بنك هندي للطعام يقدم خدماته للمرضى والفقراء والمعوزين

يمكّن الأغنياء من «إيداع» الخبز الطازج والأطباق النباتية

بعض المساهمين في البنك
بعض المساهمين في البنك
TT

بنك هندي للطعام يقدم خدماته للمرضى والفقراء والمعوزين

بعض المساهمين في البنك
بعض المساهمين في البنك

أمسك سليمان، 7 سنوات، بيد شقيقته الصغيرة سايرا، 5 سنوات، في طريقهما إلى أحد المصارف التي تقع في شارع مزدحم. وبعد وصولهما، صرخا الاثنان: «يا عمي، لو سمحت»، حيث عجزا عن الوصول إلى المنصة البالغ ارتفاعها ستة أقدام. وحينها سارع المتطوع المعني بالترحيب بالأطفال لتحيتهما بابتسامة وإعطائهما سلة صغيرة.
في الواقع، هذا ليس بنكا اعتياديا يمكن إيداع الأموال وسحبها منه، وإنما يعد هذا البنك الأول من نوعه على مستوى الهند بأكملها. أما المستفيدون من خدمات البنك هم المرضى من الفقراء والمعوزين وسكان الأزقة والحواري الفقيرة، بغض النظر عن ديانتهم.
داخل هذا البنك الفريد الواقع بولاية ماهاراشترا الواقعة غرب البلاد، يمكن للأفراد «إيداع» طعام، بينما يمكن للفقراء والمسنين والمرضى والعاطلين عن العمل والمحتاجين بوجه عام «سحب» نصيب محدد من خبز هندي طازج وطبق نباتي أو غير نباتي. إلا أنه لا يسمح باستقبال متسولين هنا.
بدأ البنك كفكرة طرأت على ذهن تاجر الأقمشة، يوسف موكاتي، 39 عامًا، العام الماضي ثم عكف على بلورتها بالتعاون مع زوجته، كوسير، وشقيقاته الأربع المتزوجات. وأخيرًا، أعلن عن «بنك روتي» بمشاركة 500 مودع وضعف هذا العدد من العملاء الذين يسحبون من ودائع المصرف.
وأوضح موكاتي أن: «الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها المصرف تتمثل في توجيه طلبات إلى الأسر الميسورة لتوفير بعض الطعام الخاص بالنباتيين وغير النباتيين المطهو بمنازلهم، بحيث يجري توزيعه لاحقًا على المحتاجين، الذين يمكنهم الحصول على الطعام بصورة تحفظ لهم كرامتهم من دون الاضطرار إلى التسول». وأضاف موكاتي، وهو رجل رغم بساطته يبدو قوي العزيمة، أنه يتولى إدارة المصرف وينفق على صيانته ما يعادل 500 دولار أميركي شهريًا.
من جانبها، اعتادت الصغيرة لاتا وشقيقها الأصغر التوقف أمام المصرف وجمع ثلاث سلال بعد انتهاء اليوم المدرسي. كان والدهما قد هجر والدتهما التي اضطرت للعمل في تنظيف المنازل، لكنها تعاني من اعتلال صحتها في الوقت الراهن.
وقالت لاتا، 14 عامًا بنبرة تنم عن الاعتداد بالنفس: «لا نحصل على الطعام من هنا كل يوم، وإنما فقط في الأيام التي يتمرض فيها والدتي. أما بمجرد أن تستعيد عافيتها وتستأنف عملها، نحصل على المال ونشتري طعاما لنا، ونأتي هنا لإيداع «روتي» (خبز هندي)».
من ناحيته، شرح موكاتي: «لفتح حساب في مصرف روتي، يتعين على المتبرع ملء استمارة والحصول على رقم شفري. وتهدف هذه الإجراءات الرسمية للتسجيل لضمان قواعد السلامة، بحيث إذا وقعت حالة تسمم يمكننا حينها تتبع المتبرع بسهولة عبر الرقم الشفري ومطالبته بإبداء اهتمام أكبر بجودة الطعام». أما القيمة المضافة فهي تلك الفرحة على وجوه المودعين ومن يسحبون من الودائع.
من جانبها، اعتادت زوجة فينود شاهو إعداد بعض الطعام كل صباح، بحيث يحمل زوجها جزءا منه إلى العمل معه، ويودع جزءا آخر في المصرف. وبالمثل، تعد ريهانا طعامًا إضافيًا بجانب ما يحمله أطفالها إلى المدرسة لإيداعه بالمصرف. وقد تقدمت بطلب إلى المصرف أشارت فيه إلى تفضيلها تقديم سلة الطعام التي تودعها بالمصرف إلى طفل جائع.
وبخلاف المتبرعين من الأفراد، يستفيد المصرف أيضًا من الفنادق والمطاعم الواقعة بالحي، والتي ترسل ما يتبقى لديها من طعام يوميًا. وهنا، تلعب وسائل النقل دورا كبيرا. على سبيل المثال، قال امتياز علي، صاحب سيارة «توك توك»: «في حفلات الزفاف والاحتفال يبدي المنظمون استعدادهم للتبرع بما تبقى من طعام، لكنهم لا يرغبون في تحمل مصاريف إضافية للنقل. وهنا، أقوم بدور في نقل الطعام إلى المصرف».
