الحكومة المصرية تتجه لتأجيل عرض برنامجها للحصول على ثقة البرلمان فيه

نواب رفضوه لآثاره السلبية وآخرون ربطوه بانتهاء تشكيل اللجان

الحكومة المصرية تتجه لتأجيل عرض برنامجها للحصول على ثقة البرلمان فيه
TT

الحكومة المصرية تتجه لتأجيل عرض برنامجها للحصول على ثقة البرلمان فيه

الحكومة المصرية تتجه لتأجيل عرض برنامجها للحصول على ثقة البرلمان فيه

تسعى الحكومة المصرية إلى تأجيل عرض برنامجها على مجلس النواب، والحصول على ثقته، والذي يعد الضمانة الوحيدة دستوريا، لاستمرارها في عملها من عدمه، وهو ما أثار حالة من الجدل بين نواب البرلمان. حيث كان مقررا أن تعرض الحكومة برنامجها على المجلس في نهاية فبراير (شباط) الحالي، لتجديد الثقة أو تشكيل حكومة جديدة.
وبينما أعلن عدد من النواب رفضهم للتأجيل، معتبرين أن التأجيل له آثاره السلبية، خاصة وأن هناك كثيرًا من المشكلات الطارئة الآن لا بد من وضع حلول عاجلة لها، رحب آخرون بالتأجيل، مؤكدين أنه لا يمكن أن تقوم الحكومة بإلقاء بيانها حال عدم تشكيل اللجان وإقرار اللائحة الداخلية المُنظمة لعمل المجلس.
وسبق أن طالب المستشار بهاء أبو شقة رئيس لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب، بتأجيل عرض بيان الحكومة على البرلمان إلى أول أبريل (نيسان) المقبل، لكي يكون البيان أمام برلمان بكامل بنيانه، ولائحة تمت مناقشتها وإقرارها، فيكون البرلمان في هذه الحالة قادرا على مباشرة سلطاته ومهامه وفقًا للائحة الجديدة.
وكان مقررا أن يعقد البرلمان جلسة عامة خلال الأيام المُقبلة لإقرار اللائحة الداخلية وانتخاب اللجان النوعية، يتبعه عرض الحكومة المصرية برئاسة شريف إسماعيل برنامجها أمام البرلمان المصري في 27 فبراير الحالي.
مصادر مصرية أكدت أن «الحكومة انتهت من إعداد برنامجها بالفعل لعرضه على البرلمان»، مضيفة: أن «الحكومة لا تُمانع مُطلقا في تأجيل عرض برنامجها إذا رغب نواب البرلمان في ذلك». فيما يرى مراقبون أن «هناك اتجاها داخل البرلمان لطرح الثقة في الحكومة، شريطة إجراء تعديل وزاري محدود لن يتجاوز 8 وزارات». وأكد المراقبون أن «اللقاءات الأخيرة التي جمعت رئيس الحكومة بنواب البرلمان كان للاتفاق على ذلك، خاصة وأن التعديل الوزاري قد يأخذ شهر مارس (آذار) المقبل كاملا، لذلك فمن الطبيعي أن ينتهي البرلمان من إجراءاته، وكذا الحكومة خلال الشهر المقبل، لتلقي الحكومة بيانها في أبريل».
وقال عضو مجلس النواب علاء عبد المنعم، المتحدث الرسمي لائتلاف «دعم مصر» داخل البرلمان، إن «الائتلاف يرى استحالة عرض بيان الحكومة أمام البرلمان نهاية فبراير الحالي»، لافتًا إلى أن «مُناقشة بيان الحكومة بالتفصيل والرد عليه، يحتاج إقرار اللائحة الداخلية للبرلمان، التي قد تستغرق شهرا لمناقشتها وإقرارها، إضافة إلى انتخاب اللجان النوعية»، مضيفًا أن «الائتلاف سينسق مع القوى السياسية الأخرى لفتح نقاش موسع معه، بشأن تأجيل عرض برنامج الحكومة».
ويُعد ائتلاف «دعم مصر» من أبرز الائتلافات التي أعلن عنها في البرلمان، ويضم 370 عضوًا من عدد الأعضاء البالغ 596 ويتكون «دعم مصر» بشكل رئيسي من الأعضاء المستقلين الذين يمثلون 75 في المائة من عدد أعضاء المجلس.
وأيد الرأي السابق النائب أحمد رفعت، قائلا: «إن نواب البرلمان بحاجة إلى وقت كاف لكي يتمكنوا من مناقشة بيان الحكومة بشكل سليم وممارسة سلطاتهم وفقًا للائحة، وعليها يحدد بقاء الحكومة في منصبها من عدمه»، لافتًا إلى أنه «لابد من عدم التعجل في هذا الأمر».
وقال مصدر برلماني إن «الحكومة الحالية التي تعد برنامجها لعرضه على مجلس النواب باقية وسوف تستحوذ على ثقة النواب، لأننا الآن في مرحلة ليس لدينا فيها اختيارات، وسوف نتعامل مع الحكومة الحالية حتى لو كان أداؤها متواضع ومتوسط وسنشترك معها في محاولة تحسين الأداء».
في المقابل، طالب عضو مجلس النواب حسن سيد، بعرض بيان الحكومة في موعده دون تأجيل، حتى لو تطلب الأمر تشكيل لجان خاصة لمناقشته وإبداء رأيها فيه، مشيرًا إلى أن التأجيل سيكون له آثار سلبية أهمها شكل البرلمان الذي يعمل يوما ويتوقف لأوقات طويلة، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن النواب لديهم مشكلات متراكمة في دوائرهم ويحتاجون لوجود المجلس بشكل كامل لإيجاد حلول لها.
من ناحية أخرى، لم ينته البرلمان إلى الآن من طرح بنود اللائحة الجديدة للبرلمان، رغم انتهاء اللجنة المشكلة لإعدادها منها. وقال المصدر البرلماني نفسه، إن من أهم ما تضمنه اللائحة الجديدة هي التزام الأعضاء بالواجبات المفروضة عليهم مثل، الالتزام بمدونة السلوك، والثوابت والأعراف البرلمانية، والتعامل مع زملائهم في طلب الكلمة وحق الاعتراض، فضلا عن مشاركة رؤساء اللجان والكتل البرلمانية مع هيئة المكتب في اتخاذ القرارات المصيرية المُتعلقة بالمجلس وشؤونه المالية والإدارية وما إلى ذلك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.