اللجنة الأممية المستقلة بشأن استخدام المواد الكيميائية في سوريا تحقق بـ7 حالات

قالت إن اثنتين منها وقعتا في شهر فبراير الحالي وشملت استخدام مادة سامة

اللجنة الأممية المستقلة بشأن استخدام المواد الكيميائية في سوريا تحقق بـ7 حالات
TT

اللجنة الأممية المستقلة بشأن استخدام المواد الكيميائية في سوريا تحقق بـ7 حالات

اللجنة الأممية المستقلة بشأن استخدام المواد الكيميائية في سوريا تحقق بـ7 حالات

قدمت اللجنة الأممية المستقلة، بشأن «مسؤولية» استخدام المواد الكيميائية كأسلحة في سوريا، تقريرها الأول إلى مجلس الأمن الدولي خلال جلسة «مغلقة» عقدها أمس. واستمع المجلس إلى إحاطة عن عمل اللجنة من رئيستها، الأرجنتينية، فرجينيا غامبا، التي قالت للصحافيين إن التقرير الأول يعتبر المرحلة الأولى من التحقيقات التي قامت بها، ويشمل منهجية عملها وطريقة التحقيق والمواقع التي حصلت بها الاعتداءات بالكيماوي، إلا أنها أضافت أن المرحلة الثانية من عملها التي ستبدأ في بداية شهر مارس (آذار) القادم «ستحدد المسؤولين عن استخدام السلاح الكيماوي».
وقالت إن المهمة الموكلة لها هي «بعثة تقصي حقائق»، مضيفة أن لجنتها تحقق بـ7 حالات تم فيها استخدام الأسلحة الكيماوية منها اثنتان وقعتا في شهر فبراير (شباط) الحالي كان آخرها استعمال مادة سامة.
وعن تعاون الأطراف، قالت غامبا إن الجميع تعاون مع فريقها خلال الزيارة التي قامت بها إلى سوريا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مضيفة أن أكثر من 20 دولة تعاونت أيضا مع فريقها بما فيها الدول المحيطة بسوريا.
واعتذرت غامبا عن إعطاء تفاصيل أخرى عن الأماكن التي يمكن أن تزورها في الشهر القادم في سوريا، مضيفة أنها ستقوم بإحاطة المجلس مرة كل شهر، حول أي مستجدات، إلا أنه لن تعلن نتيجة التحقيقات للإعلام والصحافة حتى يتم الانتهاء من التحقيقات.
من جانبه، أكد رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر الفنزويلي، رافائيل راميريز داريو كارينيو، دعم المجلس للجنة المستقلة، مشددا على حياديتها وموضوعيتها والمهنية التي تتحلى بها. وقال إن المجلس يعرب عن قلقه إزاء استخدام السلاح الكيماوي من قبل أطراف الصراع في سوريا وكذلك من قبل المنظمات الإرهابية.
وقدم التقرير لمحة عامة عن الآلية التي تعمل بها اللجنة حتى الآن ومصادر المعلومات المتوفرة لديها والاعتبارات المنهجية وراء استراتيجية التحقيق فيها. كما يحدد التقرير الخطوات التي سوف تتخذها في المرحلة القادمة والتي سيتم خلالها إجراء تحقيق كل حالة على حدة، وذلك بهدف تحديد إلى أقصى حد ممكن، الأفراد والهيئات والجماعات أو الحكومات الذين قاموا بارتكاب الأفعال أو نظموها أو قاموا أيضا بتمويلها أو المشاركة فيها، واستخدام المواد الكيميائية كأسلحة، بما في ذلك الكلور أو أي مادة كيميائية سامة أخرى، في الجمهورية العربية السورية.
وأشارت اللجنة إلى عدم وجود سوابق للتحقيق في تحديد مرتكبي ومنظمي وممولي أو الاشتراك باستخدام المواد الكيميائية كأسلحة، خلافا لآلية التحقيق التي وضعها أمين عام الأمم المتحدة سابقا بشأن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ولهذا السبب، تقول اللجنة في تقريرها، إنها قررت، قبل أن تحدد من هم المسؤولون عن المتورطين في استخدام المواد الكيميائية كأسلحة، أن تضع «المبادئ التوجيهية التشغيلية وإجراءات التحقيق مع المتورطين في استخدامها وتقديمها إلى مجلس الأمن».
وقال التقرير إن اللجنة ستقوم بالتحقيق فقط بالأحداث التي توصلت من خلالها منظمة الأسلحة الكيماوية، باستخدام الكيماوي كأسلحة، مشيرة إلى أن عدد الأحداث كاملة هي 23. إلا أنها ستحقق بخمس حالات إضافة إلى حالتين وقعتا هذا الشهر، أي 7 في مجموعها.
والحالات هي
1. كفرزيتا بمحافظة حماه و11 و18 أبريل (نيسان) 2014
2. تل ميناس، محافظة إدلب، 21 أبريل 2014
3. Qmenas، محافظة إدلب، 16 مارس 2015
4. سرمين بمحافظة إدلب، 16 مارس 2015
5. ماريا، محافظة حلب، 21 أغسطس (آب) 2015
وحسب التقرير، فإن اللجنة تعتقد وبشدة على ضرورة أن يتيقن الجميع، الأفراد والجماعات والكيانات أو الحكومات التي كان لها أي دور في تمكين استخدام المواد الكيميائية كأسلحة، لأي سبب من الأسباب وتحت أي ظرف من الظروف، أنهم سوف يتم تحديد مسؤوليتهم عن هذه الأعمال البغيضة. وفي هذا الصدد، قال التقرير إن اللجنة تأمل من وراء ذلك، أن يكون التحقيق بمثابة رادع يساهم في القضاء على استخدام المواد الكيميائية كأسلحة.
كما ترى اللجنة أن عملية تحديد تلك الأطراف المشاركة في استخدام المواد الكيميائية كأسلحة، هي مهمة معقدة تتطلب استمرار الدعم والتعاون من جميع الدول و«مصادر أخرى»، ولا سيما في الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تساعد في التحقيق.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.