مستشار هادي: الحل السياسي مستبعد مع الحوثيين

محمد العامري قال لـ «الشرق الأوسط» إن الانقلابيين يرفضون تنفيذ تعهداتهم ببناء الثقة

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يسار) خلال جولته الدبلوماسية الأخيرة التي زار خلالها الرياض وتركيا.. ويعود اليوم مع حكومته إلى عدن (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يسار) خلال جولته الدبلوماسية الأخيرة التي زار خلالها الرياض وتركيا.. ويعود اليوم مع حكومته إلى عدن (أ.ف.ب)
TT

مستشار هادي: الحل السياسي مستبعد مع الحوثيين

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يسار) خلال جولته الدبلوماسية الأخيرة التي زار خلالها الرياض وتركيا.. ويعود اليوم مع حكومته إلى عدن (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يسار) خلال جولته الدبلوماسية الأخيرة التي زار خلالها الرياض وتركيا.. ويعود اليوم مع حكومته إلى عدن (أ.ف.ب)

استبعد الدكتور محمد العامري مستشار الرئيس اليمني وعضو فريق المفاوضات الأممية الوصول لحل سلمي مع الانقلابيين في ظل استمرار رفضهم لتطبيق القرار الدولي 2216. وتعنتهم تجاه ما التزموا به حول إجراءات بناء الثقة التي تتضمن إطلاق سراح المختطفين على رأسهم اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع، وفك الحصار عن سكان محافظة تعز.
وقال الدكتور العامري لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة اليمنية مستعدة لجولة مفاوضات جديدة، باعتبار أن الخيار السياسي هو خيار الحكومة منذ البداية، لكن الطرف الآخر الحوثي والمخلوع صالح يرفضون ذلك، وهم من اختار الخيار العسكري. وذكر المستشار الرئاسي أن الجانب اليمني اتفق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على مشاورات بعد جنيف 2. لكنها تأجلت بسبب المعوقات التي افتعلها الانقلابيون، الذين يرفضون أن ينفذوا تعهداتهم فيما يتعلق ببناء الثقة، موضحا أن المبعوث الأممي أكد لنا أنه لا بد من الإعداد الجيد قبل الذهاب لجولة جديدة من المشاورات، بهدف عدم تكرار الفشل الذي صاحب المفاوضات السابقة.
المستشار العامري أكد استعداد الحكومة لأي مفاوضات من أجل تطبيق القرارات الدولية، وقال: «ليس هناك ما يمنع ذلك، نحن لدينا هدف مشترك مع المجتمع الدولي وهو تطبيق قرار مجلس الأمن الذي هو أصلا معني بتنفيذه».
وكشف العامري أن زيارات صالح لمقر السفارة الروسية بصنعاء، تهدف للبحث عن دور روسي للمساهمة في إيقاف إطلاق النار، وذكر أن هدف الانقلابيون اليوم هو وقف إطلاق النار ووقف غارات التحالف العربي عليهم، ووقف عمليات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بهدف استعادة قوتهم وترتيب صفوفهم والتوسع من جديد.
وأوضح عضو المفاوضات الأممية، أن موقف روسيا الرسمي مع الحكومة الشرعية ومع تطبيق القرارات الدولية، التي هي جزء منه وصوتت لصالحها، والحكومة اليمنية لا تستند إلا على الموقف الرسمي للدول بعيدا عن التوقعات والتحليلات، لكنه لفت إلى أن المجتمع الدولي يشهد أيضا تقلبات من بعض الأطراف، لكن الأغلب مع تطبيق قرارات مجلس الأمن ودعم الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهوري.
ولفت إلى أن مشروع الانقلابيين منذ البداية هو الفوضى والتدمير والقتل، ولا يهمهم تطبيق قرارات مجلس الأمن ولا ما يعانيه الشعب اليمني، مؤكدا أن الرهان الآن هو على الجيش الوطني والمقاومة في ظل رفض الميليشيات والعصابات الخضوع لقرارات مجلس الأمن وصوت المجتمع الدولي.
وانتقد العامري دور الأمم المتحدة التي لم تستطع حتى الآن أن تضغط على المتمردين لتطبيق القرارات التي أصدرتها طوال الفترة الماضية، والتي تتضمن سحب الميليشيات من المدن، وتسليم مؤسسات الدولة للحكومة الشرعية، إضافة إلى أن الأمم المتحدة لم تطبق حتى الآن العقوبات التي أصدرتها بحق قادة الانقلاب رغم مرور فترة طويلة على ذلك، مما يعني إطالة الأزمة.
وكانت مصادر صحافية ذكرت على لسان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن وجود تحديات كبيرة أمام المفوضات المقبلة بين الأطراف اليمنية، وأن العودة للمسار السلمي لن تكون سهلة. ومن المتوقع أن يضغط المبعوث الأممي على فريقي المفاوضات للانخراط في جولة جديدة بحلول الشهر المقبل، وذكر أن أعضاء مجلس الأمن، أكدوا له تطلعهم لوقف إطلاق النار، بين الأطراف المتحاربة، والالتزامات بالتنفيذ، خلال شهر مارس (آذار) المقبل.
وكان مجلس الأمن الدولي أقر أخيرا بالإجماع قرارا لدعم عملية الانتقال السياسي في اليمن وتمديد العقوبات المفروضة على معرقلي العملية السلمية في البلاد المتمثلة في قادة الانقلاب علي عبد الله صالح ونجله.
وقد نفت روسيا وجود أي تعاون مع ميليشيا صالح والحوثي، وأكد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أن بلاده تقف إلى جانب الحكومة اليمنية الشرعية، ومع تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، موضحا أن بلاده اضطرت لوقف مشاريع في قطاع الكهرباء، وقطاعات أخرى تنموية بعد عمليات الانقلاب واجتياح ميليشيا الحوثي للمدن اليمنية.
وأعرب لافروف عن التزام روسيا بدعم المشاورات والحل السلمي تحت رعاية الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن روسيا ترسل رسائل واضحة لصالح والحوثي بأن روسيا تدعم الشرعية الدستورية باليمن، وتؤكد لجميع الأطراف أهمية السعي إلى حل سلمي عبر الحوار.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.