وعادة ما يجري تخزين الطعام الوارد في مبرد كبير. وكثيرًا ما تفوق كميات الطعام المساحات المتوافرة داخل المبرد. ومع ذلك، فإنه أحيانًا ما يحدث العكس تمامًا. عن هذا، قال موكاتي: «منذ بضعة أيام، لم يكن متبق لدينا سوى حزمتين فقط من الطعام، ولم تكن لدي أي فكرة عما يمكنني عمله إذا نفد الطعام. إلا أنه في غضون دقائق، تلقينا اتصالاً هاتفيًا من مطعم بعث لنا بطعام يكفي 80 شخصًا. في الحقيقة، في أي وقت نواجه مشكلة يمد الله لنا يد العون. ورغم أنني لا أقف هنا سوى ساعة واحدة يوميًا، فإن السعادة التي أشعر بها هنا تفوق سعادتي بأي
مال يمكنني جنيه من متجري».
أما بالنسبة لكيف واتته الفكرة، قال موكاتي: «هناك الكثير من الفقراء والمحتاجين بالمدينة، خاصة أن المزارعين يواجهون أوقاتًا صعبة. وقد انتقل المزارعون وغيرهم إلى مدينتنا، بينما تمثل فرص العمل مشكلة كبيرة. أيضًا، أصبح الطعام مشكلة كبيرة، في وقت هناك عائل واحد يتعين عليه أحيانًا إطعام من 6 إلى 10 أفراد. لذا أسسنا مصرف روتي لإنقاذ مثل هؤلاء الأفراد الذين يفضلون الجوع على التسول من الآخرين».
يفتح المصرف أبوابه من الـ11 صباحًا حتى الـ11 مساءً، وبمقدور المتبرعين التبرع لأكثر من مرة باليوم الواحد. وشدد موكاتي على أن ما يزيد على ثلث المتبرعين والمستفيدين من غير المسلمين.
والملاحظ أن عضوية المصرف في تزايد، ومن وقت لآخر ترد لحظات تصبح فيها الودائع أكبر من المتوقع. كما بدأ منظمو حفلات الزواج في التبرع بالطعام المتبقي لديهم، حسبما أوضح موكاتي.
وقد تقدم موكاتي بمناشدات إلى المطاعم والفنادق وغيرها للتبرع بالمتبقي لديهم من طعام. وعن هذا، قال: إن هذا يضمن عدم «وجود أي إهدار» في الطعام داخل المدينة التي يبلغ عدد سكانها 1.17 مليون نسمة، يمثل المسلمون منهم قرابة 31 في المائة.
وقال موكاتي إنه في الوقت الذي يزخر «مصرف روتي» بتبرعات الطعام، فقد لاحظ أن الكثير من الفقراء الذين يفدون إليه يفتقرون إلى الملابس المناسبة. وأضاف: «في الواقع، لاحظت أن البعض ممن يفدون إلينا، خاصة من كبار السن والأطفال، ترتعش أجسادهم من البرد بسبب ملابسهم الممزقة أو عدم ارتدائهم ملابس كافية. وعليه، شرع في تأسيس مصرف جديد لتوفير الملابس بالتعاون مع متطوعين آخرين».
واستطرد بأن: «الشرط الوحيد لنا ألا تكون الملابس ممزقة أو مهترئة بحيث يمكننا التبرع بها مباشرة إلى الفقراء. وقد اندهشت بحصولي في غضون يومين على 600 طقم كامل من الملابس. وعليه، افتتحنا مصرف كابدا في اليوم الوطني للجمهورية».
من جانبهما، قدمت سافيتا ورابيا إلى مصرف الملابس للحصول على بعض الملابس. وبالفعل، حصلت سافيتا على بيجامة وساري. وقالت: «إنها خدمة رائعة تمكن الفقراء أمثالنا من ارتداء ملابس مناسبة. إننا ممتنون بشدة للقائمين على هذا الأمر».
داخل المصرف، يجري تفحص الملابس بدقة لاكتشاف أي تمزقات أو أزرار مفقودة، ثم يجري إرسالها لخدمة التنظيف والكي، ثم يجري فصلها حسب النوع والحجم، قبل تقديمها للمستفيدين في أكياس بلاستيكية».
ويتفحص موكاتي وفريق المتطوعين المعاونين له «البطاقات الصفراء» التي تشير إلى أن حاملها يعيش تحت خط الفقر. ويجري تسليم الفقراء الملابس بعد تدوين أسمائهم وعناوينهم. وشرح موكاتي أن: «هذا يهدف لضمان عدم مجيء نفس الأفراد أكثر من مرة لطلب ملابس، بحيث نتمكن من خدمة مجموعة واسعة من المحتاجين. إننا نرغب في أن يرتدوا الملابس ويستغلوها، وليس أن يتخلوا عنها أو حتى بيعها بثمن زهيد. إننا نود أن يبدو كل شخص بمظهر لائق وملابس جيدة».
والآن، يجري تشجيع الأفراد على التبرع بما يفيض عن حاجتهم من أحذية وأغطية أسرة ووسائد وما إلى غير ذلك لتقديمه للفقراء عبر «مصرف كابدا».
جدير بالذكر أنه إلى جنب كل من «مصرف روتي» و«مصرف كابدا»، يتولى موكاتي وزوجته، كوثر، جمعية خيرية تحمل اسم «مركز هارون موكاتي الإسلامي» الرامي لدعم المرأة. ويتولى المركز تدريب 2000 فتاة بمجال تصميم الملابس وعلوم الكومبيوتر.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.