العراق يغلي بين التغيير أو التعديل الحكومي والإطاحة بسياسة العبادي

علاوي لـ«الشرق الأوسط»: تشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء انتخابات مبكرة لمنع التدهور الحالي

حيدر العبادي - إياد علاوي
حيدر العبادي - إياد علاوي
TT

العراق يغلي بين التغيير أو التعديل الحكومي والإطاحة بسياسة العبادي

حيدر العبادي - إياد علاوي
حيدر العبادي - إياد علاوي

يبدو أن الشارع العراقي غير منشغل كثيرا بالحراك الحاصل في الحكومة والكتل السياسية حول الحديث عن التغيير أو التعديل الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي دون الخوض في التفاصيل، ويأتي عدم الاهتمام هذا إلى أن «العراقيين لم يعودوا يثقون بالحكومة ولا بوعود العبادي الإصلاحية».
وأكدت ناشطة مدنية فضلت عدم نشر اسمها، قائلة لـ«الشرق الأوسط» بأن «وعود وحزم العبادي لم تحقق من مطالبنا نحن المتظاهرين أي شيء ولم نقبض سوى هواء في شبك»، معلقة على الاجتماعات والتصريحات للكتل السياسية بأنهم «في وادٍ والشعب في واد آخر».
المراقب لما يجري ببغداد من أحداث سياسية عن قرب سيكتشف بالفعل أن ما يجري داخل غرف الاجتماعات المغلقة للكتل السياسية وتصريحات العبادي، وما يطالب به المتظاهرون منذ أكثر من ستة أشهر بأن الحكومة وهذه الكتل لم تقترب من الحد الأدنى لمطالب العراقيين، والدليل الانقسامات والاختلافات في تصريحات هذه الكتل التي يطالب بعضها بتغيير جذري للحكومة، بما فيهم رئيس الوزراء.
بينما يريد البعض تعديلا حكوميا محدودا أن يتم التعويض من الكتل السياسية ذاتها. باستثناء إياد علاوي، رئيس ائتلاف الوطنية، والأمين العام لحركة الوفاق الوطني الذي طالب «بتغيير مسار العملية السياسية برمتها ورسم خريطة طريق جديدة لهذه العملية».
وقال علاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس بأن «العبادي طرح موضوع تشكيل حكومة تكنوقراط، ونحن نسأل عن الحكومة الحالية التي وصفها عند تشكيله لها بأنها حكومة تكنوقراط»، وأضاف: «فالأخ عادل عبد المهدي من المجلس الأعلى الإسلامي، رجل أكاديمي متخصص في الاقتصاد، ووزيرة الصحة، طبيبة، ووزير الصناعة، كلاهما من التيار الصدري، مهندس، بل إن رئيس مجلس الوزراء دكتوراه في الهندسة، وهذا ينطبق على غالبية من الوزراء».
وأشار علاوي إلى أنه «لكن المشكلة ليس في الوزراء أو أن تكون الحكومة مهنية أو لا بل في المحاصصة الطائفية والحزبية وعدم تكافؤ الفرص وإهمال بناء دولة مؤسسات مدنية قائمة على احترام جميع العراقيين بكل قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم»، وتابع علاوي: «نحن لا نريد حلولا ترقيعية، تغيير هذا الوزير أو ذاك بل تغيير مسار العملية السياسية برمتها، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لفترة محدودة، عام أو أكثر تهيئ لإجراء انتخابات مبكرة تنقذ البلد من أزماته الأمنية والاقتصادية لا سيما أن تنظيم داعش يحتل مساحات واسعة من العراق».
من جهتها أكدت انتصار علاوي، المستشارة الإعلامية لعلاوي وعضوة حركة الوفاق الوطني وائتلاف الوطنية أن «حركتنا وائتلاف الوطنية يطالب بتغيير جذري للعملية السياسية لتشكيل دولة المواطن التي تقوم على أساس العدل والمساواة وتحترم حقوق جميع العراقيين»، مشيرة إلى أن «لقاءات تمت بين الدكتور إياد علاوي وعمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، وممثلين عن بقية الكتل السياسية للتنسيق والعمل من أجل إنقاذ العراق من وضعه الراهن»، كاشفة عن أن «شخصيات سياسية وعشائرية ودينية رشحت علاوي لإنقاذ العراق باعتباره الشخصية الوطنية التي لم تحد عن مبادئها وبرنامجه الوطني المعارض للمحاصصة والعمل من أجل بناء دولة مدنية تحترم كل العراقيين».
