انتحار شيف سويسري تربع على عرش عالم الطهي في أوروبا

وفاته تكشف عن ضغوط المهنة ومتاعبها

شكلت وفاة الطاهي السويسري بينوا فيوليير صدمة حقيقية لأهالي منطقته - انتحر الطاهي الشاب بسبب ضغوط المهنة التي يتجاهلها البعض
شكلت وفاة الطاهي السويسري بينوا فيوليير صدمة حقيقية لأهالي منطقته - انتحر الطاهي الشاب بسبب ضغوط المهنة التي يتجاهلها البعض
TT

انتحار شيف سويسري تربع على عرش عالم الطهي في أوروبا

شكلت وفاة الطاهي السويسري بينوا فيوليير صدمة حقيقية لأهالي منطقته - انتحر الطاهي الشاب بسبب ضغوط المهنة التي يتجاهلها البعض
شكلت وفاة الطاهي السويسري بينوا فيوليير صدمة حقيقية لأهالي منطقته - انتحر الطاهي الشاب بسبب ضغوط المهنة التي يتجاهلها البعض

بدأت القصة تبدو مألوفة بعض الشيء: انتحار شيف يتربع على عرش عالم الطهي.
هذا الأسبوع، كان هذا العنوان من نصيب بينوا فيوليير (44 عامًا) شيف سويسري أقدم على الانتحار باستخدام بندقية صيد. ويملك مطعم «ريستورانت دوتيل دي في» في إحدى ضواحي مدينة لوزان، والذي يحظى بالتقييم الأعلى تبعًا لتصنيف «ميشلان» في ديسمبر (كانون الأول)، وقع اختيار «لا ليست» (La Liste)، مؤشر تصنيف جديد أقرته الحكومة الفرنسية، على المطعم باعتباره الأفضل عالميًا.
المؤكد أن قرار الانتحار تقف وراءه أسباب معقدة وعميقة. وفيما يخص فيوليير، لا تزال الشرطة السويسرية تجري تحقيقًا حول ملابسات الانتحار. وأفاد مسؤولون بالشرطة بأن أسرة فيوليير طلبت الحفاظ على خصوصية الأمر، بحيث «يتمكنون من معايشة أحزانهم على وفاته في سلام وهدوء».
وتحمل وفاة فيوليير أصداء انتحار هومار كانتو (38 عامًا) الشيف الشهير في شيكاغو، الذي شنق نفسه في أبريل (نيسان)، وكذلك الشيف الفرنسي بيرنارد لوازو (52 عامًا) الذي قتل نفسه باستخدام مسدس عام 2003. في كلتا الحالتين، أفاد مقربون بأن الشيف المنتحر كان يعاني من وطأة ضغوط مهنية هائلة.
ويسلط انتحار فيوليير الضوء على القلق المتنامي في أوساط البعض داخل صناعة المطاعم حيال أنه لا يجري بذل جهود كافية لتناول قضايا الصحة النفسية للعاملين بالمجال، والتي يبدو أنها تتفاقم جراء الضغوط اللامتناهية الكامنة وراء المسعى المستمر لتحقيق الكمال في إطار مهنة تستلزم قدرا كبيرا من الإبداع وتهيمن عليها الانتقادات السريعة وتوقعات النجاح على نحو يتنافى مع الواقع.
من جانبها، أطلقت كات كينزمان، الكاتبة المتخصصة بمجال الطعام والمحررة لدى «تيستينغ تيبل»، مشروعًا في يناير (كانون الثاني) بعنوان «مشكلات الطهاة» (شيفز ويز إيشوز) بهدف تناول ما وصفته بأنه تحديات عميقة تتعلق بالصحة النفسية منتشرة بمختلف أرجاء المطابخ المهنية المحترفة لا يجري الحديث عنها صراحة.
ورغم أن المتاعب المرتبطة بالصحة النفسية تعد عاملاً مشتركًا بين شتى المهن، فإن المطاعم تحديدًا تتسم بمستوى استثنائي من الضغوط وأساليب حياة يمكن أن تسهم في دفع المرء نحو الانتحار أو أنماط أخرى من السلوك المدمر، حسبما أوضحت هي وآخرون داخل صناعة الطهي.
وأضافت: «إنها مهنة شاقة ومحتدمة وتقوم على رد الفعل. ومن المستحيل على من يعمل بالمجال ترك عمله في أي ساعة والحياة كأي شخص طبيعي. وبمرور الوقت، تتصاعد الضغوط على عاتق المرء».
وأشارت كينزمان إلى أن الكثير من العاملين بمجال الطهي اعترفوا بأنهم تجنبوا السعي للحصول على مساعدة طبية خوفًا من النظر إليهم كمجانين أو ضعفاء. والملاحظ أن العمل بهذا المجال غالبًا ما يجتذب الشخصيات التي لا تميل للمواجهات وتستمتع بالتنافس والعمل لنوبات طويلة شاقة، بجانب الميل للإفراط في تناول الطعام والكحوليات والمخدرات - وهي جميعها عناصر تفاقم مشكلات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب.
وأضافت كينزامن: «تكمن المأساة أن هذا هو الطعام، الذي من الخارج يفترض أن يكون أمرًا مغذيًا ومصدرًا للشعر بالاستمتاع. إن قلبي يدمي لأن الناس الذين يقدمون لنا هذا الأمر الأساسي والثري يعانون مثل هذا القدر من الألم».
وبالنسبة للطهاة الذين يملكون مطاعم ويتميزو بمكانة عامة رفيعة، فإن الضغوط تتجاوز بكثير مجرد تقديم طبق يتميز بالكمال. وتواجه هذه الفئة مخاطر مالية كبيرة وغالبًا ما يكون هامش الربح ضئيلا على نحو مثير للدهشة، حتى في أفضل المطاعم. وفي مواجهة الرأي العام والانتقادات المهنية التي تنصب على الطهاة بسرعة تفوق البرق في العصر الرقمي، يمكن للمطاعم وسمعة القائمين عليها السقوط بين عشية وضحاها.
ورغم هذا، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الاهتمام الحقيقي بالصحة النفسية سيصبح يومًا جزءًا أصيلاً من صناعة المطاعم. ويشير الداعون لهذا الأمر إلى الاهتمام المتزايد على مدار العقد الماضي داخل الصناعة بقضايا التعافي من تعاطي المخدرات وإدمان الكحوليات.
الواضح أن العمل في مطعم، خاصة مطعم طموح، يمكن أن يستنزف طاقة المرء وجهده على نحو بالغ، خاصة وأن العمل يبدأ مع الصباح وقد يمتد لما بعد منتصف الليل. وغالبًا ما تكون الإجازات وعطلات نهاية الأسبوع بمثابة منحة لا ينالها الكثيرون. ومع ذلك، تبقى هناك فئة من الطهاة تناضل للعمل لساعات أقل وتحقيق توازن أكبر بين عملهم وحياتهم الخاصة.

* «خدمة نيويورك تايمز»



جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.