المخرج «سبايك لي»: الضجة بشأن التنوع أدت للتغيير في جوائز الأوسكار

الفيلم الكوميدي السعودي «بَرَكة» يحقق هدفه ويضحك الجميع في برلين

المخرج سبايك لي خلال تصوير «شي - راك» و لقطة من فيلم «بركة يقابل بركة»
المخرج سبايك لي خلال تصوير «شي - راك» و لقطة من فيلم «بركة يقابل بركة»
TT

المخرج «سبايك لي»: الضجة بشأن التنوع أدت للتغيير في جوائز الأوسكار

المخرج سبايك لي خلال تصوير «شي - راك» و لقطة من فيلم «بركة يقابل بركة»
المخرج سبايك لي خلال تصوير «شي - راك» و لقطة من فيلم «بركة يقابل بركة»

أثار الصحافيون من جديد، خلال المؤتمر الذي انعقد للمخرج سبايك لي في دورة مهرجان برلين الحالية الممتدة حتى يوم الأحد المقبل، الضجة التي دارت حول ترشيحات الأوسكار التي وجدها البعض عنصرية.
المناسبة كانت عرض فيلم سبايك لي الجديد «شي - راك»، الذي يتناول مشكلة حادّة وربما أكثر حدّة من العنصرية القائمة بين متطرفي الشعب الأميركي، وهي مشكلة قيام العصابات السوداء بالتناحر وقتل كل منها للآخر. والإحصاءات الأميركية تقول إن مقتل الأفرو-أميركيين على أيدي أفرو-أميركيين آخرين يبلغ أضعاف عدد قيام البيض بقتل السود عموما. فيلم سبايك لي ينجز جديدا على أكثر من صعيد بما في ذلك إلقاء ضوء مركّز على بؤرة اجتماعية تنضح بالمساوئ اجتماعيا وأخلاقيا، وبحاجة لأن يتم وضعها على الطريق الصحيح لكي تعود اللُحمة إلى ما كانت عليه ذات يوم.
ومن يقدر على ذلك أكثر من المرأة؟ كما فعلت «ليسيستراتا»، بطلة المسرحية الإغريقية لكاتبها أرسطوفانيس عندما دعت نساء اليونان للامتناع عن الاستجابة لمطالب أزواجهن العاطفية والجنسية احتجاجا على حروب بيلوبونسيان (الحرب الإغريقية - الإسبارطية التي امتدت 31 سنة من عام 404 قبل الميلاد). يقوم اقتباس سبايك لي «شي - راك» على إضراب النساء عن معاشرة رجالهن إلى أن تتوقف الحروب العصاباتية بينهم ويتم السلام. تكبر الدائرة فإذا بالأزمة تصل إلى البيت الأبيض وأركان السلطة الرسمية، فتتدخل لتسوية الوضع والضغط على النساء للعودة عن قرارهن، لكنهن يلتزمن بالإضراب حتى النهاية.
في المؤتمر الصحافي الذي عقد إثر الفيلم وجه سبايك لي كلامه في بادئ الأمر إلى الصحافيين متحدثا عن الوضع الأميركي الراهن: «لا بد حين النظر إلى ما يحدث في أميركا مع دخول دونالد ترامب مسرح الانتخابات الرئاسية من طرح السؤال عما يحدث في الواقع».
وتأكيدا على انتشار العنف المسلّح في أميركا اليوم وعلى منحى الفيلم في التصدّي له ذكر أن هناك «53 جريمة قتل وقعت في مدينة شيكاغو وحدها خلال الشهر الماضي فقط. وأضاف «هناك 99 أميركيا يقتلون كل يوم ثلثاهم في حوادث انتحار والباقي جرائم قتل عنيفة».
وهذا الحديث قاد إلى حديث آخر عندما قال ردّا على أحد الأسئلة إن المشكلة «ليست في جوائز الأكاديمية. إنها في الطبقة التي تحرس نفسها عند قمم المؤسسات السينمائية.. هناك على مستوى رؤساء الاستوديوهات والمنتجين المنفّذين والإداريين في السينما والتلفزيون. هؤلاء هم الذين يقررون أي أفلام سيقومون بإنتاجها ومع من. لا يوجد تنوّع (عرقي) هناك، وهذا ما يترك تأثيره على الإنتاجات وهي ما على أعضاء الأكاديمية التصويت عليها».