وطالب حميد معلة، المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى الإسلامي بأن «يشمل أي تغيير أو تعديل وزاري، العبادي ذاته باعتباره رئيسا للحكومة والمسؤول عن الإخفاقات التي حدثت فيها». وقال سامي الجيزاني من المجلس الأعلى الإسلامي وعضو كتلة المواطن التابعة للمجلس لـ«الشرق الأوسط» ببغداد: «بضرورة إجراء تقييم لعمل كل الوزارات بما فيهم رئيس الوزراء قبل إجراء أي تغيير أو تعديل حكومي»، مشيرا إلى أن «الأمر يجب أن يتعدى التصريحات الإعلامية مثلما صار الحديث سابقا عن حزم الإصلاحات التي لم يتحقق منها ما هو لصالح المواطنين»، وتابع أن «المجلس ليس لديه خطوط حمراء في تغيير أي وزير حتى لو كان من كتلتنا فنحن لم يكن لنا في حكومة نوري المالكي السابقة أي موظف في الحكومة، وما يهمنا هو مصلحة البلد والعراقيين».
وقال الجيزاني «هل المشكلة في هذا الوزير أو ذاك أم في بنية العملية السياسية والوزارات ذاتها وأسلوب عملها، والحديث عن حكومة تكنوقراط يبدو غائما، فهل يستطيع الوزير المهني لوحده إجراء التغيير؟ يجب إجراء تقييم لعمل كل وزير بعيدا عن الحزبية والمحاصصات وليبدأ رئيس الوزراء بنفسه»، مضيفا أن «العبادي جاء إلى رئاسة الوزراء بناء على تحالفات، وهو مرشح التحالف الوطني، الكتلة الأكبر في البرلمان، وكان عليه أن يرجع في قراراته إلى التحالف والبرلمان قبل أن ينفرد بإجراء أي إصلاحات لم تؤدِ إلى نتائج وليس من الصحيح العبور على البرلمان واتخاذ قرارات انفرادية تواجه بعقبات دستورية».
وأضاف عضو المجلس الأعلى الإسلامي قائلا: «كنا نتمنى أن يتحول التحالف الوطني إلى عمل مؤسساتي بنظام داخلي وأمانة عامة وأن تكون قراراته لصالح التغيير وبما يصب في خدمة الناس لكن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي وضع، وما يزال يضع، العراقيل في عمل التحالف، فأي قرارات لا تصب باتجاه مصالحهم الحزبية لا يوافقون عليها ولا يحضرون الاجتماعات التي تناقش هذه القرارات»، وقال: إن «دولة القانون هم الجزء المعطل لعمل التحالف الوطني». وحول سيناريوهات التغيير الوزاري المطروحة، قال الجيزاني: «نحن في المجلس الأعلى الإسلامي ضد إجراء تغيير وزاري شامل في ظل الأوضاع الحرجة التي يمر بها العراق خاصة أن تغيير رئيس الوزراء يعني تغيير رئيسي الجمهورية والبرلمان، لهذا نحن مع الترميم والتعديل الوزاري على أن لا يتم ذلك وفق مصالح حزبية ضيقة».
وحذر الجيزاني من أن «الوقت أصبح ضيقا أمام العبادي للقيام بإجراء إصلاحات حقيقية خاصة أنه تمتع بدعم جماهيري وبرلماني ومن المرجعية ودعم عربي ودولي للقيام بإصلاحات جذرية وسيجد العبادي نفسه قريبا بلا غطاء من أي جهة إذا لم يتخذ خطوات عملية وفاعلة للمضي إلى الأمام».
من جهته قال السياسي العراقي المستقل إبراهيم الصميدعي لـ«الشرق الأوسط» ببغداد بأن «العبادي وبتكرار انفراده في اتخاذ الخطوات الإصلاحية المزعومة من دون العودة إلى التحالفات الحكومية التي أجمعت على إزاحة المالكي ووصول العبادي إلى رئاسة الوزراء يضيع الفرص على نفسه»، مشيرا إلى أن «هناك تحالفا سياسيا غير حزبي تكون من المجلس الأعلى وجزء من حزب الدعوة ودولة القانون والوطنية والأكراد والسنة وأجمع على إزاحة المالكي بعد انتخابات 2014. وكان على العبادي الرجوع إلى هذا التحالف ومناقشة موضوع الإصلاحات معهم للوصول إلى حدود معينة من الاتفاقات لتمشي هذه الإصلاحات في طريق التنفيذ».
وأضاف الصميدعي أن «عمار الحكيم وإياد علاوي ومقتدى الصدر عندهم مشاريع ومقترحات للإصلاح، وكان يفترض أن العبادي الرجوع إليهم والتنسيق معهم للوصول إلى اتفاق معين، لكن مبادرة العبادي الأخيرة جاءت منفردة ومفاجئة مما جعل المجلس يتخذ قراراته بوجوب تقييم عمل الحكومة بما فيهم رئيسها، والوطنية لإجراء تغيير كامل للحكومة، بينما منح التيار الصدري الحكومة مهلة 45 يوما لإجراء الإصلاحات أو الانسحاب منها»، مشيرا إلى أن «العبادي اليوم بلا غطاء سياسي لا من حزبه (الدعوة) ولا من قبل كتلته (دولة القانون) ولا من بقية الكتل السياسية وهذا سيؤدي بالتالي إلى الإطاحة بحكومته».
وحول دعوة العبادي لتشكيل حكومة تكنوقراط، قال السياسي العراقي المستقل بأن «وجود أي وزير تكنوقراط بلا دعم سياسي سيؤدي إلى فشله وخير دليل على ذلك هو مدحت المحمود القاضي المعروف بمهنيته سابقا لكن وجوده على رأس مجلس القضاء الأعلى بلا غطاء سياسي قوي أدى إلى فشل الدولة سياسيا واقتصاديا، ثم إن حكومة تكنوقراط بوجود تجاذبات وخلافات سياسية ووجود قوة مسلحة موازية بالتأكيد سيفشلها».



