إبراهيموفيتش في سان جيرمان.. سلطان لا ينافسه أحد داخل مملكته

سيبقى اللاعب محط اهتمام فرنسا بأسرها حتى تحسم مسألة تجديد تعاقده مع الفريق الباريسي

وجد الحب في سان جيرمان أكثر من أي نادٍ آخر (رويترز)  -  إبراهيموفيتش.. شارك في الفوز بـ12 بطولة دوري ممتاز مع ستة أندية مختلفة (إ.ب.أ)
وجد الحب في سان جيرمان أكثر من أي نادٍ آخر (رويترز) - إبراهيموفيتش.. شارك في الفوز بـ12 بطولة دوري ممتاز مع ستة أندية مختلفة (إ.ب.أ)
TT

إبراهيموفيتش في سان جيرمان.. سلطان لا ينافسه أحد داخل مملكته

وجد الحب في سان جيرمان أكثر من أي نادٍ آخر (رويترز)  -  إبراهيموفيتش.. شارك في الفوز بـ12 بطولة دوري ممتاز مع ستة أندية مختلفة (إ.ب.أ)
وجد الحب في سان جيرمان أكثر من أي نادٍ آخر (رويترز) - إبراهيموفيتش.. شارك في الفوز بـ12 بطولة دوري ممتاز مع ستة أندية مختلفة (إ.ب.أ)

