«نيترو زيوس».. خطة هجوم إلكتروني أميركي على إيران في حال فشل المفاوضات

أقرتها إدارة أوباما في أولى سنواتها تحسّبا لصراع عسكري

«نيترو زيوس».. خطة هجوم إلكتروني أميركي على إيران في حال فشل المفاوضات
TT

«نيترو زيوس».. خطة هجوم إلكتروني أميركي على إيران في حال فشل المفاوضات

«نيترو زيوس».. خطة هجوم إلكتروني أميركي على إيران في حال فشل المفاوضات

في السنوات الأولى من تسلم إدارة أوباما السلطة، وضعت الولايات المتحدة خطة مفصلة لشن هجوم إلكتروني على إيران في حالة فشل الجهود الدبلوماسية للحد من برنامجها النووي وأدى إلى اندلاع صراع عسكري، وفقا لفيلم وثائقي قيد الإنتاج تضمن الكثير من المقابلات مع مسؤولين عسكريين ورجال استخبارات من المشاركين في هذه الجهود.
والخطة، التي تحمل اسم «نيترو زيوس»، كانت مصممة لتعطيل شبكة الدفاع الجوي الإيرانية، ونظم الاتصالات، والأجزاء الحساسة من شبكة الطاقة، ثم نُحيت جانبا، على الأقل في المستقبل المنظور، عقب إبرام الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى في يوليو (تموز) الماضي.
وكانت خطة «نيترو زيوس» جزءا من الجهود الهادفة إلى تأكيد توفّر الرئيس باراك أوباما على بدائل للمفاوضات، إذا ما فقدت إيران اتزانها حيال الولايات المتحدة أو أي من حلفائها في المنطقة. وشمل التخطيط لعملية «نيترو زيوس» في ذروته، كما يقول المسؤولون، على الآلاف من رجال الجيش والاستخبارات الأميركيين، وإنفاق الملايين من الدولارات، وغرس «البذور» الإلكترونية في الشبكات الحاسوبية الإيرانية بهدف «تحضير ميدان القتال»، وفقا لمصادر بوزارة الدفاع الأميركية.
ويقوم الجيش الأميركي بوضع الكثير من خطط الطوارئ للاستجابة لجميع أنواع الصراعات المحتملة، مثل الهجوم على كوريا الشمالية من الجنوب، والأسلحة النووية الطليقة في جنوب آسيا، أو الانتفاضات السياسية في أفريقيا أو أميركا اللاتينية. وأغلب هذه الخطط ليست قيد التنفيذ حاليا، ويجري تحديثها كل بضع سنوات. ولكن الخطة المشار إليها كانت على قدر أكبر من الاستعجال والإلحاح، وفي جزء منها يعود إلى اعتقاد المسؤولين في البيت الأبيض بوجود فرصة جيدة بأن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي سوف يقرر توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وأن الولايات المتحدة سوف تستدرج إلى الأعمال العدائية اللاحقة على ذلك.
وفي الوقت الذي كانت وزارة الدفاع الأميركية تحضر لمثل تلك الاستعدادات، كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية تضع خطة إلكترونية مستقلة أكثر تركيزا على موقع «فوردو» الإيراني لتخصيب اليورانيوم، والذي شيدته إيران في قلب جبل من الجبال بالقرب من مدينة قم المقدسة. ومن شأن الهجوم أن يبدو كأنه عملية سرية، تلك التي يفوض الرئيس الأمر بتنفيذها حتى في حالة عدم وجود الصراع المستمر.
يعتبر موقع «فوردو»، ولفترة طويلة، من أصعب الأهداف في إيران، وهو موقع على عمق كبير للغاية تحت الأرض حتى لا تطوله إلا أقوى القنابل المضادة للتحصينات في ترسانة الأسلحة الأميركية. ومن شأن عملية الاستخبارات الأميركية المقترحة إدخال «فيروس» إلكتروني إلى المنشأة الإيرانية بهدف حرق النظم الحاسوبية في موقع «فوردو» – مما يؤدي إلى التأجيل أو التدمير الفعال لقدرات أجهزة الطرد المركزية الإيرانية على تخصيب اليورانيوم في الموقع. وكان مقصودا لتلك الخطة أن تعقب عملية «الألعاب الأوليمبية»، وهو الاسم الحركي للهجوم الإلكتروني الذي شنته الولايات المتحدة وإسرائيل لتدمير 1000 جهاز من أجهزة الطرد المركزية الإيرانية وتوقف الإنتاج بصورة مؤقتة في منشأة «نطنز»، وهو موقع تخصيب اليورانيوم الأكبر حجما والأقل حماية.
