روسيا تأسف لرفض مجلس الأمن اعتماد قرار إدانة القصف التركي للأراضي السورية

تجاهلت الأسباب التي أدت إليه ولم تنتقد الانتهاكات الإسرائيلية

روسيا تأسف لرفض مجلس الأمن اعتماد قرار إدانة القصف التركي للأراضي السورية
TT

روسيا تأسف لرفض مجلس الأمن اعتماد قرار إدانة القصف التركي للأراضي السورية

روسيا تأسف لرفض مجلس الأمن اعتماد قرار إدانة القصف التركي للأراضي السورية

أعربت روسيا عن أسفها لفشل مجلس الأمن الدولي باعتماد مشروع قرار قدمته لإدانة القصف التركي للأراضي السورية. وفي تعليقه على هذا الأمر، قال ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه «لا يسعنا في هذه الحال سوى التعبير عن أسفنا لعدم حصول مشروع القرار على التأييد»، مشددًا على أن «روسيا ستستمر بالطبع على نهجها الشفاف والواضح في ضمان الاستقرار، والتصدي للإرهاب، والحفاظ على وحدة أراضي الدول في المنطقة».
ومن مجلس الدوما (البرلمان) علق قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، على نتائج جلسة مجلس الأمن، واعتبر عدم تأييد ست دول أعضاء في المجلس لمشروع القرار الروسي بأنه «ناجم عن عدم رغبة لدى هذه الدول الإقرار بحقيقة أن ما تبذله روسيا من عمل في مجال تسوية الأزمة السورية إنما من أجل الخير للجميع، ولذلك يجب منحها المبادرة في هذا الشأن»، وفق ما كتب البرلماني على موقع التواصل الاجتماعي، معربًا عن قناعته بأن شعار عدم السماح بأي أعمال تقوض سيادة ووحدة الأراضي السورية، شكّل السبب الرئيسي لرفض مشروع القرار الروسي من قبل دول في مجلس الأمن.
مشروع القرار الذي عرضته روسيا على مجلس الأمن لا يشير إلى تركيا، ولم يرد ذكرها فيه بصورة مباشرة، إلا أنه يطالب جميع الدول بوقف القصف للأراضي السورية، واحترام سيادتها والتخلي عن محاولاتها للقيام بعملية برية على الأراضي السورية. ولكن كان واضحًا أن المقصود بهذه العبارات تركيا. ومن جهتها، أشارت وكالة الأنباء الروسية (تاس) إلى أن «مشروع القرار المذكور إنما جاء ردًا على ممارسات تركيا التي تقصف في الأيام الأخيرة مواقع الأكراد السوريين الذين يشاركون إلى جانب دمشق في التصدي للمجموعات المسلحة». ولقد خلف تقديم روسيا لمشروع القرار هذا إلى مجلس الأمن دهشة لدى البعض إزاء رد فعل بهذا المستوى على قصف مدفعي تركي، مقابل صمت روسي تام على الغارات التي تشنها الطائرات الإسرائيلية على مواقع داخل الأراضي السورية، بل وحتى في محيط العاصمة دمشق، وما تشكله هذه الممارسات من انتهاك فاضح للسيادة والأراضي السورية، اللتين تعرب روسيا عن حرصها عليهما.
في السياق ذاته، رأى مراقبون أن روسيا، ومن خلال طرحها مشروع القرار، إنما تتجاهل أسباب التوتر على الحدود السورية - التركية، والوضع الذي دفع أنقرة إلى التعامل بهذا الشكل والتلويح بالتدخل البري، حيث تحمل القوى الدولية الكبرى المسؤولية عن هذا التوتر للعملية التي تشنها ميليشيات ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» إلى جانب قوات النظام السوري، وبدعم جوي روسي لا محدود، في ريف محافظة حلب الشمالي على الحدود مع تركيا.
وعلى المستوى الرسمي اعتبرت سامانثا باور، المندوبة الدائمة للولايات المتحدة في مجلس الأمن، مشروع القرار الروسي بأنه «إضاعة للوقت»، وقالت في تعليقها على هذه الخطوة الروسية: «عوضًا عن إلهاء العالم بمشروع القرار الذي تم تقديمه للتو، كان من الجيد فعلاً لو أن روسيا نفذت القرار الذي سبق أن اعتمده مجلس الأمن»، موضحة أن المجلس تبنى بالإجماع القرار 2254 حول دعم التسوية السياسية للأزمة السورية، مشددة على ضرورة تنفيذ ذلك القرار.
وفي خطوة متصلة، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن مصدر دبلوماسي في جنيف قوله إن الخبراء الأميركيين والروس تمكنوا من صياغة «مسودة» وثيقة حول وقف إطلاق النار في سوريا، لافتًا إلى أن الوثيقة تحمل طابعًا مرحليا غير نهائي، ذلك أنه يجري التوافق عليها حاليًا مع الأطراف الأخرى في «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، وبعد ذلك سيعلن عن الموعد الجديد لاجتماع المجموعة الخاصة بوقف إطلاق النار المنبثقة عن لقاء ميونيخ للمجموعة.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».