هناك لعبة تتعلق بكرة القدم تدور حول وضعك قائمة بالعبارات التي يستحيل أن يسمعها أي شخص في العلن. على سبيل المثال، خلال السنوات التي شهدت تفاقم حالة العته لدى بول سكولز داخل مانشستر يونايتد، كان من المستحيل أن يجرؤ أي شخص على طرح سؤال من عينة «بول شولز يبالغ في ردود أفعاله، أليس كذلك؟» أما السبب وراء ذلك، فهو أن مجرد كتابة مثل تلك العبارة كان من المحتمل أن يفجر حالة عارمة من الغضب الجماهيري واضطرابات وأعمال شغب، وقد يصدر بحقك في نهاية الأمر حكمٌ بالإعدام شنقًا!
ومن بين الأمثلة الأخرى المثيرة في إطار لعبة العبارات التي يستحيل التفوه بها، التعليق على أحداث المواجهة في دوري أبطال أوروبا بين تشيلسي وباريس سان جيرمان الذي هيمن على الملعب، وإن كانت نتيجة مباراة الذهاب 2 / 1 لصالحه ستثير لديه بعض القلق، خصوصً أنه أحد المرشحين بقوة لحصد لقب البطولة.
خلال اللقاء، سجل زلاتان إبراهيموفيتش هدفًا، وشارك في صنع آخر سجله المهاجم إدينسون كافاني، ونجح في خلق اختلاف كبير في مواجهة خط دفاع تشيلسي. وكما هو متوقع في المباريات الحاسمة التي يودع فيها المهزوم البطولة بأكملها في مجموع مباراتي الذهاب والإياب، قدم إبراهيموفيتش أفضل ما لديه أمام الخصم الإنجليزي على نحو أثار في الأذهان ذكريات أدائه المتألق في صفوف برشلونة أمام آرسنال على ملعب الإمارات منذ ستة سنوات.
ومع ذلك، فإنه مع تحطم هجمات باريس سان جيرمان على حواجز أمواج تشيلسي، ظهرت أفضل مهارات إبراهيموفيتش - اللمسات الرائعة وأسلوب أداء الفريق ككل من خلال تحركاته - هذه الهجمات التي قابلها دفاع تشيلسي بقوة هي أقل احتمالاً لأن تؤثر في الأندية الأقوى داخل أوروبا على غرار ما تفعل في الدفاعات المرتعشة لأندية الدوري الفرنسي الممتاز. بيد أن المفارقة تتجلى في أن هذه المواهب ذات الطابع المغناطيسي لدى اللاعب قد تشكل عائقًا أمام أقرانه بالفريق الذين يتمتعون بمهارات قيمة على أصعدة أخرى مغايرة. إلا أن هذا لا يعني أننا ننفي ذكاء إبراهيموفيتش الواضح وقدرته على التألق خلال لحظات معينة يتفوق خلالها أداؤه، متجاوزًا قدرات البشر العاديين، فرغم ما سبق يظل إبراهيموفيتش واحدًا من نخبة اللاعبين الأوروبيين، شارك في الفوز بـ12 بطولة دوري ممتاز مع ستة أندية مختلفة، ولديه شهية لا تشبع تجاه القتال على الكرة داخل الملعب. موجز القول، إنه لاعب يستمتع المرء بمشاهدة أدائه داخل الملعب.
في الوقت ذاته، يعتبر إبراهيموفيتش لاعب كرة قدم من الطراز الأول يملك مهارات استثنائية، لكن يمكن للكاريزما الهائلة التي يتميز بها أن تلقي بظلالها عليها، خاصة داخل فرنسا، حيث يمثل أهمية كبيرة لناديه داخل بطولتي الدوري الفرنسي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. يذكر أن صحيفة «أوج ورد لين فرانس» اليومية أغدقت كالعادة بالثناء والمديح على إسهامات إبراهيموفيتش داخل باريس سان جيرمان باعتبارها «أثبتت للجميع أن هذا اللاعب بإمكانه الاضطلاع بدور حاسم في المباريات الحاسمة». وهي ملحوظة مثيرة للاهتمام، لأنه عند النظر إلى الصورة العامة من زاوية أخرى نجد أن تلك هي المرة التي يحقق فيها إبراهيموفيتش ذلك الإنجاز. قبل ليلة الثلاثاء، جاء سجل إبراهيموفيتش في صفوف باريس سان جيرمان أمام مجموعة من الأندية الكبرى، هي ريال مدريد وبرشلونة وتشيلسي وبورتو وفالنسيا، على النحو التالي: شارك في 10 مباريات، فاز خلالها مرة واحدة، وسجل ثلاثة أهداف.
وكانت ليلة الثلاثاء المرة الأولى لإبراهيموفيتش على امتداد ثلاثة مواسم ونصف قضاها بفرنسا، التي يشارك خلالها ويسجل هدفًا في إطار فوز ناديه أمام خصم قوي، سواء بدور المجموعات أو الأدوار التالية لدوري أبطال أوروبا. حتى اليوم، يتمثل إجمالي ما سجله في هذه البطولة في مشاركته في 79 مباراة سجل خلالها 38 هدفًا في دور المجموعات، مقارنة بـ37 مشاركة في الأدوار التالية أي ادوار الذهاب والإياب سجل خلالها 8 أهداف. وربما لا يروق هذا الحديث إلى عاشقي إبراهيموفيتش المتحمسين له، على عكس المراقبين المحايدين. ومع ذلك، يبدو من هذه الأرقام أن هناك خطب ما.
من المؤسف أن مجتمع كرة القدم الإنجليزية اعتاد النظر باستخفاف إلى باريس سان جيرمان، والاستهزاء منه باعتباره مجرد كيان مصطنع وأداة تسويقية في يد قطر التي تغدق ثروتها التي تجنيها من الغاز الطبيعي على نادٍ يخلو من أي روح.
ومع ذلك، جاءت صفقة ضم إبراهيموفيتش بمثابة نجاح كبير بكل المقاييس - فها هو لاعب يملك مهارات استثنائية يطلق له العنان للازدهار والتألق في أحضان بطولة دوري ممتاز، ونادٍ يتميزان بكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال. حال انتقاله لمكان آخر، ربما لم يكن ليعدو مجرد لاعب من الطراز الأول يتقدم به العمر. أما داخل باريس سان جيرمان، يقف إبراهيموفيتش بمثابة سلطان أوحد لا ينافسه أحد داخل مملكته.
ورغم كل الإشادات والمكانة المتميزة التي أغدقها النادي على إبراهيموفيتش على مدار السنوات الأربع الماضية، تبقى هناك أسئلة مشروعة تفرض نفسها بشأنه، خاصة عند النظر لمسألة أن هدف باريس سان جيرمان ليس مجرد التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا، وإنما الفوز بها. وتكمن المفارقة المرتبطة بإبراهيموفيتش في أنه رغم كونه أفضل لاعب في صفوف باريس سان جيرمان ويملك مهارات تفوق البشر، فإنه على ما يبدو يتسبب أحيانا في تراجع الزخم داخل صفوف فريقه. وقد يحمل هذا الأمر أهمية أقل داخل الدوري الفرنسي الممتاز، حيث بمقدور إبراهيموفيتش الشعور بالاطمئنان تجاه أن مكانته المهيمنة تسمح له ببعض الأخطاء.
أمام تشيلسي، كانت هناك لحظات أبدى خلالها باريس سان جيرمان مستوى متفوقًا من الترابط واللعب الجماعي، لكن الحقيقة تظل أنه كان بإمكانه تسجيل مزيد من الأهداف. وجاء الهدفان اللذان أحرزهما الفريق من تدخلات مباشرة من جانب لوكاس وأنخيل دي ماريا. أما إبراهيموفيتش، فجاءت تفاعلاته داخل الملعب أقل من المعتاد، حيث لمس الكرة 59 مرة فقط. وظهر خلال المباراة مرتين على الأقل وهو يشكو من الرقابة اللصيقة الروتينية التي يفرضها عليه غاري كاهيل. ولم يبد أنه يعدو كثيرًا بأرجاء الملعب. إلا أن هذا أمر متوقع بطبيعة الحال، بالنظر إلى أن زلاتان يبلغ 34 عامًا داخل فريق يتحمل فيه اللاعبون الآخرون مهمة الجري الشاق. ومن بين تسعة مهاجمين شاركوا لما يزيد على 520 دقيقة خلال هذا الموسم من دوري أبطال أوروبا، فإن إبراهيموفيتش صاحب النسبة الأقل من الجري داخل الملعب - وبفارق ليس بالضئيل. ومع ذلك، ظل محتفظًا بموهبته على تحطيم تشيلسي في الشوط الثاني بمجرد أن سنح أمامه الوقت والمساحة الكافيين.
خلال المباراة واجه تشيلسي مشكلات واضحة في الإبداع والمضي قدمًا والإقدام على الخطوة التالية، وهي مشكلات تفاقمت مع أفول نجم العصر الذهبي الذي كان من أبنائه إبراهيموفيتش نفسه. ومن حسن حظ تشيلسي، عجز باريس سان جيرمان عن تحويل استحواذه على الكرة إلى هزيمة ثقيلة لغريمه أو الهيمنة على وسط الملعب، على غرار ما فعل خلال لقاء التعادل بهدفين بين الجانبين العام الماضي. أما أفضل ما حققه باريس سان جيرمان في هذه المباراة هو نجاحه في تحقيق هذا التعادل على ملعب ستامفورد بريدج وإخراجه تشيلسي من دور الـ16 وتأهله لدور الثمانية بعد أن كان الفريقان تعادلا 1 - 1 في مباراة الذهاب بباريس. وسيبقى إبراهيموفيتش محط اهتمام فرنسا بأسرها حتى تحسم مسألة تجديد تعاقده مع الفريق. وبعد ذلك، سيكون من المثير معاينة كيف سيشرع مالكو النادي في بناء فريق قادر ليس فقط على تقديم أداء مثير وساحر، وإنما كذلك هزيمة أعتى أبطال القارة الأوروبية.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».