الكتل السياسية العراقية تتلاعب بالعبادي وفق رغباته الإصلاحية

قدموا خططهم ومقترحاتهم للتغيير الجوهري في الحكومة العراقية

الكتل السياسية العراقية تتلاعب بالعبادي وفق رغباته الإصلاحية
TT

الكتل السياسية العراقية تتلاعب بالعبادي وفق رغباته الإصلاحية

الكتل السياسية العراقية تتلاعب بالعبادي وفق رغباته الإصلاحية

في خطوة مفاجئة وصل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى بغداد قادما من مدينة النجف التي لم يغادرها إلا في حالتين، إما إلى إيران وإما إلى لبنان، ما عدا الحج، وكان الهدف من مجيء الصدر إلى بغداد كما قال مدير مكتبه والناطق الرسمي باسمه صلاح العبيدي «متابعة تطبيق المشروع الإصلاحي الذي طرحه قبل أسبوع».
وبينما حظي مشروع الصدر بمباركة زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم فإن الصدر أعلن عن قائمة تضم عددا من الشخصيات التكنوقراط وتسليمها إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي بهدف اعتمادها كأساس لاختيار أعضاء الفريق الحكومي، وهو ما يعني مصادرة مسبقة للجنة التي أعلن العبادي عن تشكيلها بهدف وضع المعايير الخاصة التي يجب اعتمادها لاختيار الوزراء الجدد.
العبادي الذي فاجأ البرلمان العراقي والكتل السياسية المنضوية فيه برغبته في إجراء تغيير جوهري في حكومته بات يجد نفسه الآن محاصرا بمجموعة من المبادرات المضادة لمبادرته من قبل عدد من الزعامات السياسية ماعدا الكتل الكردية التي لم تعد متحمسة للتغيير من عدمه نتيجة للخلافات السياسية داخل إقليم كردستان.
كتلة تحالف القوى العراقية التي تمثل العرب السنة في البرلمان العراقي أعلنت من جانبها خلال اجتماع ترأسه زعيم ائتلاف متحدون أسامة النجيفي وصدر على شكل بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن «تحالف القوى العراقية يؤيد عملية الإصلاح، وكان من السباقين لذلك بهدف تحقيق إنجازات حقيقية يلمسها المواطن»، مشددة على أن «تأييد التغيير الحكومي مرتبط بمعايير أساسية قوامها أن يتم على قاعدة التشاور مع الكتل السياسية، وأن يأخذ بنظر الاعتبار تحقيق توازن وطني ومشاركة المكونات العراقية جميعا»، ودعت الكتلة إلى «فتح حوار مع رئيس الوزراء للوقوف على خطته في تحقيق التغيير وتقويمه للأداء الحكومي في المرحلة السابقة ومراجعة حلقاته».
وفي هذا السياق أكد القيادي في تحالف القوى وعضو البرلمان العراقي السابق محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع في العراق تسير من سيئ إلى أسوأ رغم كل المحاولات والمساعي الهادفة إلى التغطية عن ذلك، ومن بينها الدعوات إلى التغيير دون وضع ضوابط وأسس صحيحة لإنقاذ البلاد من الأوضاع المتردية التي تمر بها إلى الحد الذي لا يبدو هناك علاج حقيقي لأنهه لا أحد يريد المضي باتجاه العلاج، بل محاولة الترقيع فقط».
وأوضح الخالدي أن «رؤيتنا هي دعم عملية التغيير لكننا لا يمكن أن نستمر في السكوت على سياسات خاطئة، بما في ذلك بداية الإصلاح التي لم تكن صحيحة لأنها لم تذهب إلى الفاسدين الحقيقيين، بل قامت على خلط الأوراق». ودعا الخالدي إلى «إجراء انتخابات مبكرة مع تغيير مفوضية الانتخابات لأنها هي من أوصلت سياسيين فاسدين إلى السلطة».
من جهته، طرح زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي مبادرة للإصلاح على غرار مبادرات الصدر والحكيم. وقال بيان لمكتب علاوي أمس الأحد إن «الدولة المدنية لا تعني شيئًا ما لم تقم على مفاهيم المواطنة، ومن دونها لا يمكن الحديث عن الدولة المدنية والتي هي دولة المواطنة القائمة على العدل والمساواة وضمان الحقوق وسيادة القانون». ودعا علاوي إلى «ضرورة تصحيح المسارات في العملية السياسية بالخروج من نفق الطائفية السياسية وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية ومحاسبة الفاسدين». وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يطرح من مبادرات حاليا هي مضيعة لوقت المواطن والحكومة، ولذلك فإن الحل يكمن في اجتماع يعقده رؤساء الكتل وزعماء الأحزاب مع العبادي لبلورة موقف موحد حيال ما يجري، إذ إن استمرار الجدل دون نتيجة يعني مزيدا من إحباط الشارع العراقي».
أما عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي حسن خلاطي، فقد أكد أن «الأهم بالنسبة لنا هو مواجهة التحديات الخطيرة التي هي ليست من مسؤولية الحكومة وحدها، بل الجميع، وبالتالي فإن الحلول يجب أن تكون متكاملة». وأضاف أن «عملية التغيير الشامل أمر مطلوب، لكن يجب أن يكون وفق معايير، إذ إننا نرى إن هناك مسارين للتغيير، إما أن تشكل لجان للتقييم بحيث نعرف من حقق عملا ناجحا ومن أخفق، وإما أن نضع معايير للاختيار حتى لا تخضع عملية التغيير للمزاج الشخصي».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.