ليبيا: الجيش يقترب من تحرير بنغازي ويحقق انتصارات في إجدابيا

كوبلر يغادر طبرق نافيًا التدخل قبل التصويت لحكومة السراج * ألمانيا تعتزم إقامة معسكر تدريب في تونس

رئيس الحكومة المكلف فائز السراج لدى عرض حكومته امام برلمان طبرق المعترف به دوليا أول من  أمس (أ. ف. ب)
رئيس الحكومة المكلف فائز السراج لدى عرض حكومته امام برلمان طبرق المعترف به دوليا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

ليبيا: الجيش يقترب من تحرير بنغازي ويحقق انتصارات في إجدابيا

رئيس الحكومة المكلف فائز السراج لدى عرض حكومته امام برلمان طبرق المعترف به دوليا أول من  أمس (أ. ف. ب)
رئيس الحكومة المكلف فائز السراج لدى عرض حكومته امام برلمان طبرق المعترف به دوليا أول من أمس (أ. ف. ب)

اقترب الجيش الوطني الليبي من بسط سيطرته على مدينة بنغازي شرقي البلاد، بعدما حقق أمس تقدما مفاجئا ضد الجماعات المتطرفة التي ما زالت تتحصن بالمدينة، حيث أعلنت القيادة العامة للجيش سيطرة الكتيبة 309 على منطقة الحليس وميناء المريسة الحيوي الواقع جنوبي غرب بنغازي، بعد معارك أسفرت عن مصرع 14 شخصا وإصابة 32 آخرين.
وقال ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة بالجيش الليبي، إن القتال تركز معظمه في حي بوعطني، حيث يخوض الجيش قتالا ضد جماعات متطرّفة في المدينة منذ أشهر. كما أعلن الجيش الليبي تقدمه في محاور القتال في مدينة إجدابيا، مشيرا إلى أنه يفرض حصارا في الحي الصناعي جنوب المدينة حيث فلول المتطرفين. وسيطرت كتيبة التوحيد السلفية وسرية الفضيل بوعمر على طريق الوادي بعد مستشفى الهواري الذي تحاصره قوات الجيش. وأعلن مستشفى «الجلاء» عن وصول 7 قتلى، بينما وصل 3 قتلى آخرين إلى مركز بنغازي الطبي، إضافة إلى 4 قتلى وصلوا إلى مستشفى المرج، فيما بلغ عدد الجرحى في مستشفيات بنغازي 19، ووصل 15 مصابا آخر إلى مستشفى المرج. وأكدت مصادر طبية وصول 10 قتلى و19 جريحا إلى مستشفيات بنغازي في اليوم الثاني من عملية «دم الشهيد»، التي أطلقتها قوات الجيش لتحرير بنغازي حيث يقود الفريق خليفة حفتر المعارك بنفسه وسط مقاتليه.
وأكد المكتب الإعلامي لقيادة الجيش أن العمليات العسكرية تسير بصورة جيدة وفقا للخطط، لافتا إلى البدء في عمليات تمشيط واسعة لإزالة الألغام، التي زرعها المتطرفون قبل انسحابهم من الميناء الذي سيطروا عليه منذ نحو عامين. ويُعد ميناء المريسة الصغير المنفذ البحري الوحيد الذي مكّن المتطرفين خلال عامين من استقبال السفن المتوسطة المستخدمة في عمليات توريد الأسلحة والإمدادات العسكرية والطبية والتموين.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن مراقبين قولهم إن سيطرة قوات الجيش الوطني على الميناء ستلعب دورًا محوريًا ومهمًا في قلب موازين القوى، حيث سيعمل الجيش من خلال هذه السيطرة على تطويق الطرق المؤدية للميناء، وذلك بهدف عزل الجماعات الإرهابية المتمركزة في محاور الصابري ووسط المدينة ومنعها من استقبال أي دعم، الأمر الذي سيمهد أكثر إلى تحرير كامل بنغازي. وقال الجيش إن قواته التي تتقدم في جميع محاور القتال كبدت الإرهابيين خسائر كبيرة في المعدات والأفراد، كما سيطرت على مواقع مهمة في كل من بوعطني وسيدي فرج.
من جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات إجدابيا إن الجيش تمكن من السيطرة الكاملة على شارع القلوز في المدينة، مشيرا إلى أن قوات الجيش سيطرت على أسلحة وذخائر خاصة بالإرهابيين. وقال إن الجيش يتعامل مع مجموعة بسيطة من الإرهابيين موجودة بالحي الصناعي والعمارات الصينية والحي الجنوبي المجاور للعمارات.
ولقي حمدان المبروك، آمر كتيبة السلفية بالمحور الغربي في المدينة، مصرعه، كما قتل أحد منتسبي كتيبة 21 حرس حدود في المعارك الدائرة في إجدابيا، بينما أعلن الملازم محمد أبسيط آمر الكتيبة إن قوات الجيش بدأت في تحرير كل محاور القتال وتستعد لاقتحام الحي الصناعي وتحريره.
وكان الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات الجيش بإجدابيا قد أعلن سيطرة الجيش على معظم مناطق مدينة إجدابيا، مشيرا إلى عمليات تمشيط تتم حاليا للمزارع وتأمين المناطق.
من جهة أخرى، نفى رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، الذي التقى أمس بشكل مفاجئ مع رئيس مجلس لنواب الليبي عقيلة صالح في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، أن تكون زيارته للتدخل في الشأن الليبي، وإنما لعرض المساعدة وما يمكن أن تقدمه بعثة الأمم المتحدة لليبيين. ولفت كوبلر إلى أن «الأنظار مسلطة هذه الأيام على مدينة طبرق وأن الشعب الليبي يتطلع لميلاد حكومة وفاق وطني تخرج ليبيا من الأزمة الراهنة التي تمر بها».
وكان مجلس النواب قد علق جلسته الاستثنائية التي كانت مخصصة لمناقشة الأسماء المقدمة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها رجل الأعمال الطرابلسي فائز السراج. وقال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي، إنه عرض خلال الجلسة ملامح البرنامج الحكومي الذي سبق إرساله مفصلا لمجلس النواب في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، مشيرا إلى أن البرنامج يستهدف إنهاء الصراع المسلح في ليبيا وتوفير أفضل خدمة ممكنة للمواطن، والانطلاق نحو بناء دولة المؤسسات من خلال إنجاز ملفات الأمن، والاقتصاد، والمصالحة، وتقديم الخدمات للمواطنين، وتعزيز مؤسسات العدالة، وتطوير آليات التعامل مع العالم الخارجي بما يحقق مصالح ليبيا ويحفظ سيادتها. ومن المقرر أن يصوت المجلس على حكومة السراج يومي الاثنين أو الثلاثاء، علما بأنه رفض النسخة الأولى من حكومة السراج التي كانت تضم 32 حقيبة وزارية.
إلى ذلك، أعلنت ألمانيا اعتزامها إرسال جنود إلى تونس لتدريب الجيش في هذا البلد، ثم احتمالا الجيش الليبي على محاربة تنظيم داعش المنتشر في ليبيا ويشكل تهديدا إقليميا.
وقالت صحيفة «بيلد ام سونتاغ» إن ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع سيتوجهون الخميس والجمعة إلى تونس لدراسة إمكانية مشاركة عسكريين ألمان في بعثة تدريب، مشيرة إلى أن هذا الالتزام قد يؤدي فيما بعد إلى إقامة معسكر تدريب للجنود الليبيين في تونس مع شركاء آخرين. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون در ليين للصحيفة إن «إرهاب تنظيم داعش يهدد كل شمال أفريقيا»، ومن الضروري جدا «بذل كل الجهود الممكنة لدعم الدول التي تناضل من أجل الديمقراطية مثل تونس». وبعدما اعتبرت إن إقامة معسكر للتدريب في تونس سيساعد في الاستقرار الإقليمي، تابعت: «وفي حال نجحت ليبيا يوما في تشكيل حكومة وحدة وطنية، فسيكون بإمكان قواتها الأمنية أيضا أن تحظى بتدريبات في تونس».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.