وزير الداخلية المقترح في حكومة السراج: مكافحة الإرهاب على رأس الأولويات

الخوجة أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه سيتواصل مع الجميع لبسط الأمن في ليبيا

العارف الخوجة وزير الداخلية الليبي المقترح
العارف الخوجة وزير الداخلية الليبي المقترح
TT

وزير الداخلية المقترح في حكومة السراج: مكافحة الإرهاب على رأس الأولويات

العارف الخوجة وزير الداخلية الليبي المقترح
العارف الخوجة وزير الداخلية الليبي المقترح

أكد العارف الخوجة، وزير الداخلية الليبي المقترح في حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج، أن قضايا الإرهاب والجريمة والهجرة غير الشرعية، ستكون على رأس أولويات عمل وزارته، وشدد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من ليبيا عبر الهاتف، على أنه سيتواصل مع جميع الأطراف، من قيادات محلية وسياسيين من نواب البرلمان، لبسط الأمن في ليبيا.
وتضم حكومة السراج 18 وزيرا بينهم خمسة وزراء دولة، وتسعى للحصول على مصادقة مجلس النواب (البرلمان)، للبدء في لم شمل الليبيين والدخول في مرحلة جديدة لإنقاذ البلاد من الإرهاب والفوضى المستمرة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، ويصف نواب في البرلمان الجدل الدائر منذ يوم السبت الماضي حول منح الثقة للحكومة بأنه يشبه عملية المخاض والولادة القيصرية. ومن المتوقع أن يحسم أمر الحكومة خلال الساعات المقبلة.
وفي أول حديث له مع وسائل الإعلام، منذ اقتراحه كوزير للداخلية في حكومة السراج، قال الخوجة لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «في حاجة إلى الاستقرار، وإنه سيعمل على هذا بالتعاون مع الجميع». وأضاف موضحا عن نظرته للوضع الأمني في ليبيا: «نحن للأسف نعاني من خروقات أمنية شتى، وعلى كافة المستويات والاتجاهات تقريبا».
وتطرق الخوجة إلى مشاكل أمنية في محيط العاصمة طرابلس وفي جنوب البلاد، وفي المنافذ الحدودية لليبيا مع دول الجوار، وقال إنه يضع في الاعتبار عدة قضايا منها على سبيل المثال «بعض المشاكل الأمنية التي تعاني منها المنطقة المحيطة بالعاصمة»، و«بعض المشاكل الأمنية الموجودة في الجنوب وفي المنافذ الليبية، وخاصة منفذ رأس جدير (على الحدود مع تونس) في الوقت الحاضر، وهناك منافذ أخرى فيها إشكاليات أمنية تحتاج إلى علاج، وبعض التسويات».
وأعرب العارف الخوجة عن اعتقاده بأن نسبة كبيرة من مهمة وزارة الداخلية تحتاج إلى تنسيق وتواصل مع القطاعات الأخرى، وحتى مع بعض الدول المجاورة، مثل دولة مصر ودولة تونس. وقال: «أعتقد أن هذا الأمر من الملفات المهمة، على أن ينصب العمل في حدود إدارة المنافذ الحدودية بهدف المساعدة في تسهيل عملية دخول وخروج مواطنينا والوافدين إلى ليبيا عبر هذه المنافذ».
وعن وضع وزارة الداخلية في الوقت الحالي، شدد الخوجة على حاجتها إلى العلاج، وأوضح قائلا إن «وزارة الداخلية تحتاج اليوم إلى علاجات سريعة وفورية، وبعض العلاجات تحتاج إلى تكتيك استراتيجي.. وسيكون جزء من هذا العمل في هذه المرحلة وجزء آخر سيكون في المراحل المقبلة.. إذا كنا موجودين سنُبقي على الخطة، وإذا جاء آخر من بعدنا فسيكمل باقي المشوار».
وأقرَّ الخوجة بأن قضية الأمن في بلاده تعد قضية شائكة، وتحتاج إلى حلول، مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة في حد ذاته يؤثر بالإيجاب على الحالة الأمنية. وقال إن «الملف الأمني شائك بعض الشيء، ولكن نحن عازمون، إن شاء الله، على وضع خطة ستكون جاهزة لحلحلة المشكلة الأمنية. وبمجرد تشكيل الحكومة، بالوضع الذي هي عليه، سيؤثر ذلك بالإيجاب حتى على العامل الأمني، مهما يكن».