برلين وأفغانستان
بينما كان «شي - راك» (العنوان مكون من كلمتي «شيكاغو» و«عراق» بما يُقصد به الحديث عن أن شيكاغو باتت أرض حرب) يثير – باستحقاق - إعجاب الإعلام الأوروبي المشارك، ويرى فيه، عن صواب، عودة الروح إلى أفلام المخرج سبايك لي بعد سنوات من الغزل بعيدا عن أفلامه السابقة ذات المضامين الاجتماعية. كانت أفلام المسابقة تحاول أن تشرئب بأعناقها كل يحاول البقاء حيّا حتى وقت التصويت الذي تقوم به لجنة تحكيم ترأسها ميريل ستريب.
لا ريب أن بعض الأفلام كانت جديدة الوقع على الممثلة الأميركية التي لم تمثل فيلما غير ناطق بالإنجليزية في حياتها، ولا شاهدت فيلما يمتد لثماني ساعات وبالأبيض والأسود من قبل. ربما تساءلت عن السبب الذي يحدو بالمهرجان لزرع فيلم بهذا الطول وسط الأعمال الأخرى التي، من حسن الحظ، بقيت ضمن المدّة المنطقية.
والحق معها في هذا التساؤل. فيلم «تهويدة للأحجية المؤسفة» Lullaby to the Sorrowful Mystery فيلم فلبيني حديث اسمه لاف داياز تقع أحداثه في القرن التاسع عشر أيام الاحتلال الإسباني والثورة التي قادها الفلبينيون ضده. لكن هذا ليس كل ما يقصد الفيلم توفيره بل يسعى، حسب ما يقوله المخرج، للبحث عن «دور الفرد في صنع التاريخ». نتمنّى الحظ السعيد لهذا البحث لأن تخصيص 8 ساعات منه في فيلم واحد قد يقضي على ما تبقى من حماس المشاهدين صوب باقي الأفلام المعروضة.
في المسابقة أيضا، تم عرض فيلم ألماني - فرنسي مشترك عنوانه «أنا نيرو» للمخرج الإيراني المهاجر رافي (أو رافع) بيتس، وهو ‫الأول له منذ 2011 عندما أخرج «60 ثانية من الوحدة في العام صفر».
مقسّم عمليا إلى ثلاثة أقسام. الأول عن الشاب اللاتيني نيرو الذي تحقق معه شرطة الحدود الأميركية بعدما تم القبض عليها متسللا. هو يدّعي أنه أميركي لكن بغياب أوراق ثبوتية (لا يملكها) فإن الشرطة تعيده من حيث جاء لكنه يكرر التسلل. ينقله أميركي بسيارته إلى حدود مدينة لوس أنجليس حيث يبدأ القسم الثاني عندما يلتقطه رجال البوليس وهو يقصد بيت أخيه في منطقة «بيفرلي هيلز».
بيت أخيه ليس بيتا عاديا بل أشبه بقصر لأحد كبار الأثرياء. يفرح نيرو بمستوى الحياة لكنه يترك القصر ومن فيه بعدما أدرك أن أخاه لم ينجز الحلم الأميركي المادي إلا عبر صفقات مشبوهة. القسم الثالث يبدأ في أفغانستان. هو الآن جندي أميركي بهدف الحصول على الجنسية حين تنتهي خدمته. يتعرّض وثلة من الجنود لهجوم طالباني وينجو وحده لكن الجيش الأميركي يلتقطه على الطريق ويشتبه به. المفاد هو أن لون بشرته سيحول دوما بينه وبين الحياة الأميركية التي ينشد. الطريق وعر بين كل قسم وآخر، وبعض مطارح الفيلم ساذجة وغير مقنعة (تركه قصر أخيه ليس مبررا فعلا) وبما أن النيّـات لا تصنع فيلما جيّدا بمفردها فإن «اسمي نيرو» يبقى مشروعا أكبر من طاقة مخرجه على تناوله ومعالجته. بعض المشاهد متروكة بلا حل، مثل مشهد الرجل الأبيض الذي يبكي أمام الشرطة من دون سبب.‬
