الميليشيات الانقلابية تنهب أكثر من 460 ألف دولار.. وتوقف مرتبات موظفي الدولة

مصادر: كلما شحت مواردها لجأت إلى أساليب ملتوية للحصول على الأموال

الميليشيات الانقلابية تنهب أكثر من 460 ألف دولار.. وتوقف مرتبات موظفي الدولة
TT

الميليشيات الانقلابية تنهب أكثر من 460 ألف دولار.. وتوقف مرتبات موظفي الدولة

الميليشيات الانقلابية تنهب أكثر من 460 ألف دولار.. وتوقف مرتبات موظفي الدولة

رفض فرع البنك المركزي اليمني في محافظة ذمار جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، صرف مرتبات موظفي القطاعات المختلفة في محافظة الضالع جنوبي البلاد لشهر فبراير (شباط) الماضي، وذلك بذريعة أن الشيكات الواصلة إلى البنك تم توقيعها من قبل المحافظ المعين من الرئيس هادي عقب تحرير المحافظة يوم 25 مايو (أيار) الماضي.
واعترض البنك على وجود توقيع المحافظ الجديد فضل الجعدي المعين من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي وأمين عام المجلس المحلي محمد غالب العتابي، مؤكدا ضرورة توقيع المحافظ السابق (علي قاسم طالب) ككل مرة.
وكان بنك محافظة الضالع استولت عليه الميليشيات التابعة للرئيس المخلوع خلال الحرب، ما اضطر إدارته إلى نقل نشاطه إلى بنك محافظة ذمار، ومن وقتها يزاول نشاطه هناك دون أن يتمكن من استئناف نشاطه في مقره المعتاد في الضالع، رغم انتفاء المبرر السابق.
وقالت مصادر محلية في الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الممانعة من البنك تأتي عقب توجيه مستشار رئيس الوزراء القائم بأعمال مدير مكتب رئيس الوزراء المعين من قبل الحوثيين عبد الرحمن سالم ذيبان مذكرة لوزير المالية ومحافظ البنك المركزي تقضي باعتماد الصكوك البنكية الموقعة من المحافظ السابق وإلغاء أي شيكات موقعة من الجعدي والعتابي، معللا توجيهه بما عدّها أوامر صادرة عن عضو اللجنة الثورية العليا للحوثيين.
وكشفت عن قيام الميليشيات الانقلابية بنهب 10 مليارات ريال يمني (465 ألف دولار ) من جملة المال المودع لدى بنك الضالع، البالغ 28 مليار ريال أثناء نقل السيولة العام الماضي إلى فرع البنك المركزي في محافظة ذمار، مؤكدة أن الميليشيات لم تكتف بهذه العشرة المليارات المصادرة؛ إذ أقدمت على توقيف كل النفقات التشغيلية المرصودة للسلطة المحلية في الضالع البالغة نحو مائتي مليون ريال، ولعشرة أشهر بدءا من مارس (آذار) وحتى ديسمبر (كانون الأول) الماضيين، مستثنية من ذلك بند الإيجارات فقط.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الميليشيات بنهب ومصادرة أموال مودعة في البنوك أو الصناديق، فلم يمض على استيلائها على مخصصات وزارة الإدارة المحلية غير أيام فقط؛ إذ كشفت «الشرق الأوسط» في عدد السبت الماضي عن عمليات نهب منظم للمال العام من قبل الميليشيات الحوثية الانقلابية. وأشارت إلى استيلاء الميليشيات على 250 مليونا، من حسابات وزارة الإدارة المحلية؛ الجهة المسؤولة عن شؤون السلطات المحلية في اليمن، وبررت الميليشيات استيلاءها على هذا المبلغ بأنه يأتي كنفقات لفعاليات الذكرى السنوية لما سمته «يوم الشهيد»، مؤكدة أن سحب المبلغ من حسابات الوزارة جاء بناء على توجيه رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية الحوثية»، محمد علي الحوثي.
وكشفت مصادر مسؤولة في الحكومة اليمنية في وقت سابق، أن ميليشيات الحوثي التي تسيطر على المؤسسات الحكومية بصنعاء، بدأت سحب مبالغ مالية طائلة من أموال التأمينات والمعاشات المودعة لدى البنك المركزي، في إطار تحركاتها لتغطية العجز وصرف رواتب أفرادها وتمويل حروبها الداخلية.
وقدرت هذه المصادر أموال مؤسسات التأمينات الحكومية اليمنية بمبلغ 1.28 تريليون ريال (نحو 6 مليارات دولار)، موضحة أن هذه الأموال يتم استثمارها في أذون الخزانة والصكوك والسندات الحكومية وفي مشاريع متعددة الأغراض ودونما أي اعتبار لكون هذه الأموال وديعة وتخص شريحة واسعة من اليمنيين، علاوة على أن إنفاقها لا يتم على أسس اقتصادية واستثمارية ربحية، وإنما في الأغلب تذهب في نواح حربية وشخصية أو على مشروعات متعثرة وفاشلة.
وكان نائب رئيس الوزراء اليمني ووزير الخدمة المدنية والتأمينات عبد العزيز جباري، حذر مطلع فبراير الماضي، من المساس بأموال الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وذكرت وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) أن الوزير أكد أن «أموال التأمينات ليست أموالاً عامة، وإنما هي خاصة بالمستفيدين من خدمات التأمين الاجتماعي في مؤسسات القطاع العام والخاص والمختلط، وأن المستفيدين منها هم كبار السن والأيتام والأرامل ومن فقدوا من يعولونهم من العاملين في تلك القطاعات».
وأشار جباري إلى أنه بعث بمذكرات إلى كل من وزير المالية، ومحافظ البنك المركزي اليمني، ورئيس الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، ورئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وقال جباري إن أي تصرف في أموال التأمينات يعني حرمان هذه الفئة من معاشاتهم التقاعدية وتعريض النظام التأميني والمصرفي للانهيار.
وأكد في رسائله على أهمية الحفاظ على أرصدة الهيئة والمؤسسة بعيدًا عن أي تدخلات أو صراعات، محملاً الجهات المعنية مسؤولية ما قد تتعرض له أموال صناديق التقاعد والتأمين الاجتماعي من مخاطر وأضرار نتيجة التصرف في أموالها بالمخالفة لقوانين إنشائها.
ودعا نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية، الجهات المعنية إلى عدم التصرف فيها خارج إطار القانون وبعيدًا عن مجالس الإدارة المعطلة حاليًا، إلى حين عودة مؤسسات الدولة لممارسة عملها.
ومؤخرا قامت الميليشيات الانقلابية بفرض إجراءات إدارية هدفها الحصول على المال المطلوب لمواجهة استحقاقات عسكرية ومرتبات الجماعات المنضوية تحت قوات الميليشيات؛ إذ فرضت على المنتسبين لمؤسستي الجيش والأمن لجانا مالية واشترطت تسليم مرتبات الضباط والجنود بالحضور الشخصي إلى العاصمة صنعاء خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الإجراء حدث بعد أن استولت الميليشيات على مرتبات الجنود والضباط في القوات الخاصة (الأمن المركزي سابقا) في العاصمة صنعاء.
وقدرت إجمالي ما استولت عليه الميليشيات بنحو 170 مليون ريال، وهذا المبلغ هو ما عدته الميليشيات لقوة وهمية، وأكدت أن حصولها على هذا العائد دفعها لتكرار العملية وفي أكثر من جهة حكومية، وأشارت إلى أنه وكلما شحت موارد الميليشيات نتيجة للحرب والحصار، لجأت إلى أساليب وطرق جديدة لتوفير المال المطلوب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».