تزايد احتمال انتقال «زيكا» عبر الاتصال الجنسي

نتائج مبدئة لبعض الاختبارات تؤكد ذلك

تزايد احتمال انتقال «زيكا» عبر الاتصال الجنسي
TT

تزايد احتمال انتقال «زيكا» عبر الاتصال الجنسي

تزايد احتمال انتقال «زيكا» عبر الاتصال الجنسي

يفحص مسؤولو الصحة الاميركيون 14 تقريرًا عن حالات اصابة بفيروس زيكا، ربما تكون قد انتقلت من خلال الاتصال الجنسي -منها عدد من الحوامل- ما يثير أسئلة جديدة بشأن الدور الذي يلعبه الجنس في تزايد أعداد الحالات.
وقالت المراكز الاميركية لمكافحة الامراض والوقاية منها، إنّه في حالتي اشتباه تأكدت العدوى لنساء كان عامل الخطر الوحيد المعروف لديهن هو الاتصال الجنسي مع ذكر مصاب كان قد سافر في الآونة الاخيرة إلى منطقة ينشط فيها انتقال الفيروس من خلال لدغات البعوض.
ويرى معظم الخبراء أنّ انتقال الفيروس عن طريق ممارسة الجنس نادر؛ لكن التحذير الجديد يوحي بأنّ نقل الفيروس عبر الجنس قد يكون مرجحًا عمّا كان يعتقد من قبل.
من جهّتها، قالت جنيفر مكيستون نائب مدير ادارة شؤون الرد على "زيكا" بالمراكز الاميركية في مقابلة "نرى أنّ الانتشار عن طريق البعوض أكثر المسارات شيوعًا؛ لكنّنا نريد أن ننبه الناس إلى أنّ الاتصال الجنسي يمثل أيضا عامل خطر". وتابعت، أنّ المراكز الاميركية تتحرى عن تقارير جديدة خاصة بانتقال الفيروس عن طريق الجنس بمعاونة ادارات الصحة العامة بالولايات. وعلاوة على الحالات المؤكدة فإنّ لدى المراكز نتائج مبدئية للاختبارات لاربع سيدات، أمّا الحالات الثمانية الباقية فلا تزال تخضع لدرجات متفاوتة من التحري.
وجميع حالات زيكا الحديثة المرتبطة بممارسة الجنس حدثت في الولايات المتحدة، ولم ترد حتى الآن أي تقارير عن نساء نقلن الفيروس إلى رجال من خلال الجنس، فيما تحدث باحثون بريطانيون في دراسة حديثة عن أدلة لوجود الفيروس في نطفة رجل عمره 68 سنة بعد 62 يوما من اصابته.
وعادة ما تتسبب العدوى بالفيروس في أعراض بسيطة؛ لكنّها ربما ترتبط بآلاف من حالات تشوه المواليد في البرازيل منها صغر حجم الرأس وعدم اكتمال نمو المخ. ولا يوجد علاج أو لقاح لعلاج الفيروس حتى الآن.
وفيما يتعلق بالحوامل، أوصت المراكز الاميركية بأنّه إذا تصادف أن سافر رجل إلى منطقة تنشط فيها الاصابة بالفيروس، فينصح بأن يستخدم الواقي بصورة سليمة وباستمرار طيلة فترة الحمل أو أن يمتنع عن الاتصال الجنسي كليا.
كما استطردت مكيستون "قد تبدو التوصيات مشدّدة للناس؛ لكن حقيقة الامر هي أنّه لا تتوافر لدينا بعد معلومات علمية مؤكدة تفيد بالمدة التي يبقى بها الفيروس في مني الرجل". مضيفةً أنّ من المقرر اجراء مزيد من الدراسات للبحث في ذلك؛ لكن حتى تتوفر هذه المعلومات يحبّذ أن تقي النساء أنفسهن خلال فترة الحمل. وقالت إنّ هذه التوصيات تسري أيضًا على غير الحوامل لوقايتهن.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.