مقر الفيفا لمتابعة قضايا الفساد. قال سونيل غولاتي، رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم والعضو باللجنة التنفيذية للفيفا: «لقد كان جياني يعرف إلى أي مدى كنا نفكر بشأنه. قلنا لجياني إننا سندعم الأمير علي لكننا طمأناه كذلك بأننا سنكون معه عندما يكون واضحا أن الأمير علي لن يتمكن من الفوز».
ورغم كل ما يقوله إنفانتينو ومؤيدوه عن «إعادة كرة القدم إلى الفيفا» و«عهود جديدة»، تظل المنظمة غارقة في أزمات وجودية. حدد ماركوس كاتنر، القائم بأعمال الأمين العام للفيفا، بوضوح الثقب الأسود في ميزانية الفيفا، والذي يصل إلى 550 مليون دولار، في حين أن التكاليف القانونية غير المتوقعة ومخصصات الرعاية التي لم يتم سدادها تهدد بمزيد من الخسائر. من غير المرجح أن يكون انتصار إنفانتينو خبرا سارا للرعاة، خاصة بالنظر إلى نجاحه في جلب عوائد مالية أثناء وجوده في الاتحاد الأوروبي، لكن أولئك الذين يراقبون الفيفا سيستمرون في مراقبة عملية الإصلاح البراقة عن قرب، وما إذا كانت أكبر من مجرد كونها تجربة تجميلية جديدة. قال جيمي فولر، من منظمة «نيو فيفا ناو»، ما قل ودل عندما وصف الإصلاحات بـ«بوضع أحمر الشفاه على حيوان قبيح المنظر». وبتفصيل أكبر، أوضحت منظمة «نيو فيفا ناو» تحفظاتها بشأن الإصلاحات التي يمكن أن تؤدي لنتائج إيجابية في بعض جوانبها (من تحديد عدد فترات رئاسة الفيفا، إلى الشفافية المالية، ومزيد من التنوع، ومزيد من الاستقلالية) ولا يمكن أن تأتي بمثل هذا المردود في جوانب أخرى.
وقالت المنظمة: «على الرغم من أن بعض الإصلاحات لا يختلف عليها اثنان وهي موضع ترحيب، فإن نيو فيفا ناو تعتقد بأنها لا تتصدى للعيوب الهيكلية الأساسية سواء في داخل لعبة كرة القدم، أو، وهو الأهم، في ثقافتها». وأوضحت المنظمة أن «الإصلاحات تخفق في أن تجعل كرة القدم خاضعة للمساءلة من قبل أصحاب المصلحة الأساسيين في اللعبة وهم اللاعبون والجمهور». كما أن هناك شكوكا حول ما إذا كان توسيع مجلس الفيفا ليكون بديلا للجنة التنفيذية الموصومة خطوة حقيقية للأمام. وقد جرى على سبيل المثال تأجيل قرار يتعلق بالرقابة المستقلة، وهو من المطالب واجبة التنفيذ بالنسبة إلى منظمة الشفافية الدولية وغيرها من الجهات، بانتظار وصول الرئيس الجديد. كما أنه من الصعوبة بمكان أن تنشأ الثقة بينما كشفت رسائل بريد إلكتروني مسربة أن قسم الاتصالات بالفيفا قدم نقاطا للحديث بشأنها إلى المرشحين الخمسة لرئاسة الفيفا، يحثهم فيها إلى التركيز على عملية الإصلاح؛ أو عندما بدأت الجمعية العمومية غير العادية للفيفا عملها بلافتة عملاقة خلف اللجنة التنفيذية تقول: «الفرصة لنتحرك معا كفريق ونضع أساسات الطريق الجديد للمضي قدما».
وقال إنفانتينو لبعض الصحافيين عن راتبه الجديد «ليست لديّ أي فكرة عنه بعد. أدرك أنكم لا تصدقون ذلك لكني لم أترشح للمنصب من أجل المال. لم أتناقش مع أي شخص حول ما سأتقاضاه. سأنتظر ونرى». وأضاف أنه لم يتناقش مع أي شخص في أمر راتبه منذ انتخابه رئيسا للفيفا يوم الجمعة الماضي. ولم يكشف النقاب أبدا عن راتب بلاتر الرئيس السابق للفيفا، لكن الإصلاحات التي أقرها الفيفا الأسبوع الماضي لتجاوز فضيحة الفساد تشمل إتاحة الرواتب للتدقيق. ورفض إنفانتينو فكرة أنه سيتمتع بصلاحيات أقل من بلاتر وفقا للإصلاحات التي أقرها الفيفا يوم الجمعة الماضي قائلا «لن أقول إن لي صلاحيات محدودة. تم انتخابي الجمعة الماضي لأكون رئيسا للفيفا، والرئيس هو من يضبط الأداء ويجب أن يقدم أداء مقنعا بالطبع. هذه ليست ديكتاتورية بل ديمقراطية ومشاركة».
وسيحسن إنفانتينو صنعا إذا تجاوز ماضي الفيفا المظلم. تشير صحيفة «ذي أوبزرفر» إلى أن المحققين الداخليين من شركة «كوين إيمانويل» القانونية الأميركية ما زالوا يفتشون في أرشيفات الفيفا، وهي ثروة من المواد المريبة، ويركزون على 4 مجالات واسعة النطاق بتوجيهات من السلطات السويسرية. وهذه المجالات هي: تذاكر كأس العالم، ومبلغ الـ10 ملايين دولار المريب الذي ذهب إلى جاك وارنر من منظمي كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا عن طريق الفيفا، والتحقيقات في التصويت على تنظيم كأس العالم 2006، الذي أدى الآن إلى استقالة الرئيس والأمين العام للاتحاد الألماني لكرة القدم، وعقود البث التلفزيونية الغامضة، والتي من الواضح أنها بيعت بثمن بخس إلى وارنر.
