«حظر الترانزيت» بين روسيا وأوكرانيا يهددهما بخسائر إضافية

الأزمة السياسية بين موسكو وكييف تضرب مجددًا بعلاقاتهما الاقتصادية

جانب من إتلاف أطنان من الفواكه في احدى مدن روسيا نتيجة تدهور التبادل الاقتصادي (أ. ف. ب)
جانب من إتلاف أطنان من الفواكه في احدى مدن روسيا نتيجة تدهور التبادل الاقتصادي (أ. ف. ب)
TT

«حظر الترانزيت» بين روسيا وأوكرانيا يهددهما بخسائر إضافية

جانب من إتلاف أطنان من الفواكه في احدى مدن روسيا نتيجة تدهور التبادل الاقتصادي (أ. ف. ب)
جانب من إتلاف أطنان من الفواكه في احدى مدن روسيا نتيجة تدهور التبادل الاقتصادي (أ. ف. ب)

أعلنت الحكومة الأوكرانية عن قرار اتخذته بحظر دخول الشاحنات الروسية إلى الأراضي الأوكرانية واستخدامها للعبور الترانزيت من وإلى دول الاتحاد الأوروبي، وذلك ردًا على قرار روسي مماثل حظر عبور الشاحنات الأوكرانية المحملة بالبضائع للأراضي الروسية، اعتبارًا من منتصف نهار يوم أمس الثلاثاء 16 فبراير (شباط)، الأمر الذي سيحول دون وصول المنتجات الأوكرانية إلى جمهوريات آسيا الوسطى وفنلندا والنرويج، بالنسبة لأوكرانيا، ويخلق عقبات جدية إضافية أمام التبادل التجاري مع أوروبا بالنسبة لروسيا. هذا الفصل الجديد من الأخذ والرد بين موسكو وكييف بدأ يوم 11 فبراير حين عمدت مجموعات قومية أوكرانية، بينها نشطاء حزب «القطاع الأيمن» المصنف في روسيا كمجموعة إرهابية، إلى إقامة حواجز في مناطق غرب أوكرانيا، أوقفت سيارات الشحن الروسية، ومنعتها من مواصلة مسيرها لعبور الحدود نحو أوروبا، كما منعت الشاحنات الروسية القادمة من أوروبا من مواصلة رحلتها عبر أوكرانيا نحو روسيا. وقد عارضت الحكومة الأوكرانية حينها هذا السلوك بشدة، إلا أن روسيا قررت الرد بالمثل، واعتبرت أن التحكم بالطرق الترانزيت في الدولة هو من مسؤولية الحكومة، لذلك أعلنت السلطات الروسية عن منع الشحنات الأوكرانية من عبور الأراضي الروسية، الأمر الذي دفع الحكومة الأوكرانية إلى تعديل موقفها واتخاذ قرار مماثل ردًا على قرار السلطات الروسية.
وإذا كانت السلطات الأوكرانية قد اتخذت قرار حظر العبور الترانزيت للشاحنات الروسية في إطار رد الفعل على قرار مماثل اتخذته روسيا، فإن الأخيرة تبرر قرارها بأنه جاء نظرًا لانتهاك أوكرانيا الاتفاقيات الحكومية والدولية حول النقل البري، وكذلك للفقرة الخامسة من اتفاقية التجارة العالمية التي تنص على ضرورة ضمان الدول للعبور الترانزيت بحرية. وما يزيد من وضع حركة النقل التجاري البري على الجانب الروسي تعقيدًا هو إغلاق بولندا أيضًا لأراضيها أمام الشاحنات الروسية منذ الأول من فبراير، اليوم الذي انتهت فيه مدة العمل باتفاق بين البلدين يسمح للشاحنات الروسية بالعبور الترانزيت نحو الدول الأوروبية الأخرى. ومن المتوقع أن يبحث الجانبان الروسي والبولندي هذا الأمر في لقاء يوم التاسع عشر من فبراير، لتوقيع اتفاق جديد.
وبينما تقف أكثر من مائة شاحنة روسية في أوكرانيا، وقرابة 500 شاحنة روسية في أوروبا بانتظار عبور الحدود لدخول الأراضي الأوكرانية، قررت الشاحنات الأخرى التوجه إلى أوروبا مستخدمة معابر ترانزيت بديلة، أي عبر الأراضي البيلاروسية نحو جمهوريات البلطيق، ومن هناك على ظهر عبارات في بحر البلطيق نحو أوروبا. وتشهد المواني الليتوانية خلال هذه الأيام ضغطًا وصعوبات في القدرة المرورية، نتيجة تدفق أعداد كبيرة من سيارات الشحن الروسية إلى هناك، والأمر ذاته على الحدود بين بيلاروس وليتوانيا.
في هذه الأثناء تتواصل الجهود من الجانبين الروسي والأوكراني للتوصل إلى اتفاق يسمح بعودة حركة النقل التجاري والعبور الترانزيت إلى طبيعتها، سيما وأن هذا الوضع يلحق الضرر بمصالح الطرفين على حد سواء، إذ ترغب روسيا بضمان طرق آمنة مستقرة لتصل منتجاتها إلى أوروبا ولتحصل عبرها على منتجات أوروبية لم يشملها الحظر الذي فرضته موسكو على استيراد مواد معينة من أوروبا. أما أوكرانيا فقد أكد ألكسندر كافا، النائب سابقًا لوزير البنى التحتية أن «الاقتصاد الأوكراني يتضرر نتيجة الرد الروسي، لأنه سيؤدي إلى عقبات أمام وصول المنتجات الأوكرانية إلى آسيا الوسطى والدول الاسكندينافية، الأمر الذي يهدد السوق بخسائر تصل قرابة 2 مليار دولار سنويا». ويبدو أن نتائج أزمة «قطع الطرق» بين روسيا وأوكرانيا قد أثارت قلق حلفاء موسكو من جمهوريات آسيا الوسطى، ما دفع رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف إلى بحث هذا الوضع مع نظيره الكازاخي كريم ماسيموف. وقد أكدت وزارة النقل الروسية أنه وعلى الرغم من بدء الحظر على عبور الشاحنات الأوكرانية للأراضي الروسية فإن البضائع التي يجري نقلها ما زالت تصل إلى كازاخستان، لكن بواسطة شركات شحن أخرى ليست أوكرانية.
ويرى المراقبون أن أزمة «قطع الطرق» بين روسيا وأوكرانيا قد لا تنتهي بالسرعة التي تأملها موسكو وكييف، ذلك أن الخلفية لما يجري تكمن في الأزمة السياسية بين الجانبين، في ظل استمرار النزاع في جنوب - شرق أوكرانيا وعدم تنفيذ اتفاقيات مينسك بالشكل الذي يؤدي إلى إنهاء هذه الأزمة. أما «قطع الطرق» بحد ذاته فإن انعكاساته على الاقتصاد الروسي لم تظهر بعد، لكن إن استمر الوضع على حاله فسيؤثر ذلك بشكل مباشر على شركات النقل التجاري الروسية، كما سيكون له انعكاسات أخرى تراكمية سيما وأن عقوبات اقتصادية متبادلة ما زالت سارية المفعول بين موسكو والعواصم الأوروبية، على خلفية ضم روسيا للقرم والحرب في أوكرانيا، تسببت بتراجع حجم التبادل التجاري بين روسيا وأوروبا من ما يقارب 400 مليار دولار إلى 230 مليارًا، وفق ما أكد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف في ميونيخ مؤخرًا.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).