وثائق رسمية تؤكد إعدام دمشق أربعة معتقلين لبنانيين لم تعترف باحتجازهم

تكشف عن هوياتهم الشخصية وتهمهم وتاريخ توقيفهم وتنفيذ أحكامهم

وثائق رسمية تؤكد إعدام دمشق أربعة معتقلين لبنانيين لم تعترف باحتجازهم
TT

وثائق رسمية تؤكد إعدام دمشق أربعة معتقلين لبنانيين لم تعترف باحتجازهم

وثائق رسمية تؤكد إعدام دمشق أربعة معتقلين لبنانيين لم تعترف باحتجازهم

أربع وثائق سورية رسمية، اختارت «الشرق الأوسط» أن تنشر مقتطفات منها، تكشف عن مصير أربعة لبنانيين مفقودين في السجون السورية من أصل نحو 600 اسم، ترفض السلطات السورية الاعتراف بوجودهم في سجونها خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل. وعلى الرغم من إصرار عائلات المفقودين على وجود أبنائهم في سوريا وامتلاك بعضهم أدلة وشهادات تؤكد أنهم كانوا معتقلين، لكن هذه الجهود التي آزرتها ضغوط مارستها لجان المجتمع المدني اللبناني المعنية بقضية المعتقلين والمخطوفين والمفقودين والمخفيين قسرا، لم تثمر عن جلاء ظروف وأسباب اعتقالهم ومصيرهم بعد كل هذه السنوات الطويلة.
تكشف الوثائق السورية الرسمية، التي اختارت «الشرق الأوسط» نشر أربع منها، عن مصير عشرات المعتقلين اللبنانيين. ويسلط هذا التقرير الضوء على أربعة منهم هم: سليم سلامة، وقزحيا شهوان، وعبد الناصر المصري، ورائف فرج. واللافت أن الوثائق المتعلقة بثلاثة منهم والصادرة عن الشرطة العسكرية وشعبة المخابرات تذكر أن أسماءهم لم تعمّم، مشيرة إلى تاريخ ميلاد كل منهم واعتقاله والتهمة الموجهة إليه ومكان احتجازه والعقوبة التي نالها وتاريخ تنفيذها.
في حالة المفقود سليم سلامة، تكشف وثيقة صادرة عن الشرطة العسكرية، عن تنفيذ حكم الإعدام بحقه بتاريخ 20 مارس (آذار) 1990، تنفيذا لقرار يحمل الرقم 52، بتاريخ الخامس عشر من الشهر ذاته، صادر عن «شعبة التنظيم والإدارة - فرع القضاء والانضباط العسكري». وبموجب الوثيقة ذاتها، أوقف سلامة (والده بهزاد ووالدته حنة، مواليد طرابلس عام 1952) بالسجن العسكري الثاني من قبل شعبة المخابرات - الفرع 248 لحساب محكمة الميدان العسكرية التاسعة، بجرم «التجسس لصالح العدو الإسرائيلي».
من ناحيتها، تؤكد وثيقة ثانية صادرة عن شعبة المخابرات (تورد اسم والدته حسنة) إعدام سلامة، مشيرة إلى توقيفه بتاريخ 14 أبريل (نيسان) 1989 بجرم «التجسس لصالح إسرائيل، وأحيل إلى المحكمة الميدانية الأولى وصدر بحقه حكم الإعدام (رقم الحكم 667)، بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) 1990».
قزحيا شهوان هو اسم المفقود اللبناني الثاني الذي لم تعممه أيضا السلطات السورية، بمعنى أنها لم تعترف بوجوده في سجونها، وهو ما تدحضه وثائق صادرة عن شعبة المخابرات والشرطة العسكرية السورية. الوثيقة الأولى (المخابرات)، تؤكد بدورها صدور حكم الإعدام وتنفيذه بشهوان (والده فريد ووالدته ثريا، مواليد عام 1951)، الموقوف بتاريخ 24 يوليو (تموز) 1980، بسبب «انتمائه إلى حزب الكتائب واشتراكه مع مجموعة مسلحة بقتل 17 عاملا سوريا على حاجز شكا»، شمال بيروت، علما أن وثيقة «الشرطة العسكرية» تذكر أنه «أوقف من قبل شعبة المخابرات - الفرع 235 لحساب محكمة الميدان 18، بجرم إخوان (الجناح المسلح)»، لافتة إلى تنفيذ «حكم الإعدام به في السجن العسكري بتدمر تنفيذا للقرار رقم 109 بتاريخ 26 أغسطس (آب) 1981، الصادر عن شعبة التنظيم والإدارة». وتوضح أنه «أحيل إلى المحكمة الميدانية الثانية وصدر بحقه حكم الإعدام»، الذي نفذ بتاريخ 27 أغسطس 1981».