وبموجب شروط الاتفاق النووي مع إيران، تم إزالة ثلثي أجهزة الطرد المركزية داخل موقع «فوردو» خلال الشهور الأخيرة، إلى جانب كافة المواد النووية الأخرى. ويُحظر على المنشأة إجراء أي أعمال ذات طبيعة نووية، ويتم تحويل نشاطه إلى استخدامات أخرى، وبالتالي القضاء على التهديدات التي حركت خطة الهجوم بالأساس، ولمدة 15 عاما على أدنى تقدير.
يعكس تطوير الخطتين السريتين مدى جدية إدارة الرئيس أوباما وقلقها من احتمال فشل مفاوضاتها مع الجانب الإيراني. كما يعكس كذلك الدور الكبير الذي تلعبه العمليات الإلكترونية في كل من التخطيط العسكري وعمليات الاستخبارات السرية. بدأ الجنرالات الأميركيين في إدراج الأسلحة النووية على خططهم الحربية الرامية إلى حماية أوروبا أو مجابهة الاتحاد السوفياتي منذ حقبة الخمسينات من القرن الماضي، وخلال الـ15 عاما الماضية، تحولت الطائرات المسلحة من دون طيار إلى مكون مركزي ورئيسي في الجهود العسكرية الأميركية داخل باكستان وأفغانستان وغيرهما من البلدان. وبنفس الطريقة، أصبحت الحرب الإلكترونية من العناصر القياسية في الترسانة الأميركية لما بات يُعرف في الوقت الحالي باسم «الصراعات المختلطة».
وكشف عن وجود خطة «نيترو زيوس» في سياق الفيلم الوثائقي المعروف باسم «أيام الصفر»، والذي عرض لأول مرة أول من أمس في مهرجان برلين للأفلام السينمائية. وتدور قصة فيلم «أيام الصفر»، من إخراج اليكس غيبني، حول الصراع المتفاقم بين إيران والغرب في السنوات السابقة للاتفاق النووي، واكتشاف الهجوم الإلكتروني على مفاعل «نطنز» للتخصيب، والجدل الدائر في أروقة وزارة الدفاع الأميركية حول ما إذا كانكانت الولايات المتحدة مستعدة لاستعمال سلاح تجهل تبعاته.
وعقد غيبني وفريق التحقيق الخاص به الكثير من المقابلات الشخصية مع المشاركين الحاليين والسابقين في البرنامج الإيراني، والذين كشفوا عن تفاصيل جهود زرع الشرائح الإلكترونية في الشبكات الحاسوبية الإيرانية، إذا ما صدرت الأوامر بشأن ذلك من أوباما لمهاجمة البنية التحتية الإيرانية. ويذكر أنه، وفقا للقواعد المنصوص عليها في التوجهات الرئاسية الأميركية والتي كشف عنها إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، قبل 3 سنوات لا يجوز إلا للرئيس إصدار الأمر بشن الهجوم الإلكتروني، كما أنه حق حصري للرئيس الأميركي أن يوافق على استخدام الأسلحة النووية.
وأجرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقابلات مستقلة لتأكيد الخطوط العريضة للبرنامج المذكور. ولقد عُرضت النتائج خلال الأسبوعين الماضيين على البيت الأبيض، ووزارة الدفاع الأميركية، ومكتب مدير وكالة الاستخبارات الوطنية، ورفض جميعهم التعليق على الأمر، في إشارة إلى أنهم لم يناقشوا التخطيط لحالات الطوارئ العسكرية.
أما بالنسبة لقيادة الحرب الإلكترونية الأميركية التي لا تزال في جهود بناء «القوات الإلكترونية الخاصة» ونشرها في مختلف أنحاء العالم، فإن المشروع الإيراني ربما كان أكثر برامج تلك القيادة تحديا حتى الآن. ويقول أحد المشاركين الذي فضل عدم ذكر هويته لمناقشة البرنامج السري «كان جهدا ضخما وبرنامجا عملاقا ومعقدا للغاية. وقبل العمل على تطويره، لم تعمل الولايات المتحدة على الجمع بين خطط الهجوم الإلكترونية والحركية على هذا النطاق من قبل».