إنفوغراف... لبنان يشهد ثاني أكثر أيامه دموية إثر الحرب الإسرائيلية

شهد لبنان يوماً هو الأكثر دموية في تاريخه الحديث منذ الحرب الأهلية عام 1990 (د.ب.أ)
شهد لبنان يوماً هو الأكثر دموية في تاريخه الحديث منذ الحرب الأهلية عام 1990 (د.ب.أ)
TT

إنفوغراف... لبنان يشهد ثاني أكثر أيامه دموية إثر الحرب الإسرائيلية

شهد لبنان يوماً هو الأكثر دموية في تاريخه الحديث منذ الحرب الأهلية عام 1990 (د.ب.أ)
شهد لبنان يوماً هو الأكثر دموية في تاريخه الحديث منذ الحرب الأهلية عام 1990 (د.ب.أ)

شهد لبنان الاثنين الماضي يوماً هو الأكثر دموية في تاريخه الحديث منذ الحرب الأهلية عام 1990 بعدما وسعت إسرائيل غاراتها الجوية على الجنوب، وسقط ما يزيد عن 558 قتيلاً، بينهم 90 امرأة و50 طفلاً، بحسب بيانات وزارة الصحة اللبنانية.

وبمقارنة إحصاءات وزارة الصحة اللبنانية ببيانات برنامج «أوبسالا» المختص برصد ضحايا النزاعات المسلحة عالمياً، تبين أن الاثنين 23 سبتمبر (أيلول) الماضي كان ثاني أكثر الأيام دموية في تاريخ لبنان على الإطلاق، ولم يسبقه سوى 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990 حينما سقط 700 قتيل إبان فترة الحرب الأهلية.

وتظهر الأرقام ضراوة الضربات الإسرائيلية؛ إذ تجاوزت يوم الاثنين أضعاف حصيلة القتلى في أكثر الأيام دموية في لبنان خلال حرب عام 2006 بين إسرائيل و«حزب الله»؛ إذ سقط يوم 7 أغسطس (آب) من ذلك العام 83 قتيلاً.

ويعد برنامج رصد ضحايا النزاعات المسلحة أحد أنشطة المراكز البحثية لجامعة «أوبسالا» السويدية.