«بيت الشعر المغربي» يسلم جائزة «الأركانة» للشاعر الألماني فولكر براون

قال إن وظيفة الشعر ستظل هي التفكير في السلام

الشاعر الألماني فولكر براون أثناء تتويجه بجائزة «الأركانة العالمية للشعر» في الدار البيضاء (تصوير: محمد محيمدات)
الشاعر الألماني فولكر براون أثناء تتويجه بجائزة «الأركانة العالمية للشعر» في الدار البيضاء (تصوير: محمد محيمدات)
TT

«بيت الشعر المغربي» يسلم جائزة «الأركانة» للشاعر الألماني فولكر براون

الشاعر الألماني فولكر براون أثناء تتويجه بجائزة «الأركانة العالمية للشعر» في الدار البيضاء (تصوير: محمد محيمدات)
الشاعر الألماني فولكر براون أثناء تتويجه بجائزة «الأركانة العالمية للشعر» في الدار البيضاء (تصوير: محمد محيمدات)

في احتفالية شعرية وفنية متميزة احتضنتها قاعة عبد الهادي التازي في المعرض الدولي الثاني والعشرين للنشر والكتاب في الدار البيضاء، قدم الشاعر نجيب خداري رئيس «بيت الشعر المغربي» مساء أول من أمس، جائزة «الأركانة العالمية للشعر» في دورتها العاشرة، للشاعر الألماني فولكر براون، الذي ظل وفيا على مدى نصف قرن لجوهر الشعر بكتابة قصيدة تنعتق من أشكال التقليد من دون أن تتنكر لروح التراث الشعري أو تنجر وراء حداثة مبتورة.
واعتبر خداري أن الجائزة تلامس أفقا شعريا آخر هو الأفق الألماني الذي يمثل إحدى أكثر تجارب الشعر الإنسانية قوة وتأثيرا في الثقافة الحديثة والمعاصرة، مؤكدا أن براون استحق أن يكون بجدارة سليل الكبار من شعراء أمته، كما استحق أن يحظى بمختلف أشكال تكريمها الذي نسهم فيه بأركانة المغرب تقديرا له وتمجيدا للعطاء الثقافي الألماني الباذخ من خلاله، وقال خداري عنه «إنه شاعر النحت العميق في المعنى واللغة وشاعر الدقة والصعوبة بامتياز تتصادى في تجاربه الإبداعية مرجعيات وأصوات وخبرات غزيرة». كما عبر براون عن افتخاره بالتتويج، وقال: «إنني مغمور بالفرحة بهذه الجائزة»، مشددا على أن الشعر لغة عالمية ولغة معاصرة حية ومتواصلة بين كل الشعوب رغم اختلاف اللغات، حيث يرى أن الشعر لا يذعن لأي لغة كائنة ما كانت، ففي هذا الشعر تلتقي مفاهيم الحرية من أجل صياغة صيرورة أخرى للعالم، ستظل وظيفة الشعر هي التفكير في السلام من دون أن ننسى أن ديوان هذا الشعر يختزن بين طياته أنفاس الشعوب، شهقاتها وزفراتها أيضًا.
يشار إلى أن حفل تسليم جائزة الأركانة، تميز بحضور وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو، إلى جانب نخبة من المثقفين والأدباء، وعرف الحفل إلقاء براون لمجموعة من قصائده الشعرية.
وتكونت لجنة تحكيم الجائزة التي تمنح بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة، من الشاعر رشيد المومني (رئيسا)، والناقد عبد الرحمن طنكول، والشاعر حسن نجمي، والشاعر نجيب خداري، والشاعر محمد بودويك، والناقد خالد بلقاسم، والشاعر محمد أهروبا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».