حظوظ عون في الرئاسة تتراجع إلى أدنى مستوياتها على وقع الخلاف اللبناني ـ الخليجي

حوري لـ {الشرق الأوسط} : كانت قريبة من الصفر وأصبحت صفرًا

حظوظ عون في الرئاسة تتراجع إلى أدنى مستوياتها على وقع الخلاف اللبناني ـ الخليجي
TT

حظوظ عون في الرئاسة تتراجع إلى أدنى مستوياتها على وقع الخلاف اللبناني ـ الخليجي

حظوظ عون في الرئاسة تتراجع إلى أدنى مستوياتها على وقع الخلاف اللبناني ـ الخليجي

لم تشهد أسهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الرئاسية تراجعا كالذي تشهده في الوقت الحالي على وقع احتدام الخلاف اللبناني - الخليجي واحتجاج المملكة العربية السعودية على المواقف الأخيرة التي اتخذها وزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، والذي هو صهر عون، خلال الاجتماع الأخير لجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي، واعتبرتها الرياض بحينها «خروجا عن الإجماع العربي».
ولعل الأزمة الطارئة على صعيد العلاقة مع دول الخليج أعادت الأزمة الرئاسية إلى المربع الأول، علمًا أن الملف كان قد تحرك مجددا بعد عودة رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري إلى بيروت وتجديده تبني ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. ولا يبدو أن الجلسة النيابية المقرر عقدها في الثاني من مارس (آذار) المقبل لانتخاب رئيس، ستحمل جديدا على الرغم من إمكانية مشاركة «المردة» فيها بعدما كان نوابه قاطعوا الجلسات الـ35 الماضية التزاما بقرار قوى 8 آذار وعلى رأسها حزب الله بمقاطعة جلسات انتخاب الرئيس، مشترطين الاتفاق المسبق على عون رئيسا للبلاد قبل التوجه إلى المجلس النيابي لانتخابه. والمفارقة أن المرشحين المحسوبين على هذا الفريق، أي فرنجية وعون قاطعا الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس، التزاما بالقرار الموحد لقوى 8 آذار، علما أن كتلة بري تواظب على المشاركة بكل الجلسات. وفيما يؤيد حزب الله وحزب «القوات» ترشيح عون للرئاسة، يدعم تيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط ترشيح فرنجية، ويسعى حزب «الكتائب» لوصول رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل إلى سدة الرئاسة من جديد، في وقت لم يحسم رئيس المجلس النيابي خياره بشكل رسمي وعلني بعد.
وعلى الرغم من تعميم عون على نوابه ووزرائه والقياديين في تياره عدم مهاجمة المملكة العربية السعودية وعدم الدخول في سجالات والالتزام بسقف المواقف التي يصدرها باسيل وتكتل «التغيير والإصلاح»، فإن مصادر مطلعة على الملف الرئاسي قالت إن «حظوظ عون في الرئاسة حاليا في أدنى مستوياتها»، لافتة إلى أن المستجدات الأخيرة لم تؤثر على ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» وحده، بل لفحت ترشيح فرنجية أيضًا باعتباره أحد الشخصيات الأساسية في فريق 8 آذار ومقربًا من رئيس النظام السوري بشار الأسد، «إلا أن تمسك الحريري بترشيحه يجنب احتراق ورقته بشكل كامل».
وفي هذا السياق، قال النائب في «تيار المستقبل» عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» إن «حظوظ عون في الرئاسة كانت قريبة من الصفر وقد أصبحت بعد التطورات الأخيرة صفرًا»، معتبرًا أن «صهر عون، باسيل، أساء إلى حظوظ عمه في الرئاسة من خلال سلسلة الأخطاء التي ارتكبها». وأضاف: «إذا كان عون مرشحًا للرئاسة واتخذ باسيل المواقف التي اتخذها، فكيف الحال إذا كان رئيسا للبلاد؟»
وفيما رمى حوري طابة الرئاسة في ملعب قوى 8 آذار، مشددا على وجوب اقتناع هذا الفريق بوجوب إتمام الاستحقاق قبل الخوض في أسماء المرشحين الأكثر حظوظا، أكد أن الحريري لا يزال يبذل كل الجهود اللازمة لوضع حد للأزمة الرئاسية المستمرة منذ مايو (أيار) 2014، «إلا أنّه وبالنهاية يد واحدة لا تصفق والمطلوب تجاوب 8 آذار لإنهائها».
من جهتها، رأت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله أن «الرئاسة ككل في مرحلة حرجة وغير مسبوقة، وقد بات مصيرها مرتبطًا بمصير الحكومة». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أسقط تيار المستقبل الحكومة سيكون قد أسقط معها اتفاق الطائف، ونكون بذلك ربطنا أزمتنا بأزمات منطقة الشرق الأوسط ووضعنا الملف اللبناني بندا أخيرا على لائحة الحل. بالمقابل إذا تمسكنا بالحكومة نكون بذلك نؤمن دخول الأزمة في لبنان كأزمة أولى إلى غرفة الحلول».
ولعل الانصراف اللبناني الرسمي لمحاولة استيعاب تداعيات تدهور العلاقات مع دول الخليج وخروج الملف الرئاسي من دائرة الاهتمامات الطارئة، لم يطح كليا بإمكانية انتخاب رئيس للبلاد في المدى المنظور، إذ نقلت مصادر مطلعة عن دوائر غربية ترجيحها أن يكون «اشتداد الأزمة مؤشرًا إلى اقتراب نهايتها»، لافتة إلى أنّه «وفي ظل الظروف الراهنة، عادت أوراق المرشحين التوافقيين وأبرزهم قائد الجيش جان قهوجي والوزير السابق جان عبيد لتتصدر السباق الرئاسي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.