«الثلاثاء الكبير» محطّة حاسمة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة

التوقعات الأولية تفيد بتصدّر كل من ترامب وكلينتون في انتخابات الحزبين

«الثلاثاء الكبير» محطّة حاسمة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة
TT

«الثلاثاء الكبير» محطّة حاسمة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة

«الثلاثاء الكبير» محطّة حاسمة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة

شهدت الولايات المتحدة أمس يوما ساخنا ومصيريا في ما يسمى بـ«الثلاثاء الكبير» أو «Super Tuesday»، إذ يتنافس الحزبان الديمقراطي والجمهوري في خوض انتخابات تمهيدية أجريت بشكل متزامن أمس في 14 ولاية ومنطقة أميركية. وخرجت التوقعات الأولية باحتمالات قوية لفوز دونالد ترامب من الجانب الجمهوري وهيلاري كلينتون من الجانب الديمقراطي.
وخلال الانتخابات التمهيدية في 14 ولاية ومنطقة أميركية، يتم اختيار مندوبين من الحزب الجمهوري وآخرين من الحزب الديمقراطي يقومون بمناقشة واختيار واحد من المرشحين. وتجري الانتخابات في الولايات المتحدة بشكل مختلف عن بقية الانتخابات في دول العالم، حيث تجري انتخابات تمهيدية وتعقد مجالس انتخابية في الولايات بهدف انتخاب مندوبي كل من الحزبين إلى المؤتمرين الحزبين الكبيرين، اللذين يعقدان في الفترة ما بين 18 و21 يوليو (تموز) في مدينة كليفلاند، بولاية أوهايو، بالنسبة للحزب الجمهوري، وبين 25 و28 يوليو في مدينة فيلادلفيا، في ولاية بنسلفانيا، للحزب الديمقراطي. ويتم اختيار مرشح الرئاسة الذي فاز في تلك الانتخابات التمهيدية والمجالس.
ويتنافس في الحزب الديمقراطي كل من هيلاري كلينتون، ومنافسها اليساري السيناتور بيرني ساندرز. ويتطلب الأمر الحصول على أصوات 2383 مندوبا، من إجمالي 4762 مندوبا للفوز بترشيح الحزب له. أما في الحزب الجمهوري، فيتنافس خمسة مرشحين يتصدرهم الملياردير الأميركي دونالد ترامب، متبوعا بالسيناتور ماركو روبيو، والسيناتور تيد كروز ثم طبيب الأعصاب المتقاعد بن كارسون، وحاكم ولاية أوهايو جون كاسيك. ويحتاج المرشّح الحصول على أصوات 1237 مندوبا للفوز بترشيح الحزب، من إجمالي 2472 من المندوبين الجمهوريين.
وأوضح استطلاع للرأي في شبكة «سي إن إن» الاثنين أن ترامب قادر على حصد 49 في المائة من الأصوات في الانتخابات الأولية للحزب الجمهوري، متقدما 30 نقطة مئوية عن السيناتور ماركو روبيو. كما خلص الاستطلاع إلى أن كلينتون قادرة على الحصول على 55 في المائة من الأصوات مقابل 38 في المائة لصالح ساندرز. وقد تصدر ترامب الانتخابات في كل من فرجينيا، وجورجيا، وأوكلاهوما، في المؤشرات الأولية. وتبدو حظوظ هيلاري كلينتون عالية في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، خصوصا بعد فوزها في ولاية كارولينا الجنوبية الأسبوع الماضي، والتي حصلت فيها على أكثر من 86 في المائة من أصوات الناخبين. وقد شكلت كتلة الناخبين من أصول أفريقية سندا كبيرا لكلينتون، حيث صوت الأميركيون السود بقوة لها بنسبة أعلى مما حصدها أوباما قبل ثماني سنوات. وحصلت كلينتون أصوات الأميركيين السود من خلال تعهدها بمواصلة سياسات أوباما.
ويطلق على هذا اليوم اسم «الثلاثاء الكبير» لأنه يعطي مؤشرا حول المرشح الذي سيفوز بترشيح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث ستحسم الولايات الكثيرة التي انتخبت أمس اسم المرشح الحائز على أكبر عدد من التصويت. ويختار الحزبان الديمقراطي والجمهوري مرشحيهما لمنصب الرئيس ومنصب نائب الرئيس خلال مؤتمر حزبي يشارك فيه المندوبين من عدة ولايات ومناطق أميركية.
كما يعد الثلاثاء الكبير يوما حاسما لأنه يشهد تحالفات بين المرشحين وانسحابات مرشحين آخرين، إذ إنه من المتوقع إعلان انسحاب عدد من المرشحين الذين لم يحققوا مكاسب في الانتخابات التمهيدية، ذلك حيث سيتضح بصورة جلية عدم قدرتهم على الفوز، وعدم قدرتهم على جمع أموال لحملاتهم الانتخابية أو جذب المتطوعين والمناصرين أو الحصول على تغطية إعلامية.
وقد بدأ تقليد «الثلاثاء الكبير» في الثمانينات من القرن العشرين، عندما قررت ثلاث ولايات جنوبية إجراء الانتخابات التمهيدية بشكل متزامن في أول يوم ثلاثاء من شهر مارس (آذار). ويختلف عدد الولايات المشاركة في الانتخابات التمهيدية في يوم «الثلاثاء الكبير» من الانتخابات الأخرى، حيث شاركت 14 ولاية ومنطقة أمس في الانتخابات التمهيدية لعام 2016 مقابل مشاركة 24 ولاية في الانتخابات التمهيدية في عام 2008.
وتجري عملية التصويت بشكل متزامن بين الولايات، إلا أن توقيت انتهاء العملية الانتخابية يختلف من ولاية لأخرى. فبعض الولايات تنهي عملية الانتخابات في السابعة مساء، بينما تستمر في أخرى إلى الثامنة، وفي ولاية ألاسكا تحديدا إلى ما بعد منتصف الليل.
ويعتري يوم الثلاثاء أهمية خاصة في تاريخ الانتخابات الأميركية، إذ حدد الكونغرس الأميركي منذ عام 1845 يوم الثلاثاء يوما لإجراء الانتخابات بما يسمح للمواطنين الأميركيين الذين كان معظمهم من المزارعين بالسفر للتصويت في الانتخابات، حتى لا تتأثر أعمالهم بقية أيام الأسبوع.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.