رئيس المفوضية الأوروبية يرفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

كاميرون يجري محادثات حاسمة في بروكسل لبحث مطلب لندن

رئيس المفوضية الأوروبية يرفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
TT

رئيس المفوضية الأوروبية يرفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

رئيس المفوضية الأوروبية يرفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

مع اقتراب موعد قمة دول الاتحاد الـ28 في بروكسل، بدأ رئيس الوزراء البريطاني محادثات مع البرلمان الأوروبي منذ أول من أمس، في مسعى لكسب التأييد لاتفاق يمكن بلاده من البقاء عضوا في الاتحاد الأوروبي. ورفض رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس أي خروج لبريطانيا من الاتحاد بمناسبة زيارة خاطفة لكاميرون إلى بروكسل قبل قمة حاسمة غدا لبحث مطالب لندن بإصلاح الاتحاد.
وصرح يونكر: «لا نملك خطة بديلة، بل نملك خطة رئيسية. بريطانيا العظمى ستبقى في الاتحاد الأوروبي وستكون عضوا بناء وفاعلا فيه»، بينما من المقرر أن يستقبل كاميرون ظهرا في العاصمة البلجيكية. وأوضح رئيس المفوضية التي تلعب دور الوسيط في المفاوضات: «إن قلت إننا نملك خطة بديلة، فسيوحي ذلك بوجود إرادة لدى المفوضية بالتفكير الجدي في إمكانية مغادرة بريطانيا العظمى الاتحاد الأوروبي. لذلك لن أخوض في تفاصيل خطة بديلة».
ويسعى رئيس الوزراء البريطاني إلى انتزاع تسوية في قمة دول الاتحاد الـ28 غدا في بروكسل، تجيز له إجراء استفتاء وعد مواطنيه به على بقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي وينطوي على مجازفة كبيرة، اعتبارا من يونيو (حزيران) المقبل.
وأكد المتحدث باسم حزب العمال البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب رئيس حملة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، آلان جونسون، فإن دور بريطانيا يتعزز في جميع أنحاء العالم بشكل كبير من قبل عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يقودنا في قطاع العمل والاستثمار ويجعل بريطانيا أقوى»، وتابع: «من الواضح أن بريطانيا هي أفضل داخل أوروبا من خلال الاستجابة لروسيا، والتفاوض على صفقة برنامج النووي الإيراني، ومكافحة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط أو تفاوض بشأن الاتفاقات التجارية»، وأضاف أن «مغادرة الاتحاد الأوروبي ستؤدي إلى فقدان النفوذ الدولية لبريطانيا وأوروبا، لا يوجد شيء وطني حول تناقص بريطانيا على الساحة العالمية».
وطرح رئيس مجلس أوروبا دونالد توسك مسودة اتفاق لتلبية مطالب بريطانيا وتجنب خروجها من الاتحاد في الثاني من فبراير (شباط) الحالي، لكن هناك مواضيع حساسة عدة لا تزال عالقة مثل الهجرة والسيادة السياسية مرورا بالحوكمة الاقتصادية.
وصرحت مديرة المجموعة المؤيدة للانفصال البريطاني من الاتحاد، جين إيدي لـ«الشرق الأوسط» أن «الحملة تتوقع أن يعلن كاميرون عن صفقة ناجحة بعد قمة بروكسل، وسيعود مع صفقة مثل مسودة توسك لتلبية مطالب بريطانيا وتجنب خروجها من الاتحاد»، وأضافت: «ولكن أي صفقة سيتفق عليها كاميرون لن تكون كافيا بالنسبة إلى بريطانيا، ومن الأفضل أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في أسرع وقت».
ومن جانب آخر، ضاعف توسك أول من أمس الضغوط وسط جولة على العواصم الأوروبية لتقريب المواقف، محذرا من بوخارست من أن خطر تفكك الاتحاد الأوروبي «فعلي، لأن هذه العملية هشة للغاية»، وقد تضع «مستقبل الاتحاد الأوروبي على المحك». والتقى المسؤول الأوروبي أمس رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس وسيلتقي نظيره التشيكي بوهوسلاف سوبوتكا والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. أما كاميرون فقام مساء أول من أمس بزيارة مفاجئة إلى باريس أملا في كسر تردد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يرفض بشكل قاطع منح الدول التي لم تعتمد اليورو، إمكانية عرقلة قرار لدول منطقة اليورو الـ19. واختصر كاميرون في بروكسل برنامجه المقرر في البرلمان الأوروبي فألغى لقاء مع جميع رؤساء الأحزاب السياسية.
ويرى برلمانيون أن رئيس الوزراء البريطاني المحافظ يبالغ في طرح المطالب مقابل مجرد الوعد بخوض حملة لتأييد بقاء بلاده في الاتحاد في الاستفتاء، بينما يندد آخرون على غرار البريطاني الرافض لأوروبا نايجل فاراج بأي تنازل لصالح الاتحاد.
ومن جانبه، صرح نايجل فاراج رئيس حزب «يوكيب» المناهض للهجرة أن كاميرون «لم يطلب كثيرا، أليس كذلك؟ كما أنه يحصل على مقابل قليل جدا. هو لا يريد للشعب البريطاني أن يدرك أن هذا الاتفاق المزعوم يمكن صده بفيتو من هذا البرلمان بالذات».
غير أن رئيس البرلمان الأوروبي الألماني مارتن شولتز رفض هذه الانتقادات، مشيرا إلى أن أي تعديل تشريعي سيخضع بالفعل لتصويت المجلس، مضيفا أن «البرلمان الأوروبي لا يملك حق نقض، أرفض هذا الخطاب». وتابع أن «الاتحاد الأوروبي لم يشهد قط وضعا دراميا على ما يجري هذا الأسبوع»، محذرا من عواقب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الذي تهزه أزمة هجرة غير مسبوقة.
إضافة إلى شولتز التقى كاميرون ثلاثة نواب أوروبيين مشاركين في مساومات اللحظة الأخيرة، كما أجرى لقاءات مغلقة مع رئيسي الكتلتين الرئيسيتين في البرلمان الأوروبي، الحزب الشعبي الأوروبي (يمين الوسط) مانفرد ويبر والاشتراكي جاني بيتيلا.



باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)
بوتين مجتمعاً مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع في الكرملين (أرشيفية - إ.ب.أ)

في خطوة مثيرة للجدل خلال فترته الانتقالية، كثَّف الرئيس الأميركي جو بايدن دعم بلاده لأوكرانيا من خلال الموافقة على نشر مقاولين عسكريين ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد والسماح باستخدام صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لشن ضربات داخل روسيا. وتستهدف هذه الإجراءات تعزيز دفاعات أوكرانيا قبل تولي خليفة بايدن الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة، إلا أنها تخاطر بالتعرض لانتقادات دولية، خصوصاً إذا فشلت الصواريخ الغربية. فقد ردت روسيا باختبار صاروخ «أوريشنيك» الذي تفوق سرعته سرعة الصوت؛ ليؤكد بذلك قوته مع تجنب تصعيد أوسع نطاقاً.

«أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية، قالت الدكتورة آنا ماتفيفا، الباحثة الزائرة بمعهد روسيا، التابع لكلية كينغز كوليدج لندن، ومؤلفة كتاب «خلال أوقات المتاعب»، إن الرئيس جو بايدن لم يلتزم الحذر وقرر استغلال الفترة الانتقالية لزيادة مخاطر الحرب في أوكرانيا. فقد سمح بانتشار المقاولين العسكريين الأميركيين داخل أوكرانيا ونقل ألغامٍ مضادة للأفراد إلى أوكرانيا. ولا تعدّ هذه الخطوة الأخيرة عملاً غير قانوني؛ نظراً لأن الولايات المتحدة لم توقّع مطلقاً على اتفاقية أوتاوا، إلا أنها تظل موضع شك من الناحية الأخلاقية. وبشكل عام، فإن الرغبة في تعظيم دعم أميركا لحليفتها واضحة لكي تتمكن أوكرانيا من الصمود لفترة بعد انتهاء ولاية بايدن في البيت الأبيض. ومن المتوقع أن يتم تقديم المزيد من الدعم.

فلاديمير بوتين يصافح دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)

ومن الناحية العسكرية، من غير المرجح أن تغير صواريخ «أتاكمز» وصواريخ «ستورم شادو» البريطانية الصنع الأوضاع في أوكرانيا، حيث إن الجيش الروسي على دراية بها من المعارك التي خاضها من قبل، ومن المتوقع أن تكون روسيا قد أبعدت أصولها القيّمة من المدى الذي تصل إليه هذه الصواريخ. ولا تمتلك أوكرانيا مخزونات كبيرة من الصواريخ، وتكمن أولويتها في الدفاع عن أراضيها بدلاً من الاحتفاظ بموطئ قدم في منطقة كورسك الروسية إلى أجل غير مسمى.

