سليم الجبوري: نسعى لأن تكون علاقاتنا العربية في المستوى المطلوب

رئيس برلمان العراق قال لـ {الشرق الأوسط} إن مقولة «خطورة الوضع» ستنتهي خلال العام الحالي

سليم الجبوري
سليم الجبوري
TT

سليم الجبوري: نسعى لأن تكون علاقاتنا العربية في المستوى المطلوب

سليم الجبوري
سليم الجبوري

قال سليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي إن بلاده لن تكون خارج الإجماع العربي ولن يتكرر مشهد العلاقة بين لبنان ودول الخليج، مشيرًا في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، أمس، إلى حرص المملكة العربية السعودية على استقرار العراق، ووجود نيات صادقة لدى بلاده لتجديد العلاقة للأفضل.
وحول موقف البرلمان العراقي من الانضمام إلى التحالف العسكري الإسلامي، أوضح أنه إذا كان هدفه ضرب الإرهاب والتطرف والعنف، فهذا أمر جيد وسوف ندعمه، كما تطرق للأوضاع الداخلية في العراق، مشددًا على أهمية الحاجة لتشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ البرنامج الحكومي بالاتفاقيات السابقة نفسها التي تتحدث عن الإصلاح والمصالحة والعفو العام.
أفاد الجبوري بأن مقولة خطورة الوضع في العراق سوف تنتهي هذا العام مع إخلاء «داعش» من العراق، إلا أنه أكد الحاجة لوضع استراتيجية شاملة لتحقيق التعايش السلمي وجمع السلاح الموجود خارج إطار الدولة، وكشف عن اعتزام زيارة وفد برلماني عراقي للملكة العربية السعودية قريبًا، وطالب بإصلاحات في آليات عمل الجامعة العربية بحيث تكون قادرة على تنفيذ قراراتها، وطالب بالحفاظ على دورية انعقاد القمة العربية. وفيما يلي أهم ما جاء بالحوار:
* لأول مرة ينعقد اجتماع لرؤساء البرلمانات العربية، هل مثل هذه الاجتماعات تحقق المستهدف منها؟
- هذه الاجتماعات مهمة جدا، لأنها أولا: تستكشف توجهات الدول العربية بشكل صريح. ثانيا: مناقشة الحلول للأزمات التي تهدد المنطقة. ثالثا: تخلق بيئة مشتركة للتفاهم نحتاج إليها في هذه المرحلة للحفاظ على الأمن القومي العربي الذي نعتبره مطلبًا للجميع، سواء بالممارسة العسكرية أو إزالة كل الأسباب التي تؤدي إلى التوتر والعنف والإرهاب، وبالتالي من شارك في هذا الاجتماع كان يمثل الشعوب العربية ونحن بصراحة نجد أنفسنا مسؤولين أمامهم في تحقيق الأمن والاستقرار، ولهذا نعتبر هذه اللقاءات مهمة وحيوية ويتبلور عنها ترجمة عملية للتعامل مع الأزمات التي نمر بها، وهذا ما عبرت عنه اليوم، وهو عمل تشريعات تحقق الاستقرار.
* ألا ترى أن دور الجامعة العربية ومؤسساتها يتراجع ولم يعد فاعلا في حل أي قضية، وكذلك سيطرة حالة من الإحباط على الشعوب، وعدم وجود قرارات مناسبة لاجتياز المرحلة؟
- بصراحة، الانقسامات كثيرة، وسببها اللجوء إلى الهويات الفرعية من الانتماءات المذهبية والقومية والطائفية وأيضًا تدخلات دول كثيرة لا تريد لنا أن يستقر الحال برؤية موحدة شاملة، والمطلوب للخروج من هذه الحالة أن تترك كل دولة لبناء ذاتها وقوتها وسيطرتها على أرضها، ولكن ما يحدث هو التشرذم وبحث البعض عن ملاذات آمنة، وهي في الحقيقة مؤقتة كالعشيرة والإقليم وغيرها من الحلول الضيقة.
* هل الوضع في العراق ما زال خطيرًا كما يبدو في تصريحات المسؤولين العرب والمجتمع الدولي؟ ومتى تختفي هذه الصفة؟
- لم يعد كما كان، بالعكس هناك بعد آخر، وهو أن العراق سوف يتخلص من تنظيم داعش هذا العام، من خلال التطورات الأمنية التي حصلت في الرمادي وسوف تكون في نينوى بشكل واضح، والخطر الأكبر هو ما بعد «داعش»، ويجب أن نتنبه له، أن نخطط من اليوم لوضع استراتيجية للتعايش السلمي، وعمليات نزع السلاح الموجودة خارج إطار الدولة، وعدم عودة التفاوض من جديد بلون وثوب واسم آخر، وهذه كلها تحديات لا ينفرد بها العراق وإنما في دول المنطقة، وكذلك زوال صور التطرف والإرهاب وإنهاء حالة العوز المادي والفقر والجوع، وعدم ترك الشباب العربي للآلة الإرهابية التي تستثمرهم كيفما تشاء، وإيجاد حالة من العدالة الاجتماعية وإصلاح سياسي، وهذه كلها قضايا مهمة.
* ألا ترى أن هذه المطالب يصعب توفيرها في المنظور القريب؟ وهل من معالجات سريعة لإخماد الفتنة التي قد يسببها غياب هذه المطالب؟
- أعتقد أن التكافل العربي مطلوب، والمساعدة يجب أن تتكامل، ومن لم يستطع فعليه ألا يكون عاملا في إشعال الأجواء.
