الجيش الليبي ينفي مشاركة فرنسا في معارك بنغازي

مقتل 18 من أفراد الأمن في صبراتة.. واعتقال 3 من قادة «داعش» بضواحي العاصمة

ليبي يحمل علم ليبيا احتفالا بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش في مدينة بنغازي ضد الموالين لتنظيم داعش (رويترز)
ليبي يحمل علم ليبيا احتفالا بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش في مدينة بنغازي ضد الموالين لتنظيم داعش (رويترز)
TT

الجيش الليبي ينفي مشاركة فرنسا في معارك بنغازي

ليبي يحمل علم ليبيا احتفالا بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش في مدينة بنغازي ضد الموالين لتنظيم داعش (رويترز)
ليبي يحمل علم ليبيا احتفالا بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش في مدينة بنغازي ضد الموالين لتنظيم داعش (رويترز)

قلل الجيش الليبي، أمس، من أهمية تقارير غربية تحدثت عن مشاركة قوات فرنسية إلى جانب الجيش في المعارك التي يخوضها ضد المتطرفين في مدينة بنغازي، حيث كشف العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي، النقاب عن وجود خبراء عسكريين فرنسيين لتقديم الدعم للجيش الليبي، وقال إن «المجموعة العسكرية الفرنسية الموجودة في بنغازي هي مجرد مستشارين عسكريين يقدمون الاستشارات للجيش الليبي الوطني في حربه ضد الإرهاب، وهم لا يحاربون مع القوات الليبية».
وكان بوخمادة قد نفى أول من أمس مشاركة أي قوات أجنبية في معارك الجيش الليبي ضمن عملية «دم الشهيد»، التي أطلقها الجيش قبل نحو ستة أيام ضد الجماعات المتطرفة في بنغازي. واعتبر بوخمادة، الذي ظهر في فيديو مصور إلى جانب مقاتلين من الجيش الليبي بقاعدة عسكرية ببنغازي، أن ما يتردد أو يشاع عن وجود قوات فرنسية أو أميركية أو بريطانية، تقاتل إلى جانب قوات الجيش الليبي، أمر عارٍ من الصحة، مشيرا إلى أن الجيش يعاني أساسا من الحصول على الذخيرة والسلاح.
كما نفت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الليبي مشاركة أي قوات أجنبية في معارك بنغازي إلى جانب قوات الجيش، وقالت في بيان لها إنها تنفي وتستنكر ما أشيع إعلاميا عن مشاركة قوات فرنسية أو أميركية في القتال، وإن من يقاتل على الأراضي الليبية هم أبناء الشعب الليبي المتمثل في الجيش الوطني.
وكانت صحيفة «لوموند» الفرنسية قد زعمت أن وحدات من القوات الخاصة والمخابرات الفرنسية تنفذ عملية سرية ضد متشددي «داعش» في ليبيا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، مشيرة إلى أن الرئيس فرنسوا هولاند وافق على «عمل عسكري غير رسمي» تنفذه وحدة من القوات الخاصة وخدمة العمليات السرية لوكالة المخابرات الفرنسية في ليبيا.
وكانت الحكومة الموازية في العاصمة طرابلس قد اتهمت الفريق خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي في شرق البلاد، باستدعاء قوات كوماندوز فرنسية لإدارة المعارك هناك من غرفة عمليات مشتركة في قاعدة بنينا الجوية من أجل السيطرة على بنغازي. وهذا أحدث مؤشر على التدخل الأجنبي لمحاولة استعادة قدر من النظام والأمن في ليبيا التي تعمها الفوضى، حيث تسعى حكومات غربية لمساعدة القوات المحلية على وقف تمدد تنظيم داعش خارج معاقله في سوريا والعراق.