وترى الدكتورة ماتفيفا، التي عملت لدى الأمم المتحدة وعاشت في آسيا الوسطى بصفتها المستشارة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعني بالسلام والتنمية، أنه إذا حدث خطأ في الملاحة وتسبب في سقوط صاروخ غربي على روضة أطفال روسية، فسيضيف هذا إلى تضرر سمعة الغرب على الصعيد الدولي.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر الواضح هو أن بايدن عازم على ترك إرث معقد في السياسة الخارجية لخليفته قدر الإمكان وعرقلة طموحات ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وظهر الانطباع بأنه يحاول استفزاز روسيا للقيام برد فعل متهور، يجعل مفاوضات السلام مع بوتين صعبة للغاية، حتى بالنسبة لترمب. ولا يستند نهج الرئيس القادم إزاء الصراع إلى هزيمة روسيا، لكنه قد لا يكون قادراً على تحمُّل تصعيد خطير. وهذا ما تردد أن ترمب حذر بوتين من القيام به.

وهكذا، فإن الضربات التي وافقت عليها الولايات المتحدة على منطقتي كورسك وبريانسك الروسيتين يومي 19 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) وضعت موسكو أمام معضلة: إما الرد بقوة والتخلي عن آمال السلام أو ابتلاع كبريائها والانتظار لمدة شهرين حتى تنصيب ترمب. ونظراً لأن بوتين يحقق النجاح لأنه يفعل ما يقول، فإنه لا يمكن أن يترك ضربة تمر دون أن يرد عليها ـ وإلا فإن صورة القوة الروسية ستتضرر وستفقد تهديداتها للغرب مصداقيتها. وكان يتعين على بوتين أن يتحرك، على الأقل بدافع احترام الذات.

خبراء أوكرانيون يعاينون بقايا صاروخ روسي الاثنين في خاركيف (إ.ب.أ)

وقالت ماتفيفا إن موسكو اختارت الرد في ساحة المعركة الحالية بدلاً من مهاجمة مصالح غربية في مختلف أنحاء العالم. وقد حققت روسيا هذا الغرض من خلال إطلاق الصاروخ «أوريشنيك» الباليستي متوسط المدى الذي تفوق سرعته سرعة الصوت ومن دون رأس حربية نووية على أوكرانيا المدمرة بالكامل. فقد أظهر هذا الهجوم قوة روسيا دون أن يتسبب في ضرر جسيم. وأظهرت روسيا أن لديها سلاحاً، كشفت عنه في السابق، وأنها مستعدة لاستخدامه.

وقد كانت عملية إطلاق الصاروخ تجربة مذهلة وناجحة وإن كانت محفوفة بالمخاطر. فقد نجح الصاروخ في اختبار ظروف القتال ووصل إلى هدفه وهو منشأة «يوجماش» الأوكرانية للإنتاج العسكري في دنيبرو دون أن يتم اعتراضه.

وأشارت ماتفيفا إلى أن الأمر المشجع هو أن نظام التحذير الروسي - الأميركي أثبت نجاحه، فقد أصدر المركز الروسي للحد من الخطر النووي إشارة إخطار مسبق إلى نظيره الأميركي قبل ثلاثين دقيقة من الإطلاق لكي يعرف نظام تتبع الصواريخ الأميركي أن هذا الإطلاق لم يكن نووياً.

وحذَّر بوتين الذي اكتسب جرأة من أنه يمكن أن يكون هناك المزيد من تجارب إطلاق الصواريخ؛ وذلك بناءً على الطريقة التي سيتصرف بها الغرب، في إشارة واضحة إلى دعوات بعض السياسيين الأوروبيين لإرسال قواتهم إلى أوكرانيا.

واختتمت ماتفيفا تحليلها بالقول إن هذه الأحداث أظهرت أن انتقال السلطة في الولايات المتحدة يمثل فترة غير مستقرة للغاية قد تشهد تصعيداً كبيراً. ويبدو أن الضمانة الرئيسة ضد اندلاع حرب كبرى هي وجود العقل في موسكو وليس الحكمة الصادرة من واشنطن. فهل مات فن الدبلوماسية الدفاعية في الغرب؟ لقد زاد الطلب عليه الآن.