* بالنظر إلى الوضع السياسي في العراق، والعلاقة بين الحكومة وأعضائها والأحزاب؛ هل هناك حاجة تدعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراط كما أعلن رئيس الوزراء؟
- نحن في حاجة إلى حالة من التجديد، خصوصًا إذا شعر رئيس الوزراء بأن هذا التجديد سوف يساعده في تنفيذ برنامجه وتحقيق مصالحة تؤدي إلى المزيد من الاستقرار، لكن تشكيل الحكومة الجديدة لا يكون على حساب الكيانات السياسية أو تجاهل الاتفاقات السابقة التي تم إبرامها، والمهم أن تنطلق أي حكومة من مبدأ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
* ألا ترى أن هذه الرؤية قد تؤدي إلى إعادة إنتاج المحاصصة في الحكومة؟
- نرفض المحاصصة، وهناك فرق بين تجاهل الكتل السياسية وتفاهماتها بشأن الاتفاقات، وأعني بها عدم الانفراد لطرف بتحقيق الإصلاح وقوانين العفو والمصالحة.
* علاقاتكم مع إيران والمناكفات التي تقوم بها ضد عدد من الدول العربية وتدخلها في الشأن العربي وتأثيرها في بعض القرارات، كما حدث أخيرًا بين لبنان ودول الخليج بسبب حزب الله، كيف ترون ذلك؟
- إيران دولة لها وجودها، والخيار ببناء علاقة معها أو حتى مع غيرها قائم على أساس مصالح، ونحن رافضون لأي تدخل في شؤوننا أو حتى استخدام حالة الضعف التي نعيشها في سبيل أن تظهر إمكانياتها في التأثير. هذا أمر يثير القلق ويجب أن نرفضه بشكل واضح، وما حدث أخيرًا بسبب حزب الله في لبنان وعلاقته مع دول الخليج لن يتكرر في العراق، وقد تضامن العراق مع السعودية ورفض الاعتداء على سفارتها وقنصليتيها في طهران، ولن يكون العراق أبدًا خارج الإجماع العربي.
* كيف ترى العلاقة الراهنة بين المملكة العربية السعودية والعراق؟
- لدينا نيات صادقة لتجديد العلاقة بشكل صحيح، ونرى أن المملكة حريصة على استقرار العراق، والسفير السعودي يمارس مهامه في العراق بما يدعم هذه العلاقة، كما نعتزم كوفد برلماني زيارة المملكة العربية السعودية، ونسعى لأن تكون علاقاتنا مع كل الدول العربية بشكل أفضل مما هي عليه الآن.
* هل سينضم العراق إلى مبادرة المملكة بتشكيل تحالف عسكري إسلامي؟ وهل سيوافق البرلمان عليها؟
- العراق عبر عن موقفه، وبالنسبة للبرلمان نرى أن الأمن العربي أولوية وخلق بيئة جيدة مناسبة من التفاهمات، ونرى أن أي توجه من هذا القبيل يحظى بمباركة الدول الأعضاء، وإذا كان يهدف إلى ضرب العنف والتطرف والإرهاب فهذا أمر جيد لا بأس به، وسنمضي باتجاهه وندعمه.
* كيف ترى تأجيل القمة العربية، واعتذار المغرب عن رئاستها واستضافتها؟
- الجامعة العربية تحتاج إلى تجديد في آليات العمل والخطاب، وإلى أبعد من ذلك، وهو طريقة إدارة الجامعة والاستفادة من زخم الأحداث وتفاعل الدول العربية معها، وأن تستثمرها في بناء استراتيجية وعدم الاكتفاء بالإدانة والخطاب وبلورة ما هو موجود إلى واقع عملي ملزم وقرارات تلتزم كل الدول بتنفيذها.
* هل أنتم مع رؤية المغرب في وضع شروط على انعقاد القمة العربية كي تسجل مرحلة جديدة من الصحوة وإنهاء الخلافات والانقسامات؟
- إذا شئنا أن نصحح فلا بأس، لكن على ألا يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل وإلى الإشعار بأن الوضع في صورة الانهيار، وبالتالي نحن مع انعقاد القمة والإصلاح في الوقت ذاته.
* كيف ترون التوافق والإعلان الروسي - الأميركي عن وقف إطلاق النار في سوريا؟
- هذا أمر جيد ونحن نبارك وندعم هذا التوجه لأن البعد الإنساني يجب أن يكون حاضرًا بالنظر إلى المأساة التي أصابت الشعب السوري، لكن، أيضًا يجب أن تفكر هذه الدولة في مرحلة أخرى قد لا يكون فيها الأسد أو الشخصيات التي كانت سببًا في الدمار.
نحن مع وقف إطلاق النار وإيجاد حلول عبر التفاهم والحوار، ومن المهم أيضًا الانتقال إلى مرحلة أخرى، وهى كيف يمكن تحقيق الأمن والاستقرار مع عدم ترك ثغرة لأطراف كانت متسببة في الدمار الذي أصاب سوريا.
* هل ترى أن هذا الجديد في سوريا قد ينسحب على تحقيق الاستقرار في العراق خصوصًا فيما يتعلق بالدواعش؟
- الأزمة في سوريا تنعكس على اليمن وأيضًا العراق، ونحن نحرص على إغلاق المنافذ والحدود لأي تأثير من هذا القبيل، لأن تنظيم داعش ما زال يستفيد من الثغرات الأمنية والتحالف مع مجاميع متشددة بعضها عربي والبعض من دول متعددة، وهي تستخدم الحدود وسيلة لتنفيذ أهدافها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.