معركة بين أوباما والجمهوريين حول مسألة تعيين خلف لقاض في المحكمة العليا

ترامب وبوش يتبادلان الاتهامات في منافسة كلامية

معركة بين أوباما والجمهوريين حول مسألة تعيين خلف لقاض في المحكمة العليا
TT

معركة بين أوباما والجمهوريين حول مسألة تعيين خلف لقاض في المحكمة العليا

معركة بين أوباما والجمهوريين حول مسألة تعيين خلف لقاض في المحكمة العليا

أدت وفاة قاض محافظ في المحكمة العليا الأميركية أنتونين سكاليا، أول من أمس، إلى معركة بين الرئيس الديمقراطي باراك أوباما والكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون حول مسألة تعيين خلف له.
وأمر أوباما بتنكيس الأعلام في كل البلاد حتى نهاية مراسم دفن القاضي سكاليا، 79 عاما، ودعا المرشحون لنيل بطاقة الترشيح الجمهورية إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، مجلس الشيوخ لعرقلة تعيين أي قاض يختاره أوباما لخلافة عضو المحكمة العليا سكاليا.
وخلال المناظرة التلفزيونية التاسعة بين المرشحين الجمهوريين، قال متصدر السباق دونالد ترامب»: «لو كنت رئيسا اليوم لرغبت حتما في تعيين قاض في المحكمة العليا، وبصراحة أنا واثق من أن الرئيس أوباما سيحاول فعل ذلك»، وأضاف: «آمل أن يتمكن مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية الجمهورية في المجلس، والمجموعة بأكملها، من القيام بأمر ما لتأخير هذا الأمر».
وبدأت المناظرة بدقيقة صمت حدادا على القاضي الراحل الذي يعتبره المحافظون بطلهم بلا منازع بسبب تفسيره الحرفي للدستور. وجرت المناظرة في غرينفيل بكارولاينا الجنوبية، الولاية التي ستشهد في 20 فبراير (شباط) الحالي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، في حين سينظم الحزب الديمقراطي انتخاباته التمهيدية في هذه الولاية بعد أسبوع من ذلك.
بدوره قال السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو إن «هذه المسألة تذكرنا إلى أي درجة هذه الانتخابات مهمة»، مضيفا أن «واحد منا نحن الموجودين على هذه المنصة ستكون مهمته إكمال المحكمة العليا، وهذا الأمر سيبدأ بتعيين قاض في هذا المقعد الشاغر، وعلينا أن نعين شخصا يدرك جيدا أن الدستور ليس وثيقة تتغير».
وفي السياق نفسه قال السناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، اليميني المتدين: «نحن أمام محكمة عليا ينقص عضو في هيئتها وهي على وشك إلغاء كل القيود المفروضة من قبل الولايات على الإجهاض»، وأضاف كروز: «يجب على مجلس الشيوخ أن يقف ويقول إننا لن نتخلى عن المحكمة العليا لجيل بأكمله عبر السماح لباراك أوباما بتعيين قاض آخر يساري فيها».
وانعكست وفاة القاضي سكاليا، الذي عين قبل ثلاثين عاما في عهد الرئيس رونالد ريغان، على الحملة المحتدمة للانتخابات الرئاسية. ويذكر أن المحكمة العليا، الهيئة القضائية العليا في الولايات المتحدة، هي من عمادات المؤسسات الأميركية مع السلطة التنفيذية والكونغرس، وهي تتآلف من تسعة قضاة يعينون مدى الحياة ويميل ميزان القوى فيها حاليا لصالح المحافظين (خمسة قضاة مقابل أربعة قضاة يعتبرون تقدميين).
وفي السنوات الأخيرة كان للمحكمة العليا دور أساسي في الحياة السياسية في الولايات المتحدة، ولا سيما حين أمرت في عام 2000 بوقف إعادة فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية في ولاية فلوريدا، مما جعل الفوز بالبيت الأبيض من نصيب جورج بوش الابن.
وبعد بضع ساعات على إعلان مسؤولين جمهوريين وفاة القاضي «في نومه» في تكساس، أشاد الرئيس أوباما بـ«رجل مميز» و«قانوني لامع... كرس حياته لدولة القانون، المدماك الأساسي في ديمقراطيتنا»، معلنا «أعتزم تحمل مسؤولياتي الدستورية بتعيين خلف في الوقت المحدد». وحذر: «سآخذ كل وقتي للقيام بذلك، ولمجلس الشيوخ أن يتحمل مسؤولياته بالاستماع إلى هذا الشخص كما ينبغي والتصويت على تعيينه ضمن المهل».
وتنذر عملية تعيين قاض جديد وتثبيته بكثير من الصعوبات قبل أقل من عام على انتهاء ولاية الرئيس الديمقراطي، في مواجهة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. وطبقا للدستور، فإن مسؤولية اختيار أعضاء المحكمة العليا تقع على عاتق الرئيس، في حين تعود لمجلس الشيوخ صلاحية المصادقة على هذا التعيين أو رفضه.
ودعا جميع المرشحين لتمثيل الحزب الجمهوري في السباق إلى البيت الأبيض، في مناظرة تلفزيونية مساء السبت، مجلس الشيوخ إلى عرقلة أي تعيين يقدم عليه أوباما لقاض جديد في المحكمة العليا.
ومن جانب آخر، أصبحت نبرة المنافسة المريرة بالفعل للفوز بترشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية أكثر حدة وباتت الهجمات شخصية بدرجة أكبر في أحدث مواجهة.
واشتبك بوش وكروز في معارك كلامية مع ترامب، وظهرت ألفاظ مثل «كذاب» و«شرير»، وأصبحت المعارك الكلامية ساخنة إلى حد أن أعرب رفيقهم المرشح، جون كاسيش، حاكم ولاية أوهايو، بأن «هذا مجرد جنون».
وانتقل السبق على الترشح، بعد الجولتين الأوليتين في ولايتي آيوا ونيوهمبشاير، إلى ولاية كارولينا الجنوبية التي ستشهد في العشرين من الشهر الحالي انتخابات أولية لاختيار المرشحين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.