الإسترليني في أدنى مستوى أمام الدولار منذ 2009.. والجدل الاقتصادي يشتعل

بريطانيا مهددة بتخفيض تصنيفها الائتماني في حال خروجها من «الأوروبي»

الإسترليني في أدنى مستوى أمام الدولار منذ 2009.. والجدل الاقتصادي يشتعل
TT

الإسترليني في أدنى مستوى أمام الدولار منذ 2009.. والجدل الاقتصادي يشتعل

الإسترليني في أدنى مستوى أمام الدولار منذ 2009.. والجدل الاقتصادي يشتعل

تصاعدت، أمس، حدة التأثيرات الاقتصادية التي تبعت على الجدل المشتعل حول فوائد ومضار بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وبينما شهد الجنيه الإسترليني أسوأ هبوط سعري مقابل الدولار منذ أكثر من ست سنوات، صارت بريطانيا مهددة بتخفيض تصنيفها الائتماني في حال التصويت على الخروج من الاتحاد في الاستفتاء الذي سيُجرى بعد أربعة أشهر.
وشهدت بريطانيا، أمس، تداعيات متزايدة عقب محادثات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع البرلمان الأوروبي، لمناقشة الاتفاق بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، للحفاظ على مكانة بريطانيا داخل الاتحاد، والموافقة المبدئية التي حصل عليها كاميرون الجمعة الماضي.
وأثرت تلك التطورات، وما تبعها من جدل متصاعد بين الطرفين المؤيد والمعارض للخروج من الاتحاد، سريعا على الاقتصاد، حيث هبط أمس سعر صرف الجنية الإسترليني أمام الدولار، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009، ليحقق 1.41 دولار فقط (في الساعة الثانية بتوقيت غرينتش)، منخفضا بنحو 2.28 في المائة من قمته، بينما انخفض أمام اليورو بنحو 1.24 في المائة ليغلق عند 1.28 يورو.
وحدث ذلك الاضطراب في أعقاب إعلان عمدة لندن بوريس جونسون عن تأييده لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتحديه المباشر لرئيس الوزراء حول الفائدة الاقتصادية التي ستعود على المملكة المتحدة في حال الخروج. بينما يحاول كاميرون تجنب نايجل فارغ، البرلماني المناهض للاتحاد الأوروبي.
ويؤكد سام ويجلموند، المحلل الاقتصادي في مؤسسة «إف بي آر للاستثمار»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «سعر صرف الجنيه الإسترليني سيتأثر على المدى القصير بالأنباء، خصوصا تلك التي تزيد من احتمالات الخروج من الاتحاد»، وتوقع ويجلموند أمس أن الإسترليني سيواصل هبوطه على مدار يوم أمس، وسيستمر تأثره لحين حسم الاستفتاء في يونيو (حزيران) المقبل.
وفي تقرير أصدرته وكالة التصنيف الائتماني «موديز» أمس، حذرت من خفض التصنيف الائتماني لبريطانيا في حال الخروج من الاتحاد بعد استفتاء يونيو المقبل. وأشارت الوكالة، في التقرير، إلى أن خروج بريطاني من الاتحاد (بريكست) يضر بالاقتصاد البريطاني أكثر من الفوائد، إلا إذا تمكنت المملكة المتحدة من التفاوض على اتفاق جديد للتجارة مع الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يحافظ على الأقل على بعض المزايا التجارية مع أعضاء الاتحاد.
وأضاف التقرير أن المصدرين يعانون في المملكة المتحدة، قائلا إن «الخروج قد يؤدي إلى فترة طويلة من عدم اليقين، التي من شأنها أن تؤثر سلبا على الاستثمار». وكذلك يضفي مزيدا من الأعباء الإضافية على صانعي السياسات، خصوصا في العلاقات التجارية بين بريطانيا ودول العالم، وإعادة النظر في مجالات أخرى مثل السياسات التنظيمية والهجرة وغيرها.
وعلاوة على ذلك، وفيما بدا أنه يمكن أن تكون ضربة قاسمة، أكدت الوكالة أنها ستخفض توقعاتها لتصنيف بريطانيا الائتماني إلى «سلبي» في حال التصويت بالخروج، وأكدت الوكالة انتظارها مزيدا من التوضيح بشأن تأثير الخروج على المدى الطويل والقوة الاقتصادية والمالية للمملكة المتحدة.
وفي استفتاء اتحاد الصناعات الهندسية أمس، وجد أن هناك 6 من بين كل 10 من أعضاء الاتحاد، يدعمون بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
في حين أكد مارك فليدز، رئيس شركة «فورد» لصناعة السيارات، في مقابلة أمس على تلفزيون «بي بي سي»، أنه من المهم أن يكون قطاع الأعمال في بريطانيا جزء من سوق واحدة تضم أوروبا كلها، مؤكدا أنه سينتظر نتيجة الاستفتاء «ليفعل ما هو مناسب لتأمين القدرة التنافسية» للعمل التجاري.
ويتفق الآن كلارك، المحلل الاقتصادي بـ«سكوتيابنك»، على أن تدخل بوريس جونسون «كبير من حيث التأثير»، حين أعلن على حسابه الشخصي على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» أن عمدة لندن «يعد السياسي الأكثر شعبية في المملكة المتحدة».
وبدوره، قال مايك ريك، رئيس مجلس إدارة شركة بي تي (بريتيش تيليكوم) في تصريح له: «إذا كنت تريد الوصول إلى سوق واحدة معفاة من الجمارك عليك أن تمتثل أولا لقواعد السوق الواحدة»، مضيفا: «إذا كنت خارجها، فلن تكون لك القدرة على التأثير على تلك القواعد لجعلها واقعية ومعقولة».



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».