هل الإعلام مطية ترامب؟

لا يحتاج لتبرعات.. ولا لإعلانات تلفزيونية

الصحافيون الذين ينشرون أخبار ترامب يعرفون أن أغلبية الأميركيين غير راضين عن شتائمه وإسائاته
الصحافيون الذين ينشرون أخبار ترامب يعرفون أن أغلبية الأميركيين غير راضين عن شتائمه وإسائاته
TT

هل الإعلام مطية ترامب؟

الصحافيون الذين ينشرون أخبار ترامب يعرفون أن أغلبية الأميركيين غير راضين عن شتائمه وإسائاته
الصحافيون الذين ينشرون أخبار ترامب يعرفون أن أغلبية الأميركيين غير راضين عن شتائمه وإسائاته

في الأسبوع الماضي، قالت مجلة «كولمبيا جورناليزم ريفيو»، التي تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولمبيا (في نيويورك)، إن دونالد ترامب، قائد المرشحين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية لرئاسة الجمهورية، شذ عن عادات سابقة لمرشحين قبله، منها: تصريحاته البذيئة (ليست فقط متطرفة)، وشتائمه لمعارضيه (ليست فقط اختلافات في الرأي). لكن، قالت المجلة إنه، أهم من ذلك، شذ ترامب في مجالين هامين:
أولا: بسبب ثروته العملاقة (يعتقد أنها عشرة مليارات دولار)، لم يجمع أي تبرعات سياسية.
ثانيا: بسبب ذكائه الخارق (الذي بنى به ثروته)، لا يركز على الإعلانات في التلفزيون، وذلك لأنه يستغل الصحافيين.
كتب غيدج سكيدمور، من كبار محرري «ويكيميديا» (تابعة لشركة «ويكيبيديا»، وتتخصص في الإعلام): «صار صحافيون من مختلف الاتجاهات والميول السياسية يتفقون على شيء واحد: يكررون كل ما يقول ترامب. إذا، لماذا يحتاج ترامب ليصرف عشرات الملايين من الدولارات في دعايات في التلفزيون، أو في الصحف، أو حتى في لافتات وملصقات في الطرق العامة؟». وأضاف: «من المفارقات أن ترامب يقدر على صرف عشرات، بل مئات، من ملايين الدولارات على هذه الدعايات، لكنه لا يحتاج للدعايات».
وقال سكيدمور إن الصحافيين الذين ينشرون أخبار ترامب يعتمدون على نظرية «سبراي آند براي» (رش، ثم صل). يعنى هذا أنهم يعرفون أن نشر (أو رش) تصريحات ترامب يجد إقبالا كثيرا من الناس (حتى الذين يختلفون معه). لكن، يعرف الصحافيون أن أغلبية الأميركيين ليسوا راضين عن شتائم وإساءات ترامب (ناهيك بآرائه المتطرفة).
وقالت هيلاري روزين، خبيرة في الحملات الانتخابية: «إذا أنت مرشح في جاذبية ترامب، ربما لا تحتاج أبدا لصرف دولار واحد في إعلانات للدعاية عن نفسك».
وقال آلان شرودر، أستاذ الإعلام في جامعة نورث ويستيرن (ولاية اللينوي)، ومؤلف كتب عن الحملات الانتخابية: «أعتقد أن نجاح ترامب في هذا المجال، ومع هذه الأساليب غير التقليدية، سوف يلهم في المستقبل المرشحين الآخرين الذي يأتون من خلفيات غير سياسية». وأشار شرودر إلى الرئيس السابق رونالد ريغان. كان ممثلا سينمائيا، وتحول إلى السياسة، وتقدم من رئيس نقابة الممثلين إلى حاكم ولاية كاليفورنيا، إلى رئيس للولايات المتحدة. لأن خليفته لم تكن سياسية، جاء باستراتيجيات جديدة. مثل: التفنن في إلقاء الخطب. التفنن في الحديث (أو عدم الحديث) إلى الصحافيين. التفنن في فصل حياته العامة عن حياته الخاصة.