وتعود خطة «نيترو زيوس» بجذورها إلى إدارة الرئيس السابق بوش، ولكنها بدأت في التشكل من جديد في عامي 2009 و2010. عندما طلب الرئيس أوباما من الجنرال جون الآن، من القيادة المركزية الأميركية، العمل على تطوير خطة عسكرية تفصيلية بالنسبة لإيران في حالة فشل الجهود الدبلوماسية حيالها. وكانت الأجواء وقتها تحمل قدرا عظيما من التوتر، حيث ضاعف الإيرانيون من إنتاج أجهزة الطرد المركزية لديهم، كما أنتجوا وقودا يشبه ذلك المستخدم في صناعة القنبلة النووية، وتخوفت أجهزة الاستخبارات الغربية من اقتراب إيران من عتبة تطوير السلاح النووي.
في ذلك الوقت، اعتقد مساعدو الرئيس أوباما أنه يفتقر إلى خطة طوارئ عسكرية ذات مصداقية. وفي مذكراته المعنونة «الواجب»، تطرّق وزير الدفاع الأميركي السابق، روبرت غيتس، إلى تلك المخاوف – والمنصوص عليها في المذكرة عالية السرية المرسلة إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) من عام 2010 – والتي تفيد بأن القيادة العليا للأمن القومي الأميركي لم تبدأ في مناقشة رد الفعل السريع على العدوان الإيراني.
ومن ثم ظهرت خطة «نيترو زيوس» كأحد ردود الفعل المحتملة لدى الرئيس أوباما، ووسيلة لإغلاق العناصر الحيوية في البنية التحتية الإلكترونية الإيرانية من دون إطلاق رصاصة واحدة. وعلى الرغم من التصورات الخاصة بالعمليات الإلكترونية في سيناريوهات الحرب الأخرى، كانت «نيترو زيوس» «نقلت الأمر برمته إلى مستوى جديد»، كما قال أحد المشاركين. ومع ذلك، حذر المخططون من التأثيرات الكبيرة المحتملة للعملية على المدنيين، وخصوصا إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى إغلاق قطاعات كبيرة من شبكة الطاقة الكهربائية الإيرانية وشبكات الاتصالات كذلك.
من جهتهم، اعتبر مخططون عسكريون أنها خطة «خطيرة»، نظرا لارتباط الشبكات الإيرانية الوطيد. كما أنه من السهل إغلاق شبكات الطاقة الكهربائية، على سبيل المثال، بدلا من إعادة تشغيلها مرة أخرى.
وحتى مع استعداد وزارة الدفاع الأميركية للدخول في صراع واسع النطاق، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية كان لديها هدف أكثر تحديدا: وهو تخريب موقع «فوردو» لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض، تماما كما نجحوا في تخريب مفاعل نطنز في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس جورج بوش والأيام الأولى لإدارة الرئيس أوباما.
وتسارعت الجهود في عامي 2012 و2013. حينما بدأ الجانب الإيراني في ملء التجاويف العميقة لمنشأة فوردو تحت الأرض بأكثر من 3000 جهاز من أجهزة الطرد المركزية. ولكن تلك الأجهزة قد وضعت جانبا إثر التباطؤ الإيراني الملموس في أنشطة تخصيب اليورانيوم لديهم خلال فترة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، ثم عملوا على تفكيك جزء من منشأة «فوردو» الكبيرة.
ويبدو أن جهود تطوير إدخال «فيروس» إلكتروني لمهاجمة منشأة فوردو قد بدأت في وقت قريب من كشف أوباما وعدد من زعماء العالم عن وجود منشأة إيرانية تحت الأرض في مؤتمر بمدينة بيتسبرغ في سبتمبر (أيلول) عام 2009. ومن غير الواضح كيف تمكن الجواسيس الأميركيون من دخول المنشأة النووية الإيرانية تحت الأرض، وما إذا كانت الولايات المتحدة أو أي من حلفائها، مثل إسرائيل، كانت قد اضطرت إلى استخدام المصادر البشرية داخل إيران في تنفيذ عملية الهجوم الإلكتروني على الشبكة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.