بريطانيا تساهم بـ35 مليون جنيه يوميًا في ميزانية الاتحاد الأوروبي

خروجها من التكتل سيكلفها نحو 224 مليار جنيه

بريطانيا تساهم بـ35 مليون جنيه يوميًا في ميزانية الاتحاد الأوروبي
TT

بريطانيا تساهم بـ35 مليون جنيه يوميًا في ميزانية الاتحاد الأوروبي

بريطانيا تساهم بـ35 مليون جنيه يوميًا في ميزانية الاتحاد الأوروبي

تساهم بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بـ35 مليون جنيه إسترليني يوميا، بحسب ما كشفت صحيفة «تلغراف».
وتلقت الصحيفة كثيرا من الاستفسارات من قرائها لمساعدتهم في اتخاذ قرار بشأن التصويت على خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء يجري في 23 يونيو (حزيران) المقبل بشأن هذه القضية. وقالت الصحيفة إن «رسوم العضوية للمملكة المتحدة بأكملها بلغت 17.8 مليار جنيه إسترليني، ولكن، لا تدفع بريطانيا هذا المبلغ بأكمله»، وترجع الرسوم إلى صفقة تفاوضت عليها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر عام 1984، ومن خلالها حصلت بريطانيا على خصم (انخفاض سنوي في المساهمات).
وساهمت بريطانيا بـ12.9 مليار جنيه إسترليني، بما يعادل نحو مائتي جنيه إسترليني لكل شخص في المملكة المتحدة العام الماضي، وأشارت الصحيفة إلى أن مساهمة بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي للعام الماضي بلغت أكثر من الميزانية السنوية لوزارة الداخلية البريطانية التي تقدر بنحو 9 مليارات جنيه إسترليني، فضلا عن أن المساهمة تقدر بنحو 10 في المائة من ميزانية الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، كما أنها كافية للحد من المعدل الأساسي لضريبة الدخل بنسبة 3 قروش في الجنيه.
وقدرت أن مبلغ 12.9 مليار جنيه إسترليني يساوي نحو 35 مليون جنيه إسترليني يوميا، وهذا أقل من الـ55 مليون جنيه إسترليني الذي يستشهد به الأشخاص في حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي، موضحة أن مبلغ الـ55 مليون جنيه إسترليني كان يخص المساهمة في الاتحاد الأوروبي قبل تطبيق الخصم. وأشارت حملة بقاء بريطانيا في الاتحاد إلى أن المبلغ الإجمالي يُدفع إلى بروكسل قبل عودة جزء منه إلى المملكة المتحدة وهو 55 مليون جنيه إسترليني، ولكن كشفت الصحيفة أنه وفي الواقع (باستخدام هذا الرقم بعد الخصم) فإن الأكثر الدقة القول إن المملكة المتحدة ترسل 35 مليونا يوميا إلى الاتحاد الأوروبي.
وكانت بريطانيا وألمانيا المساهمين الوحيدين اللذين يعتد بهما في ميزانية الاتحاد الأوروبي، لكن الآن هناك عشر دول تدفع أكثر مما يعود عليها. وعلى صعيد المساهمة الإجمالية، لا تزال بريطانيا ثاني أكبر دافع بعد ألمانيا.
يذكر أنه في عام 1973 أصبحت بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي، وأهم دولة بين الدول الأعضاء البالغ عددهم 28 في التكتل الأوروبي. ومنذ فاز رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بانتخابات 2013، وهو يعد بالتفاوض على ‏شروط عضوية بريطانيا في الاتحاد أو الخروج منه. وحذر جيري لايونز، مستشار عمدة لندن (بوربيس جونسون) أمس، من أنه «في حال خروج بريطانيا من الاتحاد، فسيمنى الاقتصاد البريطاني بخسائر متعددة، إذ إنه سيسجل نموا بوتيرة بطيئة في أعقاب فقدانه المزايا التجارية مع الشركاء الأوروبيين».
وقال كريستوف ميريز، أستاذ السياسية والاقتصاد الدولي في جامعة كينغز في لندن، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الجانب الاقتصادي ستخسر بريطانيا الاستثمار الأوروبي، وسيخسر البريطانيون، خصوصا في الشركات الكبرى التابعة للاتحاد الأوروبي، فرص عمل تقدر بالملايين».
ويقدر أن خروجها سيكلفها خسائر بنحو 224 مليار جنيه إسترليني، وذكرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن القطاعات التي ستكون أكثر تضررا في بريطانيا من فقدان الصلة مع السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، هي المواد الكيميائية والخدمات المالية والسيارات والهندسة الميكانيكية.
يذكر أنه ستغادر البنوك الكبرى مدينة لندن لأنها ستخسر ميزة وجودها في الاتحاد الأوروبي الذي يعطيها امتيازات في التداول ويسمح لها بزيادة أرباحها.
ومن الجانب السياسي، ستخسر بريطانيا تأثيرها العسكري والدولي، إذ لن ينظر لها على أنها حليف عسكري أساسي في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي.



مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
TT

مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)
يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)

منح وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نصراً دبلوماسياً غير معهود في الشرق الأوسط، بعدما عمل عليه لأسابيع مع واشنطن، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، حسني عبيدي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها عودة غير متوقعة للدبلوماسية الفرنسية. أعاد لبنان إحياء دور فرنسا في الشرق الأوسط».

وأيدت أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، هذا الرأي، عادّةً أنه «بالنسبة لفرنسا، يعد هذا نجاحاً».

ولفتت إلى الخيبة التي أثارها في سبتمبر (أيلول) إفشال مبادرة مماثلة في اللحظة الأخيرة من قِبَل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وأوضحت أن ماكرون الذي انخرط بشكل كبير إلى جانب الولايات المتحدة أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة «عدَّ الأمر بمثابة صفعة».

منذ ذلك الحين، يبذل الفرنسيون جهوداً مكثفة في المفاوضات، بالتنسيق مع الأميركيين، وإن كان الإسرائيليون «رغبوا في إبعادهم عنها»، بحسب مصدر فرنسي قريب من الملف.

وشكر نتنياهو الذي اتسمت علاقاته مع الرئيس الفرنسي بالتوتر في الآونة الأخيرة، مساء الثلاثاء، الرئيس الأميركي جو بايدن «على دوره» في الهدنة.

في المقابل، شكر الرئيس الأميركي بايدن، المنتهية ولايته، نظيره الفرنسي على «مشاركته» في المفاوضات بين إسرائيل ولبنان.

«بحاجة إلينا»

وأشارت مصادر عدة تحدثت إليها «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن الأميركيين واللبنانيين تمسّكوا بأن تؤدي فرنسا دوراً في المباحثات وآلية مراقبة تنفيذ الاتفاق، نظراً إلى الاتصالات القائمة بينها وبين «حزب الله» وداعمته إيران.

وأكد دبلوماسي فرنسي أن «الأميركيين بحاجة إلينا من أجل (حزب الله)»، موضحاً: «لقد حاولوا أن يؤدوا (بمفردهم) لكن الأمر لم ينجح، لذا قدم الفرنسيون قيمتهم المضافة التقليدية».

وأشار إلى أن باريس التي تراجع تأثيرها خلال السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط، تستعيد بذلك «مكانتها التقليدية» بين مختلف الأطراف في المنطقة، مؤكداً أنه «من هذا المنظور، يعد ذلك انتصاراً».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء: «إن هذا الاتفاق ثمرة عمل شاق جرى على مدى أشهر عدة. إنه نجاح للدبلوماسية الفرنسية ويمكننا أن نعتز به».

وأوضح عبيدي أن المفاوضين اللبنانيين أصرّوا «على المشاركة الفرنسية لأنهم لا يثقون في الأميركيين الذين أظهروا انحيازهم الكامل للموقف الإسرائيلي».

ويأتي وقف إطلاق النار في توقيت ملائم بالنسبة لماكرون الذي يواجه وضعاً صعباً في فرنسا منذ قراره حل البرلمان في يونيو (حزيران)، والطامح إلى استعادة مكانته على الساحة الدولية.

ونادراً ما أثمرت حتى الآن الجهود الدبلوماسية للرئيس الفرنسي، من ليبيا، إلى أوكرانيا، حيث وجهت إليه انتقادات شديدة لمواصلة الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد بدئه الغزو في فبراير (شباط) 2022، مروراً بلبنان الذي كان خاضعاً للانتداب الفرنسي، وحيث يحاول منذ أعوام الضغط على قادة البلاد لحلّ الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعانيها بيروت.

«مهمة دقيقة»

ويمكن لوقف إطلاق النار قبل أيام من زيارة دولة يقوم بها إلى السعودية، بين الثاني والرابع من ديسمبر (كانون الأول)، أن يشكّل ورقة رابحة للرئيس الفرنسي.

فهو يوفّر لماكرون «محاولة إقناع السعوديين» بالمساهمة في إرساء استقرار في لبنان، لا سيما مالياً، وإن كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «ليس لديه (بالضرورة) هذا الهدف»، بحسب لوفالوا.

وبغض النظر عن بدء سريان وقف إطلاق النار، يشكل ثباته ميدانياً على المدى البعيد تحدياً لباريس وواشنطن، رغم «حرص» الطرفين على حسن تنفيذه.

وأكد نتنياهو، الثلاثاء، أن إسرائيل، وبالتفاهم مع الولايات المتحدة، «ستحتفظ بالحرية التامّة للتحرك العسكري» ضد «حزب الله» في حال انتهك الاتفاق. وشدد على أنه إذا «حاول إعادة التسلّح، فسنهاجم».

وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حالياً الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حالياً إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

وسأل لوفالوا: «كيف ستسير الأمور بشكل ملموس إذا حدثت مشكلة؟»، مشيرة إلى أن الجيش اللبناني لن تكون لديه «وسائل كثيرة» تتيح له الفصل بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.

أمام كل هذه التحديات، «تواجه فرنسا مهمة دقيقة تتمثل في الإبقاء على استقلاليتها ونفوذها مع الحفاظ على ثقة جميع الأطراف المعنية»، بحسب عبيدي.