ويشذ المعتقل عبد الناصر المصري (والده خضر ووالدته سليمى، مواليد عام 1973، طرابلس)، وهو كان متطوعا بالجيش اللبناني، فوج المغاوير، عن الاسمين السابقين، لناحية أن وثيقة صادرة عن الشرطة العسكرية تفيد بأنه «مبلّغ عن حالته»، وتفيد بتنفيذ «حكم الإعدام بحقه بتاريخ 29-5-1996 في ساحة السجن العسكري بالمزة، تنفيذا لقرار صادر (قبل ستة أيام) عن شعبة التنظيم والإدارة - فرع القضاء والانضباط العسكري».
واتهم قاضي التحقيق العسكري الرابع بدمشق، وفق الوثيقة نفسها، المصري بجرم «القتل عمدا والتسبب بإيقاع البلبلة في صفوف القوات السورية»، شاملا حجز حريته، وتذكر وثيقة صادرة عن شعبة المخابرات أن «فرع الأمن والاستطلاع في لبنان» أوقف المصري في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، لإقدامه على «قتل المجند السوري محمد عروق من مرتبات قواتنا العاملة في لبنان - الفوج 53 قوات خاصة». وتشير الوثيقة ذاتها إلى أن المصري بالتحقيق معه «اعترف بإقدامه على قتل المجند السوري محمد عروق في لبنان، منطقة الكورة، بواسطة مسدس حربي، حيث أطلق النار على رأس المجند السوري فأرداه قتيلا، وقام برمي جثته على حافة الطريق، وبعدها هرب إلى مقر وحدته في بيروت حيث كان متطوعا بالجيش اللبناني - فوج المغاوير». وتتابع الوثيقة: «المذكور كان يعمل حاجبا لدى النقيب اللبناني فادي داود، قائد السرية الأولى بفوج المغاوير»، مشيرة إلى أن الأخير «قام بمكافأته على عمله بإجازة مدتها 15 يوما، وكان من أنصار (النائب) ميشال عون، وقد نفذ العديد من العمليات ضد قواتنا في لبنان، وكان يقوم بتحريض اللبناني عبد الناصر خضر المصري للقيام بعمليات ضد قواتنا في لبنان».
وتؤكد وثيقة ثالثة صادرة عن وزارة الداخلية أن المصري 248 أوقف لـ«قيامه بإلقاء قنبلة يدوية قرب مركز القوات السورية في طرابلس بتحريض من النقيب فادي داود، كما أقدم على قتل المجند السوري محمد عروق»، مكررة الإشارة إلى «إحالته إلى النيابة العامة العسكرية بدمشق، المحكمة الميدانية، وصدر بحقه حكم الإعدام».
أما الوثيقة الأخيرة، فتكشف إحجام أجهزة الأمن السورية المعنية عن الرد على كتاب أحالته إليها وزارة الخارجية السورية بناء على كتاب من منظمة الهلال الأحمر السوري حول طلب اللبنانية فاديا فرج «معرفة مصير شقيقها رائف فرج».
وتشير الوثيقة إلى أن «الخارجية» طالبت بكتاب مؤرخ في 27 ديسمبر 2005، معطوفا على كتاب منظمة الهلال الأحمر السوري، مؤرخ في العشرين من الشهر ذاته، و«المتضمن طلب اللبنانية فاديا فرج معرفة مصير شقيقها رائف فضل الله فرج (والدته فتحية، مواليد عام 1960)». وتتابع الوثيقة: «تبين أن المذكور (فرج) أوقف من قبل شعبة المخابرات بجرم التجسس بتاريخ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1981، وتوفي بتاريخ 18 يوليو 1987 إثر إصابته بقصور كلوي حاد وتم دفن الجثة في تدمر»، موضحة أنه «تم حفظ الموضوع ولم يتم الرد».
ويشير ناشطون في مركز مسارات الإعلامي، المشرف على موقع «وثائق دمشق» الذي سينشر بدءا من غد (الاثنين) مئات الوثائق المتعلقة بمعتقلين عرب وأجانب في سجون النظام السوري، إلى تكرار إفادة الوثائق المسربة بوفاة عدد كبير من المعتقلين لأسباب صحية ناجمة عن إصابتهم بـ«قصور كلوي حاد»، معربين عن اعتقادهم أن المرادف الحقيقي للقصور الكلوي هو «الوفاة تحت التعذيب».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.