وكان مسؤولون غربيون قالوا إنهم يبحثون احتمال توجيه ضربات جوية، وتنفيذ عمليات لقوات خاصة ضد «داعش» ليبيا، حيث استغل المتشددون انهيار نظام الدولة منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011 للسيطرة على بعض البلدات، لكنهم شددوا على أن أي تدخل عسكري دولي أكبر، مثل مهام التدريب، أو تشكيل قوة لتحقيق الأمن والاستقرار باقتراح من إيطاليا، يستلزم تقديم طلب من حكومة الوحدة الوطنية التي تدعمها الأمم المتحدة.
وعكفت قوات خاصة أميركية منذ فترة على عقد اجتماعات مع حلفاء ليبيين محتملين، بينما تحلق طائرات من دون طيار أميركية وفرنسية في مهام استطلاع استعدادا للتدخل دعما للقوات التي تواجه «داعش».
وفي هذا السياق أعلن مصدر في الحكومة الأميركية أن إدارة أوباما تدرس سياسة في مسارين: الأول محاولة دمج الفصائل في حكومة فعالة، والآخر تكثيف الغارات الجوية. فيما قال دبلوماسي غربي «لطالما أوضحنا النية لزيادة الدعم في القتال ضد (داعش). نريد اتخاذ إجراء حيثما تسنى لنا ذلك.. وهذا يتطلب قوات على الأرض، ونحن يمكننا مساعدتها وتدريبها».
ومن جهته، حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن ليبيا ستصبح دولة فاشلة إذا لم تتمكن الفصائل الليبية من التوحد.
ميدانيا، قال الجيش الليبي إنه يحقق المزيد من الانتصار في بنغازي، مشيرا إلى أنه بسط سيطرته الكاملة على حيي بوعطني والليثي، وأعلن تقدمه في عدد من المناطق الأخرى، بعد معارك أسفرت عن مقتل 20 شخصا وإصابة 45 آخرين، فيما تتقدم قوات حفتر على حساب المتطرفين في بنغازي، بعد أن استعادت السيطرة على عدة أحياء خضعت لهيمنة ميليشيات متطرفة لعدة شهور.
وقال مكتب إعلام الجيش، إن العمليات العسكرية تشهد ذروتها في محوري الصابري وسوق الحوت، لافتا النظر إلى أن الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش، يقود عملية الحسم النهائي الأخيرة من بنغازي وعن قرب، على حد تعبيره.
وحذرت الحكومة الانتقالية المعترف بها دوليا من أن ليبيا أصبحت وكرا للإرهابيين، ونددت في بيان لها بما وصفته بتلكك المجتمع الدولي في الاستجابة للدعوات المتكررة لتقديم المساعدة في التصدي لهذا الخطر الداهم، ورفع الحظر المفروض على تسليح الجيش، كما دعت الشعب إلى نبذ الخلاف والالتحام بوحدات الجيش فيما وصفته بحربه المقدسة على الإرهابيين، الذين يحاولون السيطرة على مدينة صبراتة، والانطلاق منها للاستحواذ على بقية المدن بالغرب الليبي، خاصة بعد الضربة القاسمة التي تعرضت لها هذه الجماعات في مدينة بنغازي وأجدابيا.
وقالت وكالة الأنباء الموالية للحكومة، غير المعترف بها في العاصمة طرابلس، إن منطقتي «قصر العلالقة وزواغة شهدت اشتباكات مسلحة بين قوات موالية لحكومة طرابلس وتنظيم داعش، مشيرة إلى أن ألوية للجيش هناك هاجمت عددا من المباني التي تؤوي متشددين، يشتبه في انتمائهم لداعش، ما أسفر عن مقتل أربعة أفراد الجيش وإصابة خمسة آخرون، واعتقال ثلاثة قادة بارزين لتنظيم داعش بضواحي العاصمة».
وقالت مصادر من قوات الجيش، إنها وجهت «ضربة أخرى قاصمة للتنظيم بعد اعتقال أميره في مدينة صبراتة محمد سعد التاجوري، المكنى أبو سليمان، والمكلف من قبل قيادات التنظيم بمدينة سرت لهذه المهمة»، مضيفة أنها اعتقلت أيضًا «مساعده سالم العماري المكنى أبو زيد، ومعهم المنسق على استضافتهم ونقلهم إلى صبراتة أحمد دحيم، المكنى أبو حمزة التاجوري».
وسيطرت عناصر من تنظيم داعش لساعات على وسط مدينة صبراتة قبل أن تطردهم الأجهزة الأمنية المحلية المنضوية ضمن تحالف «فجر ليبيا»، في عملية قتل فيها 18 من أفراد الأجهزة الأمنية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».