لماذا تراجعت القوى العظمى عن موقفها المتشدد من رئيس بيلاروسيا

تجميد العقوبات ضد لوكاشينكو يستهدف النيل من علاقاته مع روسيا

ألكسندر لوكاشينكو
ألكسندر لوكاشينكو
TT

لماذا تراجعت القوى العظمى عن موقفها المتشدد من رئيس بيلاروسيا

ألكسندر لوكاشينكو
ألكسندر لوكاشينكو

القرار الذي صدر عن اجتماع بروكسل الأخير لوزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي، والقاضي بتعليق العقوبات المفروضة ضد ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا، جاء بعد سلسلة من الخطوات التي قام بها زعماء عدد من البلدان الغربية، والتي توضح تراجعا واضحا في الموقف السابق المتشدد في حق من وصفوه لفترات طويلة بأنه «آخر ديكتاتور في أوروبا».
وفيما أثار القرار، الذي نص على رفع اسم لوكاشينكو من قائمة طويلة، كانت تضم 170 شخصا فرضت عليهم بلدان الاتحاد الأوروبي قيودها صارمة، بما في ذلك حظر دخولهم إلى أراضيها وتجميد أموالهم وأرصدتهم في البنوك الغربية، الكثير من الدهشة والاستغراب، بدأ جل المراقبين يتساءلون حول الأسباب الحقيقية لإصدار مثل هذا القرار ومدى ارتباطه بروسيا وزعمائها، وفي مقدمتهم فلاديمير بوتين.
فهناك من يقول إن أسباب قرار الاتحاد الأوروبي راجعة إلى اتخاذ لوكاشينكو لقرارات اعتبرت إيجابية، أبرزها إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين في بيلاروسيا في 22 من أغسطس (آب) 2015، وسعيه لتحسين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية بيلاروسيا، لكن هناك طائفة أخرى تقول إن أسباب ذلك تعود إلى تاريخ أقدم من ظهور هذه الخطوات الإيجابية، وتحديدًا منذ أن طرح لوكاشينكو الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، واستضاف ولا يزال يستضيف مباحثات مينسك منذ عام 2014، وفريق المتفاوضين من ممثلي السلطات الأوكرانية الرسمية، وروسيا الاتحادية، وممثلي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، اللتين أعلنتا الانفصال من جانب واحد في أعقاب الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش في مطلع عام 2014.
ومن هنا جاءت المقارنة بين كون أوكرانيا كانت ولا تزال تتصدر أسباب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا، أما اليوم فقد أصبحت في صدارة أسباب انحسار المواجهة والعداء بين البلدان الغربية ورئيس بيلاروسيا. كما أن وقائع الأمس القريب وما شهده من أحداث تسجل حالة شديدة من الارتياح لدى بعض الزعماء الغربيين، وفي مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، اللذان قبلا بزيارة مينسك، ومعهما ممثلة الاتحاد الأوروبي في فبراير (شباط) من العام الماضي، حيث شارك ثلاثتهم مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني بيترو بوروشينكو في مباحثات مينسك، التي أسفرت عن الاتفاقيات الشهيرة حول كل الحلول المطروحة للخروج من الأزمة الأوكرانية، والتراجع عن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
ويذكر المراقبون «الكثير من مشاهد هذا التقارب الملحوظ» الذي حرص الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو على إظهاره، مبديا مستوى عاليا من كرم الضيافة لمن وصفه بالجار الصديق بوروشينكو، وإعرابه عن الاستعداد لتقديم كل ما يلزمه من دعم وتأييد، وبعد ذلك قام بزيارته في أوكرانيا، ووقع معه عددا من الاتفاقيات الاقتصادية، رغم كون بلاده ترتبط بعلاقات «اتحادية» مع روسيا، وبأخرى «تكاملية» مع الاتحاد الأوروآسيوي، الذي يضم روسيا وكازاخستان، وبلدان آسيا الوسطى، إلى جانب منظمة بلدان «الكومنولث». ولذلك كله كان من الطبيعي أن يقول المراقبون إن الإبقاء على «عزلة» الرئيس لوكاشينكو وما جرى فرضه عليه من «قيود وعقوبات» يبدو أمرا «مضحكا»، على الرغم من أن لوكاشينكو لم يختلف في جوهره، ولم تطرأ على سياساته الداخلية أي تغييرات جوهرية تذكر، وإن عزا فرانك فالتر شتاينماير وزير خارجية ألمانيا، قرار تجميد العقوبات إلى موقف لوكاشينكو من الإفراج عن المعتقلين السياسيين في أغسطس من العام الماضي. وفي هذا الصدد، أوضح كيريل كوكتيش الأستاذ في جامعة العلاقات الدولية بموسكو، أن لوكاشينكو لم يستجب لقائمة الشروط التي طرحها الاتحاد الأوروبي شرطا للتراجع عن عقوباته، ولم ينفذ من بنودها، التي تضمنت 12 بندًا، سوى البند الذي ينص على الإفراج عن المعتقلين السياسيين. ومن هنا فإن التراجع لم يصدر عن لوكاشينكو، بل عن الاتحاد الأوروبي، على حد قول كوكتيش. أما بخصوص تسمية لوكاشينكو بالديكتاتور في الوقت نفسه الذي يقولون فيه إن بيلاروسيا تتمتع بالديمقراطية، فإن ذلك يبدو أمرا مضحكا أيضا، على الأقل في نظر الناخبين هناك. ولذا وحسبما يعتقد فإن رفع العقوبات، أو تجميدها يجرى على مرحلتين ودون ضجيج مفتعل، إذ إن القرار صدر منذ ثلاثة أشهر، وبعد أشهر طوال من الجلسة التي جمعت ميركل وهولاند وممثلة الاتحاد الأوروبي مع لوكاشينكو حول مائدة واحدة في فبراير من العام الماضي.
أما فلاديمير جاريخين نائب مدير معهد بلدان الكومنولث، فأوضح أن «سقف الديمقراطية يبدو في أيدي الأوروبيين في وضع متحرك على الدوام، حيث يرفعونه وقتما يشاءون، ويخفضونه وقتما يريدون»، مضيفا أن المهم بالنسبة لهؤلاء هو أن تبقي بيلاروسيا في معزل عن روسيا وبعيدة عن التعاون معها اقتصاديا وعسكريا، وحتى إن بلغ الأمر بأوروبا أن تعرب عن استعدادها للاعتراف بديمقراطية ومشروعية استمرار لوكاشينكو في الحكم لأربع ولايات متعاقبة.
ومع ذلك، فقد رصد الخبير السياسي الروسي الكثير من نفاق ومداهنة القيادات الغربية، التي تواصل المناورة واستخدام ما تراه مناسبا من «عبارات وقوالب لفظية»، يمكن من خلالها التراجع عما سبق واتخذته من قرارات وقتما تشاء، حيث لجأت إلى كلمة «تجميد» وليس «إلغاء» العقوبات والقيود، تحسبا لاحتمالات الحاجة إليها لدى التراجع، أو حين يحتاج الأمر لمثلها، كي تضغط ثانية على ألكسندر لوكاشينكو. وضرب مثالا على ما قد يلجأ إليه أنصار «الديمقراطية الغربية» لاحقا بقوله إنه «قد يكفي مستقبلا الإيعاز إلى بضع عشرات من المتظاهرين إلى مبنى الحكومة أو الرئاسة للإعراب عن الاحتجاج على هذا القرار أو ذاك، وهو ما قد يدفع النظام في بيلاروسيا إلى اعتقال بعضهم، للعودة ثانية عما اتخذوه من قرارات، وما أطلقوه من تصريحات». وخلص فلاديمير جاريخين إلى القول إن الهدف يبقى دائما في إطار «محاولة النيل من العلاقات الاتحادية بين روسيا وبيلاروسيا».



