تفجير انتحاري في عدن يخلف عشرات القتلى والجرحى.. ومصادر تكشف تورط صالح

«داعش» يتبنى عملية إرهابية استهدفت مجندين بمعسكر رأس عباس غرب العاصمة المؤقتة لليمن

مجندون يمنيون يغادرون معسكر رأس عباس غرب مدينة عدن  بعد مقتل 14 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات جراء تفجير نفذه انتحاري أمس (أ.ف.ب)
مجندون يمنيون يغادرون معسكر رأس عباس غرب مدينة عدن بعد مقتل 14 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات جراء تفجير نفذه انتحاري أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجير انتحاري في عدن يخلف عشرات القتلى والجرحى.. ومصادر تكشف تورط صالح

مجندون يمنيون يغادرون معسكر رأس عباس غرب مدينة عدن  بعد مقتل 14 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات جراء تفجير نفذه انتحاري أمس (أ.ف.ب)
مجندون يمنيون يغادرون معسكر رأس عباس غرب مدينة عدن بعد مقتل 14 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات جراء تفجير نفذه انتحاري أمس (أ.ف.ب)

«استشهد» 13 شابًا وجرح أكثر من 50 آخرين جراء استهداف مئات الشباب من طالبي التجنيد في الجيش الوطني، أمس (الأربعاء)، أثناء قيام مسلح بتفجير نفسه بحزام ناسف وسط مجندين جنوبيين بمعسكر رأس عباس التدريبي غرب العاصمة عدن.
وقال مصدر أمني من حراسة معسكر رأس عباس رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن انتحاريًا ملغمًا بحزام ناسف استهدف تجمعًا للشباب المجندين بعملية إرهابية راح ضحيتها عشرات «الشهداء» والجرحى في جريمة بشعة هزت المجتمع بعدن، مؤكدًا أن «داعش» والقاعدة هي صناعة عفاشية بامتياز تقوم بها أجهزة أمنية تتبع المخلوع بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في عدن والمدن المحررة من ميليشيا الحوثيين وصالح، على حد قوله.
وتبنى العملية الإرهابية التي استهدفت مجندين بمعسكر رأس عمران غرب العاصمة عدن تنظيم داعش، ونشرت مواقع تتبع التنظيم الإرهابي صورًا لمنفذ العملية الانتحارية لشخص يدعى أبو عيس الأنصاري الذي أدى إلى «استشهاد» 13 شابًا وجرح أكثر من 50 آخرين إثر استهدافه للمجندين بتفجير نفسه بحزام ناسف كما أعلن التنظيم نفسه.
وفي تعليق للصحافي علي عسكر، أكد أن تنظيم القاعدة و«داعش» في الجنوب هما في الحقيقة منظومة أجهزة أمنية واستخباراتية تتبع المخلوع صالح ويقوم بتوجيهها لتنفيذ عمليات إرهابية وانتحارية في عدن والمحافظات المحررة لزعزعة الأمن والاستقرار فيها وبالوقت نفسه لنقل صورة نمطية للمجتمع الدولي بأن الجنوب بيئة حاضنة للإرهاب والجماعات المتطرفة، وذلك بعد فشله وميليشيات الحوثي في بسط سيطرتهم على عدن وبقية مناطق الجنوب.
وأشار عسكر في تعليق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدن والجنوب لم تشهد أي أعمال إرهابية إلا عقب تحول أطراف الصراع بين عدن وصنعاء وهي ما يظهر حقيقة المستفيد الوحيد من هذه التفجيرات هو المخلوع صالح، متسائلاً في الوقت نفسه لماذا «داعش» و«القاعدة» يستهدفان عدن والمحافظات الجنوبية فقط، موضحًا أن كثيرًا من الدلائل والوقائع والشواهد تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن فوبيا «القاعدة» وصالح صناعة المخلوع صالح ذاته يحركها لأغراضه الخاصة والمعروفة للجميع.
وفي غضون ذلك، كشفت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تلقي قيادة معسكر رأس عباس، أول من أمس، معلومات عن تسلل عناصر إرهابية عبر الجبال المحيطة بمعسكر التدريب إلى الداخل، وقام أفراد المعسكر بعمليات رصد دقيقة بعد ساعات من حصولها على المعلومات، إلا أن تفجير انتحاري استهدف المعسكر قبل أن يتم القبض على الخلية الإرهابية المتسللة، في حين تشير معلومات متضاربة إلى تمكن قيادة المعسكر من القبض على شخصين مشتبه بهما، وذلك بعد ساعات من التفجير الانتحاري الذي أسفر عن سقوط عشرات الشباب المجندين بين قتلى وجرحى.
وعلق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية باسك فضل الشعبي على العملية الإرهابية التي تبناها تنظيم داعش الإرهابي قائلاً: «التفجير الذي حدث للجنود مدان بكل العبارات وناسف على سقوط ضحايا أبرياء من المجندين المستحدثين في الجيش الوطني»، مضيفًا استهداف الجيش الذي يتشكل حاليًا في عدن هي رسالة قوية للدولة ولدعاة الدولة ومن يعمل من أجل بناء الدولة الوطنية، لأن مؤسسة الجيش هي العمود الفقري للدولة، هناك فجوة أمنية كبيرة جدًا في عدن لم تردم إلى حد الآن رغم الجهود المبذولة في هذا الجانب.
وناشد الشعبي قيادة الدولة والتحالف العربي وفي المقدمة دولة الإمارات باعتبارها تشرف على الملف الأمني في عدن أن تكثف الجهود لردم الفجوة الأمنية في عدن وإعادة تطبيع الحياة فيها، موضحًا أن الملف الأمني من أهم الملفات، ومن دون تحقيق نجاحات فيه لن تنجح الجهود الأخرى أو الملفات الأخرى، مؤكدًا حاجة عدن لجهاز أمني جديد متدرب ومؤهل ويمتلك تكنولوجيا جديدة ومتطورة لكشف الجريمة قبل وقوعها، وآليات عمل حديثة ومتطورة كما هو معمول به في دول الخليج.
ومضى الشعبي متحدثًا لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «هناك تحديات كبيرة لكنها ستزول مع الوقت إذا وجد العمل المنظم والمتقن والحرفي، وعدن بطبيعتها مدينة مسالمة لا يوجد فيها حاضنة للجماعات المتشددة، فوجود هذه الجماعات هو أمر طارئ ناتج عن عملية التحول السياسي وتفكيك أجهزة الدولة المستبدة وسيزول هذا الأمر بالجهد والعمل الوطني الهادف، وستعود عدن كما كانت مدينة السلام والمحبة والتعايش والتنوع»، حد تعبيره.
إلى ذلك، زار مدير عام مديرية البريقة (عدن الصغرى) هاني اليزيدي الجرحى الذين أصيبوا في التفجير الإرهابي الذي استهدف مجندين في معسكر رأس عباس غرب عدن، واطمأن خلال الزيارة على صحة المصابين والخدمة العلاجية المقدمة لهم في مستشفى مصافي عدن، مطلعًا من الأطباء والممرضين والمشرفين على الحالة الصحية للمصابين، متمنيًا لهم الشفاء العاجل، مشددًا على إدارة وطاقم مستشفى المصافي بتقديم أوجه الرعاية الكاملة والعلاج لجميع الجرحى.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».