رئيس الحكومة المغربية يبدأ مشاورات مع الأحزاب بشأن الانتخابات التشريعية

تواصل الجدل بشأن اتهامات مزوار لـ«العدالة والتنمية» بـ«الهيمنة والتفرقة»

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران
TT

رئيس الحكومة المغربية يبدأ مشاورات مع الأحزاب بشأن الانتخابات التشريعية

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران

يعقد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية اليوم (الثلاثاء) اجتماعا مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية المغربية، لمناقشة استعدادات التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والتشاور بشأن التعديلات المقترحة من قبل وزارة الداخلية على القوانين الانتخابية، منها إلغاء اللائحة الوطنية المخصصة للشباب، ومراجعة سجلات الناخبين، وتقطيع الدوائر الانتخابية.
في غضون ذلك، تواصلت أمس ردود الفعل بشأن الهجوم الذي شنه صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الحكومة، على حزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي، وهو الهجوم الذي جاء على بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في السابع من أكتوبر المقبل.
وتوقف محللون عند الأسباب التي دفعت مزوار، الذي يشغل منصب وزير الخارجية، لإطلاق تصريحات نارية ضد حليف رئيسي، ويتهمه بـ«الهيمنة» و«تقسيم الساحة السياسية المغربية إلى حلفاء وأعداء»، وبث التفرقة المؤدية إلى الفتنة.
ولم يصدر أمس أي موقف رسمي من حزب العدالة والتنمية للرد على تصريحات مزوار، ورجح البعض أن يتريث الحزب في الرد على لسان أمينه العام عبد الإله ابن كيران، الذي تنازل كثيرا في الأشهر الماضية واستوعب ضربات حلفائه، حفاظا على تماسك أغلبيته الحكومية الهشة حتى لا ينفرط عقدها قبل انتهاء عمر الولاية التشريعية الحالية.
وبدأ الخلاف بين الحزبين بشكل علني عندما رفض «التجمع» الالتزام بالتصويت لفائدة مرشحي أحزاب الغالبية في انتخاب رؤساء الجهات، حيث ردد مزوار أكثر من مرة أن حزبه منفتح على جميع الأحزاب بما فيها المعارضة، وهو ما ظهر بتصويته على مرشحي حزب الأصالة والمعاصرة تحديدا في تلك الانتخابات شأنه في ذلك شأن حزب الحركة الشعبية، فيما بقي حزب التقدم والاشتراكية الحليف الوحيد الذي ظل «وفيا» بالتزاماته، ومساندا لحزب العدالة والتنمية مقابل «خيانة» الحلفاء الآخرين، وهو الوصف الذي كان قد تردد في سياق النتائج التي أفرزتها انتخابات رؤساء الجهات، وانتخاب رئيس مجلس المستشارين. إلا أن مزوار أعاد توظيف تداعيات الانتخابات في تصريحاته ضد «العدالة والتنمية»، وقال: إنه «لأول مرة في الحراك السياسي ببلادنا نسمع عن شيء اسمه الخيانة».
وذهب بعض المحللين إلى أن تصريحات مزوار مقدمة لإعلان انسحابه من الحكومة، فيما رأى آخرون أن ذلك يبقى مستبعدا جدا، بل إن مزوار نفسه أكد في تصريحاته أمام المجلس الوطني للحزب أن «الالتزام بالعمل الحكومي ليس التزاما مع حزب أو أحزاب، بل هو التزام مع الوطن، والملك، والشعب، ومع مختلف الفئات الاجتماعية»، وإن كان قلل من أهمية الائتلاف الحكومي الذي يجمعه بـ«العدالة والتنمية»، ووصفه بأنه «مجرد ائتلاف وليس تحالفا يجمع أحزابا على مستوى الرؤى السياسية والاختيارات الآيديولوجية». كما دعا في المقابل إلى «التحلي بالحكمة، وتغليب المصلحة العليا لبلادنا على المصالح والحسابات السياسية الضيقة».
وربط البعض بين تصريحات مزوار ضد «العدالة والتنمية»، وتلك التي أطلقها إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، مباشرة عقب انتخابه، والتي قال فيها بأنه «جاء لمهاجمة الإسلاميين»، أي أن هناك بوادر تحالف مستقبلي بين الحزبين يهدف إلى محاصرة الإسلاميين، وقطع الطريق أمامهم لتصدر الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما شرع في تنفيذه، من خلال تصريحات مزوار، من وجهة نظرهم.
أما حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، والذي جرب الخروج من الحكومة وإعلان الحرب على «العدالة والتنمية»، فعبر عن موقف رصين هذه المرة، وقال: إن حزبه «لا يريد أي تصدع داخل الحكومة في هذه المرحلة الحساسة، لأن المغرب مقبل على مرحلة انتخابية»، مشددا في تجمع حزبي عقده أول من أمس على «أن الخلاف يقع داخل الحكومة وهو أمر طبيعي، ولكن يجب أن يبقى ذلك بعيدا عن المزايدات والنزوات الذاتية، ومنطق التشويش على المواطنين»، داعيا الأمناء العامين لأحزاب الغالبية أن «يستحضروا مصلحة الشعب المغربي، لأن مثل هذه التصرفات تلهي المغاربة على المشاكل الحقيقية»، حسب تعبيره.



سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
TT

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

أعد فلسطينيون في شمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة، الخميس، قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين إلى مناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفي منطقة مفتوحة محيطة ببنايات تم تفجيرها، بدأت مجموعة من الرجال في نصب خيام بيضاء في صفوف لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال يوم السبت عندما تفرج حركة «حماس» عن المجموعة الثانية من الرهائن مقابل إطلاق سراح العشرات من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ومن المتوقع أن يعود مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة إلى منازل تحولت أطلالاً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً وحولت أغلب القطاع أنقاضاً وقتلت أكثر من 47 ألفاً من سكانه.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عادت القوات الإسرائيلية برياً إلى مناطق في الشمال في عملية كبرى ضد عناصر «حماس» ركزت على مخيم جباليا للاجئين قرب مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا، وأخلت مناطق كاملة من سكانها وهدمت أغلب البنايات.

تساءل وائل جندية وهو يجهز خيمة لأبنائه الذين سيعودون من منطقة المواصي الساحلية التي لجأوا إليها في الجنوب كيف ستكفيهم مساحات تلك الخيام «هاي الخيمة اللي بنحلم فيها؟ هتكفي 8 أنفار 10 أنفار. هذا لولادنا من الجنوب... هاي مساحة هادي؟»

وتابع قائلاً لـ«رويترز»: «المفروض مساحة أكبر من هيك... طب يوم السبت هييجوا من الجنوب هيغمروا غزة كلها. وين هيروحوا؟ هذا المخيم كام نفر بده ياخد؟ ميه متين؟ طب والباقي. مليون ونص إحنا جايين من الجنوب».

الخيام الجديدة تحيطها الأبنية المدمَّرة جراء الحرب (رويترز)

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة «حماس» الحدود في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ونشرت «حماس» بياناً، الخميس، تقول إن عودة الأسر النازحة ستبدأ بعد استكمال التبادل يوم السبت وبمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية من الطريق الساحلية إلى الشمال، ومن المتوقع تسليم أربعة رهائن على الأقل لإسرائيل يوم السبت.

وجاء في بيان «حماس»: «من المقرر في اليوم السابع للاتفاق (25 يناير/كانون الثاني 2025) وبعد انتهاء عملية تبادل الأسرى يومها، وإتمام الاحتلال انسحابه من محور شارع الرشيد (البحر)... سيُسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمال دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد، مع حرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله».

وأضاف البيان: «سيتم السماح للمركبات (على اختلاف أنواعها) بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحص المركبات».

العودة سيراً على الأقدام

قالت «حماس» إنها ستسمح للناس بالعودة سيراً على الأقدام على طول الطريق الساحلية؛ وهو ما يعني المشي لكيلومترات عدة حتى المنطقة الرسمية في الشمال من حيث يمكنهم محاولة استقلال مركبات سيتم تفتيشها عند نقاط التفتيش.

وشددت الحركة على عدم حمل العائدين أسلحة.

وذكر سامي أبو زهري القيادي الكبير في «حماس» أن الحركة على اتصال بأطراف عربية ودولية عدة للمساعدة في عملية العودة والإغاثة بطرق، من بينها توفير الخيام.

وأضاف أن «حماس» ستبدأ العمل فوراً على ترميم المنازل التي لم تدمر بالكامل.

وقال لـ«رويترز»: «سنقوم بتوظيف كل إمكاناتنا من أجل مساعدة أهلنا، البلديات لديها خطة معدّة لاستقبال العائلات العائدة إلى الشمال وتوفير خيام لهم».

وعاد كثيرون للعيش داخل منازلهم المدمرة في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في قطاع غزة الذي كان محط تركيز الحملة الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الماضية، وأشعلوا نيراناً محدودة في محاولة لتدفئة أطفالهم.

وقال محمد بدر، وهو أب لعشرة أطفال: «بيقولك هدنة ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات، هاي إلنا تالت يوم مروحين، الماي (المياه) مش لاقيين نشربها، ولا (أغطية) لاقين نتغطى فيه إحنا وأطفالنا، طول الليل نتناوب على أي اشي، على النار، والنار يا ريت عندنا حطب، بنولع بلاستيك، قتلنا خلى معانا أمراض».

وقالت زوجته إنها لا تستطيع أن تصدق حجم الدمار.

وأضافت: «اتصدمت، ولا في دار واحد، كله ردم، مفيش ولا حاجة، الشوارع ما تعرفش تمرق (تسير) منها، كله فوق بعضه، أصلاً انت بتوه هايدي داري ولا مش داري؟ وريحة الجتت والشهداء في الشوارع».