وضع المحامي العام السويسري يده على كم هائل من البيانات والمعلومات، كما ينقب في المعاملات المصرفية المريبة التي طالت إلى الآن 3 شخصيات كبيرة. كذلك يمكن أن يستمر تحقيق وزارة العدل الأميركية لسنوات ويتوسع من مناطق جنوب ووسط وشمال أميركا إلى اتحادات أخرى. ولن ينتهي أي من هذه التحقيقات قريبا. على الفيفا، بدلا من أن يشيد بنفسه لإصلاحاته المقترحة، أن يتحرك ويعمل على تنفيذها. عليه كذلك أن يخفض بشكل حاد نفقاته التي تصل لملايين الدولارات على عملية تلميع نفسه، وعلى لجان الجمعية العمومية وغيرها من المظاهر الزائلة لتمجيد الذات.
كما على الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يثبت أنه يستطيع أن يضطلع بوظيفة أساسية - جمع الأموال من كأس العالم وإنفاقها على تطوير كرة القدم في شتى أنحاء العالم - من دون أن تختفي برك من هذه الأموال السائلة في أماكن غير معلومة. عندما يتذكر المرء تهليل وفود الفيفا لبلاتر العام الماضي، يصعب أن نضع الكثير من الثقة على قدرتهم على إحداث التغيير الثقافي المطلوب. لقد قوبل انتصار إنفانتينو بالكثير من الارتياح بسبب أن الصفات غير المتوافرة فيه أكثر من الصفات التي يتمتع بها فعليا. وسيكون رائعا لو اعتقدنا أن الأعضاء المصوتين الـ207 ألقوا نظرة على نقاط الجدل العديدة المحيطة ببعض المرشحين، ثم أعادوا التفكير. لكن الحقيقة التي لا لبس فيها هي أنهم قد يكونون وجدوا في إنفانتينو شخصا يمكنهم التعامل معه.
إلا أن استطلاع رأي نشرت نتائجه أول من أمس أظهر أن الألمان يعتقدون أن الفساد منتشر بشكل واسع في الفيفا ولا يتوقعون تغير الوضع تحت قيادة السويسري إنفانتينو. وذكرت مؤسسة «يوغوف» لأبحاث والدراسات التسويقية على الإنترنت أن 57 في المائة من 1361 شخصا شاركوا في الاستطلاع يعتقدون أن معدل الفساد لن يتراجع تحت قيادة إنفانتينو. بينما يعتقد 18 في المائة أن الفساد سيتراجع مع تولي القيادة الجديدة للفيفا وتطبيق حزمة الإصلاحات التي جرى التصديق عليها أيضا خلال الاجتماع الاستثنائي للجمعية العمومية (كونغرس الفيفا) يوم الجمعة الماضي. وقال 85 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إن الفساد موجود في الفيفا، ويؤكد 87 في المائة أن الفساد والمخالفات منتشران بشكل كبير في الاتحاد. بينما يعتقد 11 في المائة أن قلة فقط من المسؤولين البارزين بالفيفا هم المتورطون في أعمال الفساد.
وكان إنفانتينو قال إنه يريد انخراط اللاعبين بشكل أكبر في إدارة الرياضة كما أوصى بالحذر من استخدام التكنولوجيا. وطالب إنفانتينو بأن تكون تصرفات مسؤولي كرة القدم «مثل الجماهير وليس مثل السياسيين»، وأشار إلى أن اقتراحه بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم إلى 40 منتخبا لن يؤثر كثيرا على فترة إقامة المباريات الدولية. وأضاف: «من المهم انخراط اللاعبين لأنهم العامل الأهم في كرة القدم». وتابع: «يجب مشاركتهم في عملية اتخاذ القرارات. نحن بحاجة للاستماع إليهم. نحن بحاجة للاستماع إلى أصواتهم وخبراتهم وانخراطهم في الأنشطة التي نقوم بها».
وورث إنفانتينو منظمة في أزمة كبيرة بعد أن وجهت السلطات الأميركية اتهامات بالفساد لعشرات من مسؤولي كرة القدم، بعضهم في مناصب مرموقة في الفيفا، إضافة لإيقاف بلاتر الرئيس السابق ست سنوات من جانب لجنة القيم. وقال رئيس الفيفا الجديد إن الرياضة لا تستطيع غض الطرف عن استخدام التكنولوجيا لمساعدة الحكام، لكن يجب أن تكون أكثر حذرا حول إيقاف المباريات كثيرا. وستناقش الهيئة المسؤولة عن قوانين اللعبة والتي يملك فيها الفيفا أربعة أصوات من أصل ثمانية يوم السبت السماح باستخدام الإعادة التلفزيونية لمساعدة الحكام على اتخاذ القرارات الخاصة بالأهداف المثيرة للجدل وركلات الجزاء والطرد والحالات الخاطئة في تحديد هوية اللاعبين.
وقال إنفانتينو «من المهم رؤية مدى تأثير التكنولوجيا على سير المباريات». وأضاف: «كرة القدم لعبة استثنائية. هي أجمل وأهم لعبة في العالم ولا نريد قتل كرة القدم». وتذكر إنفانتينو الأيام التي كان يذهب فيها إلى المباريات مرتديا ملابسه العادية وليست الرسمية كما يحدث الآن. وقال «أعتقد أن علينا تغيير ذلك وأن نتصرف نحن كمسؤولين مثل الجماهير وأقل قليلا من السياسيين».
وسبق أن اقترح جيروم شامبين المرشح السابق في انتخابات رئاسة الفيفا هذا الأمر. واقترح إنفانتينو من قبل زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم إلى 40 بدلا من 32. وأضاف: «سنعطي ثمانية منتخبات أخرى فرصة المشاركة في كأس العام، لكننا سنعطي منتخبات أكثر بكثير فرصة الحلم بالتأهل». وتابع «أعتقد أن تأثير ذلك سيكون قليلا على فترة المباريات الدولية، لكن علينا مناقشة ذلك والتقدم للأمام من هذه النقطة».



ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)
TT

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)

خفف تتويج المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية لمسابقة "الخماسي الحديث" للرجال، بجانب فضية اللاعبة سارة سمير في "رفع الأثقال" الضغط على البعثة الأولمبية المصرية في أولمبياد باريس بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية والتي عرضت البعثة إلى حالة من الهجوم العنيف من قبل الجمهور والنقاد المصريين.

حالة من "الارتياح النسبي" لدى البعثة المصرية الأولمبية وسط حالة من الهجوم وعدم الرضا عن النتائج التي حققتها، لاسيما أنها

احتفاء واسع في مصر بأحمد الجندي بعد فوزه بالميدالية الذهبية (أ.ب)

وفاز اللاعب المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في "أولمبياد باريس" بمسابقة الخماسي الحديث للرجال، محطماً الرقم القياسي العالمي في المسابقة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، فيما كان الرقم القديم 1482، فيما حققت المصرية سارة سمير الميدالية الفضية لبلادها في وزن 81 كيلوغراما في رفع الأثقال للسيدات.

وتداول مستخدمو مواقع "التواصل" صور البطلين، وسط موجة من الاحتفاء، والتأثر لاسيما بمقطع الفيديو الذي راج للاعبة المصرية سارة سمير وهي تبكي لعدم حصولها على الميدالية الذهبية، وسط دعم من البعثة المصرية وتهنئتها بـ"الفضية" بعد منافسة شرسة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة تهنئة، للثلاثي أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، بعد تحقيقهم لثلاث ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة، الأحد، إطلاق اسم سارة سمير صاحبة الميدالية الفضية على مركز "شباب الهوانيا" في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، كما أعرب وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي عن سعادته بتحقيق أحمد الجندي للميدالية الذهبية في الخماسي الحديث، وقال صبحي في تصريحات إعلامية لقناة (بي إن سبورتس): " كنا ننتظر في باريس من ست إلى ثماني ميداليات، كان لدينا تقييم جيد لكل الألعاب ولم نضع كرة القدم أو كرة اليد في الحسابات ولكنها ظهرت بشكل جيد، وقمنا في الدورة السابقة بطوكيو بتحقيق ست ميداليات لوجود رياضة الكاراتيه التي نحن الأول على العالم في هذه الرياضة".