وتحدث في هذا السياق عن حساسية الحالة الأمنية، لأنها تتأثر بما يحيط بها سلبا وإيجابا، وقال: «حساسية الوضع الأمني هو أنه يتأثر بكل ما هو محيط به. ارتفاع أسعار السلع أو غيرها من الأمور التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، هي من العناصر التي تؤثر على الحالة الأمنية بشكل عام».
وتعهد الخوجة بأنه سوف يستمع إلى مختلف الليبيين قبل وضع الخريطة الأمنية المطلوبة. وقال: «في مجال الملفات الأمنية، سوف نستمع لكل الأطراف، من مجلس النواب، ومن رؤساء البلديات في عموم البلاد، من أجل الوصول إلى خريطة أمنية تؤمن الحياة للمواطنين.. هذه خطوة أساسية ولا بد منها».
وأضاف أن الاستماع إلى مختلف الأطراف سيكون هو «الانطلاقة الأولى، على الأقل، لمعرفة المشكلة الأمنية من كل الجوانب، ومن المهم جدا الاستماع إلى آراء القادة المحليين والقادة السياسيين. دائما أقول إن رجل الأمن كالمصلح الاجتماعي، لا بد أن يستمع لكل الأطراف. ولا بد أن يأخذ من كل الأطراف».
ويقول مراقبون للشأن الليبي إن حكومة السراج سيكون أمامها حمل ثقيل لحل الكثير من الملفات الشائكة ومن بينها ملف الإرهاب. ويعكس الواقع الليبي، بعد نحو عامين من الجدل والخلافات، إشكالية في الفصل بين الجماعات المصنفة «منظمات إرهابية» والجماعات التي جرى الزج بها تحت بند هذا التصنيف في خضم الصراع السياسي.
وحول هذه النقطة ومسألة الفصل بين من هم إرهابيون ومن هم غير إرهابيين، علق الخوجة قائلا: «في رأيي هذا الأمر يحتاج إلى وضع معيار معين. وهذا المعيار تتولاه الحكومة. أعتقد أن هذا الموضوع هو قضية أمنية عامة، لأنها أثَّرت في كل مناحي الحياة في ليبيا.. وأعتقد أن الحكومة لا بد أن يكون لها رؤية معينة، وبالتأكيد نحن في وزارة الداخلية سنعمل من خلال هذه الرؤية وسنشارك في بلورة هذه الرؤية أساسا».
وشدد في الوقت نفسه على ضرورة محاربة الإرهاب كـ«جريمة منبوذة»، وقال: «الإرهاب، لا شك أنه جريمة منبوذة من الكل، ولا بد من محاربتها قولا واحدا.. عملية محاربتها، وطريقة محاربتها، باعتبارها أصبحت مشكلة عامة، لا بد أن يكون للحكومة رأي فيها.. من خلال هذا الرأي ومن خلال مشاركتنا نحن في وضع هذا الرأي، سنكون مستعدين ومهيئين لمواجهة هذه القضية». وأضاف أنه «لا بد من أن يتم الاتفاق على معيار يُحدّد من خلاله من هو الإرهابي ومن هو غير الإرهابي».
وفيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية التي تعبر، من دول مختلفة، إلى أوروبا، من خلال ليبيا، قال إن هذا الملف تشترك فيه بطبيعة الحال «مجموعة من الأطراف؛ منها دول المنبع التي تأتي منها الهجرة، ودول المهجر عموما»، معبرا عن اعتقاده أن بلاده، وخاصة خلال السنوات الأخيرة، خاضت مرحلة من الاتفاقات والمفاوضات والجلسات مع الاتحاد الأوروبي المتضرر من الهجرة غير الشرعية.
لكنه أضاف أن هذا لا يعني أن ليبيا غير متضررة من هذه الظاهرة، لأن «وجود أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين داخل الدولة الليبية، يجعلها ملزمة ومضطرة أيضا، لأن تتخذ فيها خطوة. ليست لدينا خيارات أخرى. لمحاربة الجريمة في ليبيا لا بد من علاج أكثر من مشكلة مرتبطة بها، سواء كانت هذه المشاكل متعلقة بالهجرة غير الشرعية أو غيرها من قضايا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».