في برلين ذاتها تدور أحداث «وحيدا في برلين» الذي هو شيء من الأمم المتحدة فإنتاجه ألماني – فرنسي - بريطاني ومخرجه سويسري من أصول لاتينية وممثلوه الأساسيون بريطانيون، وباقي فريق العمل جاءوا من ربوع أوروبية مختلفة، بينما تقع الأحداث في برلين مطلع الأربعينات حول رجل وزوجته فوق الأربعين من العمر خسرا ولدهما الوحيد في الحرب الدائرة فطفق الأب (برندون غليسون) يكتب بطاقات تندد بالحرب وبهتلر والنازية يوزّعها بنفسه عبر وضعها عند أعتاب أبواب المساكن والمكاتب في برلين. زوجته (إيما تومسون) تساعده ولو أنها قلقة من اقتفاء الغاستابو والبوليس النازي واكتشاف أنهما من يقوم بتوزيع هذه البطاقات (وهو ما يحدث لاحقا بالفعل).
بركة سعودية
الفيلم مقتبس عن رواية لهانز فالادا تم وضعها بعد انتهاء الحرب وشهدت رواجا في الخمسينات ثم ماتت في الستينات، وإلى أن تم التنقيب عنها قبل سنوات قريبة. هذا لا يشكل أي أهمية تذكر على ما الذي يقع على الشاشة. الدراما المبثوثة كانت تستحق مخرجا أفضل يمنح العمل عمقا ليس محققا هنا. الشخصيات كارتونية حتى الجيدة منها والإنتاج محدود الميزانية، ولو أن مدير التصوير كريستوف بيوكومب ومصمم الإنتاج جان - فنسنت بوزوز أنجزا أفضل ما يمكن إنجازه في إطار التغلّـب على التفاصيل التاريخية المرئية.
خارج المسابقة، وفي قسم «فورام»، عرض المخرج السعودي محمود الصبّاغ فيلمه الكوميدي «بركة يقابل بركة» وضجّت القاعة الألمانية بالضحك طوال الوقت. وجد المخرج الخيط الصحيح (الذي تطلّب ترجمة ذكية للغة العربية لتوصيل الهدف والنكتة) لتحقيق عمله الروائي الطويل الأول.
إنها حكاية تقع في جدّة اليوم وتدور حول موظف البلدية الشاب بركة (هشام فقيه) الذي يلتقي في أحد الأيام بالمرأة التي يشعر معها بحب الارتباط (فاطمة البنوي). لكنه من طبقة غير ميسورة على عكسها فهي قادمة من عائلة توارثت المال والنجاح وتبنتها عندما كانت طفلة بعدما أخفق الزوجان في الإنجاب. اسمها أيضا بركة ولو أنها كانت تخفي اسمها هذا وتستبدله باسم «بيبي» الذي عرفت فيه. تعمل مع أمها في محل أزياء بينما يمضي بعض الوقت في التحضير لمسرحية «هاملت» التي، كما نرى في مشهد لاحق، سوف تلقى أمام صالة فارغة من الحضور.
مهارة المخرج هي في توفير كوميديا لا تبتعد عن غرض الترفيه لكنها تعلو به إلى الحد الكافي لعدم تغريبه عن واقعه أيضا. في غمار ذلك يرسل سهاما اجتماعية يريد عبرها الإشارة إلى أن التقدّم الاجتماعي لن يتم بمواصلة العمل بكل المتوارث من السلوكيات والعادات الاجتماعية، بل عليه أن يخرج قليلا، وعلى مستوى نوعي، من عقاله وقيوده.
عرض الفيلم، على عكس المسرحية التي فيه، جاء أمام قاعة كاملة العدد، والتصفيق في النهاية كان حارا وتكرر عندما اعتلى المخرج السعودي المنصّة للحديث إلى الجمهور بعض العرض والإجابة عن أسئلته.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.