الفيصل: التحول بدأ والوضع الجديد نشأ

الفيصل: التحول بدأ والوضع الجديد نشأ
TT

الفيصل: التحول بدأ والوضع الجديد نشأ

الفيصل: التحول بدأ والوضع الجديد نشأ

بلغة أدبية رفيعة، تقدم خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة فقال: «أنا لا أكتب بالحروف أوهامًا، ولا أنسج من الأفكار أحلامًا، وإنما أستخلص من عبر الزمان دروسًا، وأزيّن من ومضات الفكر عروسًا، أرسلها مع ساري العمر ألحانًا، لأهل الرأي والفكر أشجانًا.
إنها حالة التحوّل، وما أدراك ما حالة التحوّل، هي حالة مرحلية وفترة زمنية لنقلة حضارية، يصنعها الإنسان أو يفرضها الزمان، وفي نظري أنها ترتكز على ثلاثة عناصر: ثقافة، واقتصاد، وإدارة.
الثقافة: روح وفكر وسلوك، لأنها دين وتعلم وإعلام، والاقتصاد: مال وتجارة، وهو عصب حياة ومنطلق حضارة، والإدارة: رأس الأمر في كل صدد، فإذا صلح الرأس صلح الجسد، يحسبها الجاهلون مغنم فترة زمنية، ويعرفها العالمون بحالات عصف عتية، فيها صدمات اجتماعية، وتقلبات اقتصادية، وهزات ثقافية، ولكن فيها أيضًا إمكانات إبداع فكرية.
وعلمنا التاريخ أن لكل تحول حضاري أزمات، ولكل مسيرة - ولو نجحت - وقفات، وللتحول حالات وفترات وظروف، وله عقل وقلب وفكر وسيوف، وله آليات ودواعٍ، وما يستدعيه داعٍ، وما ليس له داعٍ، ولقد عانت منه مجتمعات أوروبا، قبل أن تشفى بنهضة وتهنأ بغمضة.
وكم استغرقت فيه من الوقت أميركا، قبل أن ترقى من راعي البقر إلى حاكم البشر، وكم من صدمة ووصمة، تجرعتها تلك المجتمعات، لتشرع المحرمات وتبيح الموبقات، وكم بذلوا فيها من الجهد والعمل والتضحية، حتى أصبحت سلطة مدوية، تصنع ما تريد، فيمن لا تريد.
وهكذا حل التحوّل في كل المجتمعات، وأحدث الكثير من التغيرات والتقلبات في جميع القارات، إن قاده العقل وحَكَمته المبادئ أصاب، وإن قاده الجهل وحَكَمته المساوئ أعاب.
ولقد سبق أن صنعنا التحول، وقدناه، وأحسنا القيادة فأحكمناه، فكان عبد العزيز بن عبد الرحمن، رجل الزمان والمكان، جمع الأفراد والقبائل والإمارات، ثم سلطنة نجد ومملكة الحجاز، فأسس دولة، لها صولة وجولة، لكنها كانت أكبر من إدراك بعض أهل زمانه، فكانت الفتنة، أسبابها جهل طغمة، غايتها اقتسام سلطة، وبرز القائد في الشدائد، فألجم التمرد بالعنان، وحسم الأمر بالقوة والحكمة والجنان، فنجحت الوحدة، واستتب الأمن وفشلت الردة، وبعد فترة أمن واستقرار وأمان، غزانا تحوّل يفرضه الزمان، عندما ترامى بعض العرب في أحضان الاشتراكية، نكاية في قوى الغرب الاستعمارية، فغزتنا الشيوعية الإلحادية، فتمدد الغزو خارج حدود من دعاه، إلى من تمنى الغازي دخول حماه، فتصدت له قوة الإيمان السعودية، بحكمة قيادية وإرادة شعبية، مستثيرة نخوة الإسلام في معقله وحمية العربي في مأصله.
وابتدأ الخير يتدفق، والعلم والمال والبناء يتألق، ولكن الذين هربوا بدينهم وأضفناهم، خانوا كرم من أواهم، فبذروا جرثومة التكفير والتمرد، في عقول الجاهلين ومن بهم تردد، فحولوا الدعوة إلى الله، إلى جهاد عباد الله، فتنكر الغر الجاهل على أهله، وخان وطنه ودولته وأرضه، واحتل جهيمان الحرم وكذب وادعى وظلم، وهزم الرجل ومضى، ولكن فكره بقي وطغى، فانطلقت أكذوبة الصحوة في حالة غفوة، وكادت أن تكون كبوة، لولا لطف من الله، ثم وقفة ثبات من المتفقهين في كتاب الله، ورفض التطرف من عاقل عباد الله، ومرت بنا فترة من الأمن والاستقرار، وطفرتان من ثروة المال والإعمار، استثمرنا بعضها وأهدرنا بعضها، وعلينا أن نستفيد من دروسها، فالوضع اليوم خطير، والهجمة شرسة، والشر مستطير، والجرثومة نجسة، لها عقول خارجية، وأذناب داخلية، تديرها دول ومؤسسات وخبرات، وينفذها مرتزقون بإتاوات، هدفها الاهتزاز والابتزاز، واختلال التوازن بتشكيك المواطن، واتهام المسؤول بالتهاون، سخروا الإعلام لاستثارة الأنام، وزخرفوا الكلام ولفقوا الاتهام.
ولا بد لنا أن نعترف.. بأننا اليوم أمام تحوّل اجتماعي سريع، وانقسام فكري وثقافي مريع، ومع أن الغالبية تتمسك بالمبادئ الإسلامية، القائمة على منهج الاعتدال والوسطية، إلا أنه على الشوائب والشذوذ تجتمع ضالتان، فهذا تكفيري، وهذا انحلالي، وكلاهما قاتلان، فماذا يحدث اليوم؟!
الوقت أسرع مما كان، والويل لمن لا يفهم الزمان ويحمي المكان، أصبحنا جزءًا لا يتجزأ من العالم، والأخطار من حولنا تتفاقم، وأمسينا محور اهتمام عالمي، ليس إعجابًا بنا، وليس إيجابًا، سمه ما شئت، لكن سلبيته طاغية، ومبرراته واهية ورياحه عاتية.
فلنفكر في الأمر بروية، ولتكن نظرتنا واقعية، التحوّل بدأ، والوضع الجديد نشأ، فلا بد من استكمال التنمية، لنحقق الأمنية، فلنتمسك بالإسلام عقيدة وحصانة، وننفتح على العالم بثقة وأمانة، ولا نخشى الاستفادة من مكتسبات العصر، مع الثبات على مبادئنا بكل فخر، ولا بأس من أخذ المفيد من تجارب الغير، فليس في طلب العلم والخبرة ضير، نأخذ منها ما نريد على هوانا، ولكن لا نسلم لحانا لمن يريد لها الهوانا.
احفظوا الله يحفظكم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولنعلم أن الله ما أعزنا إلا بالإسلام، والسلام».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».