وقال شرودر: «ها هو ترامب، المرشح غير السياسي، يسير على استراتيجية ريغان، ويزيد عليها. يعرف ترامب كيف يستغل الصحافيين. احتاج ريغان إلى إعلانات تلفزيونية. لكن يحتاج لها ترامب». وأضاف أن من فوائد المرشحين غير السياسيين أنهم يقدمون أفكارا جديدة: سواء في الآراء، أو في الأسلوب.
ليس فقط في الإعلام التقليدي. حتى في الإعلام الاجتماعي، شذ ترامب. صار أول مرشح يخاطب الناس (والصحافيين) عن طريق صفحة في «تويتر»، يكتب فيها عشرات الرسائل (المختصرة جدا) كل أسبوع. وطبعا، كلما انتشر في الإعلام الاجتماعي، انتشر في الإعلام التقليدي. والعكس صحيح.
في الشهر الماضي، نشر مركز «جيجي آي إل تي» إحصائية أوضحت أن ترامب، منذ أن أعلن ترشيحه في يونيو (حزيران) الماضي، حصل على تغطية تلفزيونية تساوي نصف تغطية بقية مرشحي الحزب الجمهوري، والذين كان عددهم 17 في البداية، ثم انخفض. وحصلت هيلاري كلينتون على تغطية تساوي ثلثي ما حصل عليه منافسها السناتور بيرني ساندرز (لكن، ماذا إذا كان منافسوها 17؟) وقال جيم أنوشينزي، خبير جمهوري في الإعلام، يوجد عاملان لصالح ترامب:
أولا: «كل مرة يقول مذيع خبرا إيجابيا عن مرشح، يوفر قيمة إعلان للمرشح».
ثانيا: «كل مرة يقول مذيع تصريحا لمرشح يتابعه المشاهدون، لا يهم إذا كان التصريح عدوانيا، أو وديا».
في الشهر الماضي، جلس ترامب مع مايكل سافدج، صاحب برنامج إذاعي يميني يصل إلى عشرات الملايين من الناس كل يوم. في وقت لاحق، قال سافدج إن الإقبال على المقابلة سجل رقما قياسيا.
ماذا قال ترامب في المقابلة؟ شتم المسلمين (وكرر اقتراح منعهم من دخول الولايات المتحدة). واقترح قتل أقرباء الإرهابيين المعتقلين (لإجبار المعتقلين على الاعتراف). لكن، حتى في المجال الداخلي، شتم ترامب منافسيه. وقال إن جيب بوش «لا قلب له» (لأنه يسير على خطى شقيقه الرئيس السابق). وإن ماركو روبيو «كسلان» (لأنه لا يحضر كثيرا جلسات الكونغرس، ولجانه، ومؤتمراته).
في الشهر الماضي، عندما قاطع ترامب مناظرة أشرف عليها تلفزيون «فوكس» (رغم أن «فوكس» يميني، تعارك ترامب، في وقت سابق، مع مذيعته ميغان كيلي. ولأنها اشتركت في هذه المناظرة، قاطع المناظرة). وسارع تلفزيونا «سي إن إن» و«إم إس إن بي سي» الليبراليان، ونقلا جزءا من مناظرة «فوكس». حسب الإحصائيات، تفوق عدد مشاهدي المناظرة في «فوكس» على مشاهدي القناتين. لكن، زاد عدد مشاهدي القناتين. رغم غياب ترامب، كان جزء من المناظرة عنه، وعن آرائه عن هذا قال سكيدمور، صحافي «ويكيميديا»: «عندما تتنافس «سي إن إن» مع (فوكس) على تغطية ترامب، حتى إذا كان غائبا، لماذا يريد ترامب إعلانات تلفزيونية؟».



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».