قتيل ومصابان بعد سقوط طائرة شحن فوق منزل في ليتوانيا

أحد عناصر الإغاثة يسير قرب حطام طائرة شحن في ليتوانيا (أ.ف.ب)
أحد عناصر الإغاثة يسير قرب حطام طائرة شحن في ليتوانيا (أ.ف.ب)
TT

قتيل ومصابان بعد سقوط طائرة شحن فوق منزل في ليتوانيا

أحد عناصر الإغاثة يسير قرب حطام طائرة شحن في ليتوانيا (أ.ف.ب)
أحد عناصر الإغاثة يسير قرب حطام طائرة شحن في ليتوانيا (أ.ف.ب)

قال مسؤولون من المطار والشرطة والإطفاء، لوكالة «رويترز»، إن طائرة شحن تابعة لشركة «دي إتش إل» تحطمت قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا، الاثنين، نحو الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش، مما أسفر عن سقوط قتيل وجريحين.

وقال متحدث باسم المركز الوطني لإدارة الأزمات إن الطائرة، التي تُشغّلها شركة سويفت للطيران نيابة عن «دي إتش إل»، أقلعت من لايبزيغ في ألمانيا، وسقطت على منزل، مشيراً إلى نجاة كل سكان المنزل.

رجال الأمن في موقع تحطم طائرة شحن قرب مطار فيلنيوس بليتوانيا (أ.ف.ب)

ورأى شهود أفراداً من وحدات الإطفاء، في الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، وهم يضخّون الماء على بناية يتصاعد منها الدخان على بُعد نحو 1.3 كيلومتر إلى الشمال من مدرج المطار في العاصمة الليتوانية.

وشهدت المنطقة وجوداً كبيراً للشرطة وسيارات الإسعاف، إضافة إلى تطويق وإغلاق عدد من الشوارع الرئيسية القريبة.