العاهل المغربي يبدأ اليوم زيارة عمل وصداقة لفرنسا

أشرف أمس في سلا على إعطاء انطلاقة الحملة الوطنية للتضامن 2016

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس
TT

العاهل المغربي يبدأ اليوم زيارة عمل وصداقة لفرنسا

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس

أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة المغربية أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيقوم اليوم الثلاثاء بزيارة عمل وصداقة إلى فرنسا.
وقال بيان صدر أمس عن وزارة القصور الملكية والتشريفات إن الملك محمد السادس سيجري بقصر الإليزيه، محادثات مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وأضاف البيان أن العاهل المغربي سيقوم خلال وجوده في باريس بزيارة لمعهد العالم العربي، حيث سيقدم له مشروع المركز الثقافي المغربي، الذي سيتم تشييده مستقبلا بالعاصمة الفرنسية.
وخلال زيارته، سيزور الملك محمد السادس أيضًا قنصلية المملكة، للاطلاع على الإجراءات التي تم اتخاذها تفعيلا للتعليمات الملكية، التي صدرت في خطاب عيد الجلوس الماضي، بهدف تحسين الخدمات القنصلية المقدمة للمغاربة المقيمين بالخارج.
وأشار البيان إلى أن هذه الزيارة تعكس عمق وجودة العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لتوطيد الروابط متعددة الأبعاد التي تجمع البلدين. كما تندرج في إطار اللقاءات المتواصلة على أعلى مستوى، وتبادل الزيارات المنتظمة بين قائدي البلدين.
من جهة أخرى، أشرف الملك محمد السادس، أمس بمدينة سلا، على إعطاء انطلاقة الحملة الوطنية للتضامن 2016، التي تعد مبادرة ملكية تجسد الحرص الموصول للملك محمد السادس على بلورة القيم الإنسانية والحضارية والدينية النبيلة للمملكة.
وتنظم ما بين 15 و25 فبراير (شباط) الحالي من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وذلك تحت شعار: «لنتحد ضد الحاجة».
وتشكل هذه الحملة فرصة سانحة لكل المغاربة من أجل تجديد تمسكهم بقيم المواطنة والتضامن، وذلك عبر مساهمتهم في الأنشطة والمشاريع المنفذة والمزمع تنفيذها من طرف المؤسسة لفائدة آلاف الأشخاص المعوزين أو في وضعية هشاشة بمختلف جهات البلاد.
وتتوخى الحملة الوطنية للتضامن جمع التبرعات بغرض تمويل مشاريع اجتماعية وتنفيذ برامج العمل التي ما فتئت تتطور على مر السنين، سعيًا إلى الاستجابة لحاجات الساكنة المستهدفة.
وتخصص مؤسسة محمد الخامس للتضامن مواردها، حسب الأهمية، لمشاريع تسيرها الجمعيات أو مباشرة للأشخاص، بمن في ذلك المحتاجين وفئات من السكان في وضعية هشاشة. كما توجه المؤسسة مواردها لتمويل مشاريع للتكوين والتأهيل والإدماج الاجتماعي - المهني للسكان المستهدفين (الشباب، النساء، الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة)، وعمليتي استقبال المغاربة المقيمين بالخارج (مرحبا) والدعم الغذائي الممنوح للأشخاص المعوزين خلال شهر رمضان، فضلا عن مشاريع للتنمية المستدامة وأنشطة إنسانية ذات صبغة وطنية ودولية.
وتنظم الحملة الوطنية للتضامن في نسختها الـ18 حول موضوع «الإدماج المهني للأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية»، وهي الفئة المجتمعية التي يوليها الملك اهتماما خاصا، انطلاقا من عزمه على ضمان تكافؤ الفرص للجميع.
وتجسدت العناية الملكية بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مرة أخرى أمس من خلال إشراف العاهل المغربي على تدشين مركز الإدماج والمساعدة بالتشغيل بسلا، المنجز من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستثمار إجمالي قدره 36.5 مليون درهم (3.6 مليون دولار)
ويمنح المركز الجديد، الأول من نوعه على مستوى المملكة المغربية، إجابة متفردة لإشكالية الإقصاء الاجتماعي - المهني للشباب في وضعية إعاقة من سوق الشغل، وذلك من خلال وضع الأشخاص المستهدفين في وضعية تحاكي وضعية التشغيل الفعلية داخل المقاولة وتمكينهم بالتالي من اندماج واستقلالية اجتماعية ملائمة.
ومن ثم تمكن هذه المؤسسة المرجعية التابعة للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بسلا، الشباب ذوي الإعاقة الذهنية، الذين يمتلكون كفاءات مهنية تم اكتسابها عبر تكوين مؤهل، من مزاولة مهن مختلفة. وقد تم وضع عدد من ورشات العمل ووحدات الإنتاج والخدمات، رهن إشارة الأشخاص المستهدفين، لا سيما وحدات في الإنتاج الفلاحي والبستنة، وخدمات المطعمة والخبازة وإعداد الحلويات وورشة لتركيب الكراسي المتحركة لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية.
وولج واحد وأربعون شابا وشابة (14 من ذوي التثلث الصبغي و27 من ذوي الإعاقة الذهنية) مركز الإدماج والمساعدة بالتشغيل، وذلك برسم السنة الأولى لانطلاقه. وستصل طاقة استقبال المركز وملحقاته إلى 150 من الشباب العاملين. ويمارس هؤلاء الشباب أحد الأنشطة التي يوفرها المركز، ويتقاضون مقابل ذلك راتبا إلى جانب حقوقهم الاجتماعية والضمان الاجتماعي والتقاعد، وذلك في إطار عقد عمل يربط الشاب في وضعية إعاقة ذهنية وأبويه أو أولياءه والمركز.
ويحفز مركز الإدماج والمساعدة بالتشغيل بسلا، الذي يعد ثمرة شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ووزارة الداخلية، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، والقرض الفلاحي بالمغرب، والبنك المركزي الشعبي، تنمية الهوية المهنية للأشخاص المستفيدين، وكذا استقلاليتهم المادية، وثقتهم في أنفسهم، واعترافهم بالآخر، باعتبارها أسس المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية.
وجال العاهل المغربي عبر مختلف فضاءات المؤسسة الجديدة، قبل أن يشرف على توزيع مفاتيح 12 حافلة نقل صغيرة لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة، هبة من مؤسسة محمد الخامس للتضامن لفائدة رؤساء الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بكل من مدن وجدة، وتيفلت، والرباط، وفاس، ومراكش، وأزيلال، والصويرة، وآسفي، وإنزكان - آيت ملول، وطاطا، وتنغير.
إثر ذلك، قام الملك محمد السادس بتسليم الشهادات لاثني عشر خريجا من قطب التكوين المهني بالمركز الوطني محمد السادس للمعاقين (دفعة 2015).



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.