احتدام المواجهات في سوريا وتكثيف الغارات الروسية قبل ساعات من انطلاق الهدنة

مقتل قيادي بارز لحزب الله اللبناني في ريف حلب

احتدام المواجهات في سوريا وتكثيف الغارات الروسية قبل ساعات من انطلاق الهدنة
TT

احتدام المواجهات في سوريا وتكثيف الغارات الروسية قبل ساعات من انطلاق الهدنة

احتدام المواجهات في سوريا وتكثيف الغارات الروسية قبل ساعات من انطلاق الهدنة

احتدمت المعارك والمواجهات بين قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة أخرى، كما تكثفت الغارات الجوية الروسية أمس الجمعة قبل ساعات معدودة من انطلاق الهدنة، فيما أفيد بمقتل قيادي بارز في حزب الله اللبناني في ريف حلب الجنوبي.
ناشطون سوريون أفادوا أمس أن القيادي العسكري في حزب الله علي فياض، الملقب بـ«علاء البوسنة»، قُتل في منطقة خناصر، في ريف محافظة حلب الجنوبي الشرقي، وهو من بلدة أنصار في جنوب لبنان، ويُعد من القياديين العسكريين البارزين في الحزب. وإذ أكدت وسائل إعلامية موالية لحزب الله الخبر لافتة إلى أنّه قُتل في المعارك مع تنظيم «داعش» في منطقة خناصر، ذكرت «شبكة شام» أن فياض قضى على يد المعارضة المسلحة.
في هذا الوقت، شهدت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرق العاصمة السورية دمشق ضربات جوية مكثفة، فيما استمر القتال في معظم أنحاء غرب سوريا قبل ساعات من بدء سريان خطة أميركية - روسية تهدف إلى وقف الأعمال القتالية. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «الغارات كانت أكثف من المعتاد، وكأنما الروس والنظام يريدون إخضاع مقاتلي المعارضة في هذه المناطق أو تسجيل نقاط قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ».
وأشار المرصد إلى أن ما لا يقل عن 26 غارة جوية وقصفا مدفعيا، استهدفت بلدة دوما في منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة قرب دمشق. وقال عمال إغاثة في المنطقة إن خمسة أشخاص قتلوا في دوما. كما ذكر أحد سكان المدينة سماع «أصوات انفجارات كبيرة» فيما أوضح آخر أن «القصف كان عنيفا منذ ساعات الصباح الأولى».
وأفاد عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، بتنفيذ الطيران الروسي «ضربات مكثفة أكثر من العادة منذ مساء الخميس ولغاية الجمعة، خصوصا في الغوطة الشرقية شرق العاصمة دمشق وفي ريف حمص الشمالي وفي ريف حلب الغربي». وأسفرت الغارات عن مقتل ثمانية أشخاص من عائلة واحدة بينهم ثلاثة أطفال في بلدة قبتان الجبل الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب. كذلك استهدفت الغارات حي جوبر الواقع شرق دمشق حيث توجد عناصر من تنظيم «جبهة النصرة». وسمع دوي الانفجارات وسط العاصمة. واستهدفت الضربات الروسية بلدات مثل دار عزة في ريف محافظة حلب الشرقي وتلبيسة في ريف محافظة حمص.
وفي الشمال السوري، أفاد «مكتب أخبار سوريا» أيضا عن تصدي مقاتلي «حركة نور الدين زنكي» المعارضة لمحاولة القوات النظامية مدعومة بميليشيات أجنبية اقتحام بلدة قبتان الجبل وقرية الشيخ عقيل في ريف حلب الغربي. وقال عضو «مكتب دارة عزة الإعلامي» ساري الرشيد أن القوات النظامية مدعومة بميليشيات أجنبية، شنت هجومًا عنيفا على بلدة قبتان الجبل وقرية الشيخ عقيل في ريف حلب الغربي، واستطاعت عناصر «حركة نور الدين زنكي» التصدي لهم وقتل كثير من المقاتلين الأجانب، إضافة إلى أسر عنصر من الجنسية الأفغانية على أطراف القرية.
وفي الجنوب، قال «مكتب أخبار سوريا» إن القوات النظامية عززت قواتها العسكرية أمس في محيط حيّي مخيم درعا وطريق السد، الخاضعيْن لسيطرة فصائل المعارضة بمدينة درعا، بأقصى جنوب سوريا، وتمركز عدد من الدبابات في محيط حاجز المحكمة الجديدة العسكري، ومدرسة الفالوجي التي تتمركز بها القوات النظامية وسط المدينة. أيضًا كثّفت القوات النظامية قصفها المدفعي والصاروخي على مخيم اللاجئين الفلسطينيين الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة بمدينة درعا، وتركّز معظمه على الحي الشمالي، ما أدى إلى جرح عدد من المدنيين، أُسعفوا إلى «مستشفى عيسى عجاج» الميداني.
وفي شمال غربي البلاد، صعدت القوات النظامية عملياتها العسكرية على القرى الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف محافظة اللاذقية الشمالي، حيث شنت هجوما من عدة محاور على جبل التفاحية وقريتي البيضاء وأرض الوطى في جبلي التركمان والأكراد. وقال عضو المكتب الإعلامي بالفرقة الأولى الساحلية رستم رستم لـ«مكتب أخبار سوريا» إن اشتباكات عنيفة اندلعت في عدة محاور، إثر محاولة جميع فصائل المعارضة العاملة في الريف صد تقدم القوات النظامية، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الطرفين، من دون أن تحرز هذه القوات أي تقدم حتى اللحظة.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.