سارة سمير الفائزة بالميدالية الفضية (أ.ف.ب)

وواجهت البعثة المصرية الأكبر عربياً وأفريقياً بأولمبياد باريس انتقادات حادة لاسيما بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بصورة مفاجئة، وهي الهزيمة التي تبعت خسائر جماعية أخرى في ألعاب مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس، علاوة على عدم تحقيق لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة أي ميدالية مثل زياد السيسي في لعبة سلاح الشيش، رغم التعويل عليه لتحقيق ميدالية لمصر إلا أنه أضاع فرصة الحصول على الميدالية البرونزية بعد تحقيقه المركز الرابع بعد خسارته أمام بطل إيطاليا، وكذلك لم ينجح كل من عزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية من إحراز ميداليات.

كما صدمت هزيمة منتخب مصر لكرة القدم أمام منتخب المغرب بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء في المنافسة على الميدالية البرونزية الجمهور المصري.

منتخب مصر تعرض لهزيمة ثقيلة من المغرب (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وحسب البرلماني المصري عمرو السنباطي، عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، فإن تقدير أداء البعثة الأولمبية المصرية يجب أن يستند إلى الخطة أو التوقعات التي كانت تستهدفها بالأساس، ويتساءل في حديثه مع "الشرق الأوسط": "هل كان طموحنا الوصول إلى ثلاث ميداليات في الأولمبياد رغم أنها تعتبر أكبر بعثة مصرية؟ الأمر يحتاج إعادة النظر في الاستراتيجيات على المدى القصير والطويل، والتركيز على الرياضيات الأولمبية، فالكاراتيه ليس لعبة أولمبية بالأساس، وتم إدراجها في طوكيو بشكل استثنائي".

ويضيف: "أحمد الجندي وسارة سمير حققا فوزا أولمبياً مُقدرا، لكنهما قد لا يشاركان في الدورة الأولمبية المقبلة، ما يطرح سؤالاً عن تجهيز الصف الثاني والثالت في الألعاب الأولمبية، وتأهيل أجيال منافسة، وهذا كلام نكرره منذ دورة طوكيو الماضية، رغم مضاعفة الإنفاقات على هذا القطاع".

الجندي بطل الخماسي الحديث (أ.ف.ب)

ويعتبر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد، أن النتائج التي حققها كل من أحمد الجندي وسارة سمير "حفظاً لماء وجه البعثة الأولمبية"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط": "النتائج التي وصلنا إليها تأتي وسط شكاوى من اللاعبين من التقصير في الإعداد والتأهيل والتدريب الخاص وسط ظروف رياضية ضاغطة، وقد مهدت لنا تصريحات البعثة أننا بصدد تحقيق من ست إلى تسع ميداليات، ويبدو أن تلك كانت مبالغة وإسراف في القول، حتى لو لم يحالفنا الحظ في بعض المرات كما حدث مع لاعب المبارزة زياد السيسي بعد إخفاقه في الحصول على البرونزية".

سارة سمير (رويترز)

يضيف أبو عايد: "نتائج البعثة لا تتخطى ما وصلنا إليه من قبل، رغم الوعود مع كل دورة أولمبية بنتائج أفضل، وصار هذا خطاب نسمعه كل أربعة أعوام، حيث تظل تقارير لجان التحقيق في نتائج البعثة الأوليمبية حبيسة الأدراج، فمن غير المنطقي أن تحصل دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة على 3 ميداليات فقط".

الجندي خفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية (رويترز)

وأعلن المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية بالتنسيق مع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الأحد، رفع قيمة مكافآت الفوز بالميداليات خلال أولمبياد باريس 2024 إلى 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.2 جنيه) للميدالية الذهبية، و4 ملايين جنيه للميدالية الفضية، و3 ملايين للبرونزية، بخلاف صرف مكافأة فورية لكل فائز ألف يورو وساعة يد قيمة.

وشاركت مصر بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس بـ149 لاعباً ولاعبة و16 لاعباً احتياطياً؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أوليمبية، منها 4 ألعاب جماعية، وهي كرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية سيدات.